شيخ المدرسة الطاهرية يواصل زيارته إلى بلاد شنقيط
يواصل الخليفة العام للمدارس الطاهرية بالجزائر، فضيلة الشيخ مولاي عبد الله الطاهري والوفد المرافق له زيارته بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، هذا بمناسبة مشاركته بأشغال المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم الذي دارت أِشغاله نهاية الأسبوع الفارط حول محور (القارة الإفريقية:واجب الحوار وراهنية المصالحات (،بمشاركة عشرات العلماء والشيوخ والمفكرين والباحثين، وممثلي هيئات المجتمع المدني، والفعاليات الشبابية والنسائية، من مختلف دول القارة الإفريقية والعالم.
وبعد اختتام فعاليات المؤتمر، أين قدم الشيخ الطاهري فيه مداخلة علمية بعنوان: “المعاني الروحية لثقافة الحوار والصلح، وسبل ترسيخها في النفوس”، تطرق فيها مفخرة الجزائر والإقليم إلى أبعاد الحوار والصلح كقيم روحية في بناء المجتمعات، إضافة إلى دور ثقافة الحوار في مواجهة التحديات الراهنة، مستنبطا في ذلك آليات ترسيخ هذه القيم في النفوس لتعزيز السلم والاستقرار، كما حظي الشيخ والوفد المرافق له بعدة لقاءات سواء بمقر إقامته أو من خلال تنقلاته وزياراته على غرار لقائه بمقر إقامته بالمنسق العام للشرفاء العلويين ولجنة الحكماء السيد أحمدُو ولد البح، والأستاذ الأديب والشاعر الأريب المختار اشبيه ولد أبوه اليعقوبي الموسوي، ومن ثم ضيفا عند خير أبناء قبيلة ابي السباع سيدي محمد ولد غدة في بيته العامر، وهو لقاء محبة وإخاء، يقول نجل ومرافق الشيخ )مولاي الطاهر (إجتمع فيه الشرف والمجد والسؤدد، فامتدت موائد الجود بما لذ وطاب، وانهمرت درر الفوائد من أهل الفضل والكرم. ولم يكن ذلك غريباً على رجلٍ نشأ وترعرع في مدرسة السخاء، فبيت آل غدة بيت الضيافة والسيادة، ومجالسهم منابر العلم والمكارم.
كما كانت للشيخ الطاهري زيارة لمتحف الأوقية، الذي أنشأه الفقيه امبريك السباعي، أين وقف رفقة مرافقيه على تحف نادرة وعملات عالمية، مستحضرا مرحلة هامة من تاريخ موريتانيا، حين قررت سنة 1972 إنشاء عملتها الوطنية “الأوقية”، وذلك بسرية تامة وبالتنسيق مع الجزائر، أين أطلع القائمون على المتحف على الشيخ، جملة من المواقف التاريخية بين البلدين الشقيقين الجزائر و موريتانيا، وهي ومما لا شك فيه مواقف تجسد الأخوة العميقة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين.
وفي بداية هذا الأسبوع تنقل الشيخ الطاهري وطلبته الوافدين من الجزائر، بزيارة عالم الأمة، ومجدِّد العصر، العلامة محمد الحسن أحمد الخديم في محضرة التيسير نواحي تگنت، فكان الموقف مشهدا من مشاهد الوفاء، حيث التقت القلوب على حب العلم وأهله، والتقت الأرواح في معراج الصدق والإخلاص، والتقت العقول في محراب الحكمة والمعرفة، بعد زيارة الشيخ المجدد محمد الحسن الخديم، كان الموعد مع لقاء آخر من لقاءات النور والولاية، مع علم من أعلام الأمة، وأحد أساطينها، العالم العامل، الزاهد الورع، الصوفي العابد، صاحب التآليف العديدة والمصنفات المفيدة، سليل الأولياء والعلماء، الشيخ محنض بابَ ولد امَّين، عالم تجسدت فيه معاني الولاية، يستسقي الناس بدعائه، ويستشفون بكلماته، وكم شفي بنفثاته من عيي الداء. لكنه، مع هذا كله، قد طلّق الدنيا ثلاثًا، وهيأ نفسه للقاء الله منذ زمن طويل، لا يعرف سوى التزود للآخرة، وسلوك سبيل السادة الملامتية، فلم يضيع لحظة إلا في ما يقربه إلى الله، كما تنقل الوفد الجزائري إلى محظرة النباغية العامرة، حيث النفحات القدسية تمتزج بأنوار العلم، كان لنا شرف زيارة هذا الصرح العريق، الذي يُعد منارة سامقة في سماء المعارف، ومجمعًا لأهل الفضل والتحقيق، فقد تأسس في منتصف سبعينيات القرن الماضي في قرية النباغية بولاية اترارزة جنوب موريتانيا، وظل منذ ذلك الحين قبلة لطالبي العلم، يحفون بأعتابه كما تحف الفراشات بمصابيح الهداية.
وفي ذات المناسبة والرحلة الايمانية لبلاد شنقيط، قام علامة الجزائر مولاي عبد الله الطاهري بزيارة سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن بيه، حفظهما الله وبارك في عمرهما، في بيته العامر بكرم العلماء ووقار أهل الفضل، وقد كان اللقاء فرصة للتذاكر في سير العلماء وتاريخ العلم وأهله، حيث تحدث الشيخ ابن بيه عن بعض علماء توات الذين اشتهروا بالعلم والورع، كما أشار إلى تواجد بعض الأشراف التواتيين في موريتانيا، ومنهم أولاد الرقاني وأولاد السيحمو بلحاج، الذين لا تزال أسرهم معروفة بعلمها وجذورها العريقة في بلاد توات.
وفي لفتة كريمة تدل على مكانته العلمية وحرصه على نشر المعرفة، أهدى الشيخ ابن بيه للشيخ الطاهري مجموعة من مؤلفاته القيمة، كان من بينها كتاب أمالي الدلالات وكتاب الطريقة الشاذلية الغظفية، ما يعكس اهتمامه بالعلم الشرعي وأصول التصوف السني، كما التمس منه الدعاء، في إشارة إلى التقدير المتبادل بين أهل العلم والتصوف، حيث تلتقي عظمة العلم بصفاء الروح.
زيارة شيخ الجزائر العلامة مولاي عبد الله طاهري السباعي التواتي الجزائري، لبلاد شنقيط، ومشاركته في المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، تعد ترجمة فعلية واقعية للدبلوماسية الجزائرية في شقها الروحي الوجداني، كما كانت مداخلة الشيخ في ذات المؤتمر تشريف للجزائر،عندما أشاد بدورها الريادي في تعزيز قيم السلم والحوار، مبرزًا جهودها التاريخية في إصلاح ذات البين وحل النزاعات على المستويين الإقليمي والدولي، كما خص بالذكر القيادة الحكيمة لفخامة الرئيس عبد المجيد تبون، حفظه الله، الذي جعل من السلم والمصالحة الوطنية مرتكزًا لتحقيق الوحدة والاستقرار، ليس فقط داخل الجزائر، بل في القارة الأفريقية.
عماره بن عبد الله