” المال هو كل شىء ” بهذه الكلمات القليلة التي ذُكرت على لسان أحد أبطال الفيلم تُعبر عن القضية التي يناقشها الفيلم، قضية الفيلم ليست قضية عادية، بل هي قضية البشرية بأكملها، تلك الرائعة الخالدة في تاريخ السينما العالمية التي تُجسد الشر بداخل البشر، وهل بالفعل على هذه الأرض لا يعيش سوى الأشرار؟ قبل أن نُجيب على هذا التساؤل لنطرح نبذة مختصرة عن هذا الفيلم العظيم.
تدور أحداث فيلم No country for old men عن صياد يحيا حياة هادئة هو وزوجته، لكن أثناء خروجه في رحلة صيد عبر الصحراء يراقب بشغف عصابتين اختلافتا على أمر من الأمور فدارات بينهما معركة شرسة أدت إلى مقتل جميع أفرادهما، وتركا وراءهما حقيبة تمتلىء بالمال وأخرى بالمخدرات وتتصاعد الأحداث
لقد أبدع الأخوان كوين في إخراج هذا الفيلم كعادتهما، وأجبرا الجميع في النهاية على الإشادة بهذا الفيلم العظيم الذي وُضع في مصاف الأفلام الخالدة على مر التاريخ، أما بالنسبة لأداء الممثلين في الفيلم فحدث ولا حرج، فلقد جاء التمثيل على قدر المساواة مع الإخراج وقدم ” تومي لي جونز ” وكذلك ” خافيير بارديم ” و “جوش برولين ” أدوارهم بحرفية عالية جداً، بل إنهم منحوا دروساً في التمثيل عن أدائهم الأكثر من رائع، ولا يمكن أن نغفل الحوار
فيلم No country for old men واحد من أفضل أفلام الدراما والجريمة في تاريخ السينما. سواء على مستوى القصة أو الإخراج أو التمثيل القوي الذي تمتع به الفيلم.
يشكل الفيلم رؤية شديدة التشاؤم و السوداوية للعالم المحيط بنا , و يظهر ذلك بجلاء في عنوان الفيلم , حيث يرمز ” الرجال المسنون ” فيه إلى الأشخاص الطيبين من صميم قلوبهم و الذين أصبحوا نادرين مع مرور الأيام , و إن وجد أولئك فإن قوى الشر قادرة على سحقهم بسهولة , و لذا نراهم يغرقون في الإحباط و يحنون لأيام الماضي الجميلة عندما كانت الإنسانية صاحية في أرواح الناس بشكل عام .
جدير بالذكر أن الفيلم مقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم للكاتب الأميركي Cormac McCarthy , و إن كانت النصوص الروائية تحفل بقدر كبير من الذاتية , فإن الفيلم يحافظ على هذه الخاصية و ينقلها للشاشة الكبيرة بأمانة , تاركا ً مساحة كبيرة أمام المشاهد للتحليل وفق رؤيته الخاصة و منظومة قيمه و معتقداته الشخصية .
