تعاليق

بين الوقفين

كاظم فنجان الحمامي

بداية لابد من التنوية الى علاقتي المتشنجة منذ زمن بعيد مع الوقفين السني والشيعي، فخلافاتي معروفة معهما، لكنني أوجه كلامي هذه المرة إلى الوقف السني الذي أنزل عقوباته التعسفية المتشددة بحق الشيخ (عداي الغريري) دونما ذنب، وبذريعة الدفاع عن قدسية منبر الجمعة، ونبذ الخطاب المتطرف، والعمل بمنهج الاعتدال والوسطية، وبذريعة انه لا يمتلك حتى الآن قرارا من المجلس العلمي يؤهله للخطابة، وبذريعة انه وقع في الخطأ أكثر من مرة. فهل محاربته للجشع والفساد المستشري في عموم البلاد هو الذي أوقعه في الخطأ ؟، أم لأنه أثار حماس الناس ضد الفاشلين والمهملين والمقصرين فوقع في الخطأ ؟، أم لأنه استعرض تداعيات الفقر في بلد واسع الثراء فعصفت به الأقدار نحو الأسوأ ما اضطر الناس لبيع أولادهم على قارعة الطريق فوقع في الخطأ ؟، ما الذي تريدونه من خطيب مسلح بالغيرة والوطنية والعفوية والرجولة والشهامة ؟، وهل صارت الخطابة خاضعة للمعايير القياسية الاكاديمية في عصر الفوضى والانفلات الذي ضاعت فيه المعايير ؟، المؤسف له ان البلدان العربية دأبت هذه الأيام على تقنين مفردات الخطابة فوضعتها في قوالب نمطية معلبة وجاهزة، ثم اختارت العبارات المتناغمة مع توجهات السلطات الحاكمة والداعمة لها. .
قبل بضعة ايام سمعت خطابا للمهرج أحمد القبانجي يشكك فيه بالقرآن المجيد من دون ان يعترض عليه الوقف الشيعي بكلمة واحدة، وسمعت شيخا من جمهورية مصر العربية، يعمل في مساجد استراليا يجيز زواج المثليين من دون ان يعترض عليه الأزهر الشريف. ومن دون ان يوبخه أحد أو يبصق في وجهه. بينما نرى العقوبات تنهال فوق رأس صديق الفقراء، ونصير المرضى والمستضعفين، والمطالب بحقوق اليتامى والأرامل، الذي اتسعت شعبيته في عموم العراق من الفاو الى زاخو.
نحن في أمس الحاجة الآن لرجل بثقافة الشيخ عداي وحماسته ورجولته وجرأته. رجل لا يهاب الفاشلين، ولا يحترم المقصرين، ولا يجامل المحتالين. واعلموا ان التقوى (كلمة)، فالكلمة فرقان بين نبي وبغى، بالكلمة تنكشف الغمة، الكلمة نور، ودليل تتبعه الأمة، سيدنا عيسى ما كان سوى كلمة، أَضاء الدنيا بالكلمات، وعلمها للصيادين، فساروا يهدون العالم، الكلمة زلزلت الظالم، الكلمة حصن الحرية، إن الكلمة مسؤولية، فالخطيب هو الكلمة، شرف الخطيب هو الكلمة. . الكلمة صوت الحق، فلا تكونوا سببا في اخماد الاصوات المطالبة بالحرية والانعتاق والخروج من الذل والهوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى