سيّدنا الصّدّيق أقوى أسيادنا صحابة رسول الله
سيّدنا الصّدّيق القوي وأقوى من أسيادنا عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والجميع – معمر حبار
مقدمة الصّديق:
تعقيبا على منشوري[1]، وممّا جاء فيه وفي النقطه 22، وبالحرف: “أخطأ طه حسين[2] -وغيره- في الفصل الخامس، حين زعم أنّ سيّدنا عمر بن الخطاب أقوى، وسيّدنا الصّدّيق رقيق. والحقيقة أنّ سيّدنا الصّدّيق أقوى من أسيادنا عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وجميع أسيادنا الصحابة. وسيّدتنا عائشة قويّة كأبيها الصّدّيق، وليس كما زعم طه حسين أنّها “لم تكن رقيقة كأبيها، وإنما كانت شديدة كعمر”.
عقّب صديقنا العراقي الكريم Mustafa Alaumari، وبالحرف: “المؤرخون الحقيقيون يقدمون الرأي و يتبعونه بالأدلة و المصادر. أما انت يا صديقي قدمت رأيك المشحون بالعاطفة ولم تدلل عليه برأي ولا مصدر. وعندما اكتشفتُ انك لازلت حديث عهد بقراءة الكتاب و ربما لازلت تقرأه أدركت الخلل. طه حسين انتقده الشيعة و السنة على هذا الكتاب لإنه عالج فيه بعض علل التأريخ المستشرية حتى ان احدى الرسائل التي وصلته يقول فيها صاحبها ( لقد أعمى الله بصيرتك كما أعمى بصرك) كما يذكر ذلك صاحب كتاب كنت مع العميد. أرجوك لا تتسرع بالنقد و الاحكام الحانقة.”
الأستاذ عباس محمود العقاد الذي يقف معنا:
حين كتب القارىء المتتبّع هذه الأسطر، لم يكن يتذكّر أنّه قرأ كتاب “عائشة الصديقة بنت الصديق[3]”، لعباس محمود العقاد، وكتب بشأنها مقال حتّى وجد تطابقا بين ماكتبناه بشأن قوّة سيدنا الصّدّيق، وما كتبه من قبل الأستاذ عباس محمود العقاد، رحمة الله ورضوان الله عليه، ومنه:
وفي الفصل المعنون بـ “عائشة”، صفحات 31- 43، يقول: كانت موفورة النشاط كأبيها وكانت حادة الطباع كأبيها، لكن لم تلازمها الحدة كما لازمت أباها لحاجة إليها في سياسة الناس. وقد كانت بنت أبيها في أكثر من خصلة واحدة.
وفي الفصل المعنون بـ “في السياسة العامة”، صفحات 71- 88، يقول: رفضت أمنا عائشة بعد التحاق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالرفيق الأعلى أن تعيش الفراغ، لأنها كانت لها حدة نفس ورفعة مكانة لا تقبل الفراغ.
مظاهر قوّة سيّدنا الصّدّيق، رحمة الله ورضوان الله:
تمثّلت مظاهر قوّة سيّدنا الصّدّيق، رحمة الله ورضوان الله عليه في المواقف التّالية:
سيّدنا الصّدّيق: الصّدّيق في الجاهلية، والقوي حين أسلم:
“وكان يلقّب بالصّديق في الجاهلية لما عرف عنه من الصدق”. 12، و”لم يشرب أبو بكر الخمر في الجاهلية، ولم يسجد لصنم قطّ[4]”. 17
كان الأوّل من أسلم دون سؤال،. وسبق أن قلت: لو أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين جاء من الغار بعد نزول الوحي عليه مباشرة إلى سيّدنا الصّدّيق، لأسلم سيّدنا الصّدّيق قبل سيّدتنا أمّنا خديجة بنت خويلد، رحمة الله ورضوان الله عليها.
سيّدنا الصّدّيق القوي حين واجه كفار قريش بإيمانه بالإسراء، والمعراج ولم يحدّثه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بذلك
ظهرت قوّة الصّدّيق حين سأله كفار قريش وهم يريدون الاستهزاء، والحطّ من سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فأجابهم إجابة الواثق الصّادق القوي: أن نعم أسري بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ولم يكن حينها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قد أخبره بالإسراء والمعراج، ولم يكن قد التقى معه، ولم يكن أبدا قد سمع عن الإسراء والمعراج. وقال بلسان القويّ الصّادق: أصدّقه في خبر السّماء، أفلا أصدّقه في الإسراء والمعراج.
سيّدنا الصّدّيق القوي أثناء الهجرة:
وفي الهجرة التي ظلّ ينتظرها، ويعدّ لها العدّة، ويترجى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يكون صاحبه، فاستجيب له لصدقه. واختاره سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم للهجرة لقوّته، وأمانته، وصدقه. وأنفق ماله كلّه، وعرّض حياة ابنتيه، وابنه، وعائلته للإبادة ولم يخف، ولم يتراجع. مايدلّ أنّه القوي. والمسافة بين مكّة والمدينة هي 438 كلم، ولم تكن سياحة بل تعب، وتهديد في الرّوح، والموت يترصّده من كلّ جانب، واختيار أصعب الطّرق أي أطول وأخطرها، والجوع، والعطش، ووحوش الإنس والحيوانات.
وفي الغار: “إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” التوبة – الآية 40.
سيّدنا الصّدّيق القوي أثناء التحاق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالرّفيق الأعلى:
وفي موقفه الصلب القوي حين التحق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالرّفيق الأعلى، حين اهتزّ أسيادنا الصحابة وعلى رأسهم سيّدنا عمر بن الخطاب. وظهر حينها سيّدنا عمر بن الخطاب رقيقا، وظهر سيّدنا الصّدّيق قويا صلبا. وقال بقوّة، وصلابة لارجعة فيها: من كان يعبد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد التحق بالرّفيق الأعلى، ومن كان يعبد الله تعالى فإنّ الله تعالى حيّ لايموت.
سيّدنا الصّدّيق القوي أثناء إصراره على بقاء سيّدنا أسامة قائدا للجيش:
وظهر سيّدنا الصّدّيق قويا حين أصرّ وبقوّة وصلابة على الإبقاء على قيادة سيّدنا أسامة للجيش لمحاربة الروم. وقد خالفه أسيادنا الصّحابة، وطلبوا منه أن يتراجع عن قراره لأنّ سيّدنا أسامة صغير حدث السّنّ ولا يعقل -في نظرهم- أن يقود كبار أسيادنا الصحابة كعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وكبار القادة العسكريين كأسيادنا خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، والقعقاع وغيرهم كثير. ورغم ذلك أصرّ سيّدنا الصّدّيق على إرسال الجيش، والإبقاء على القيادة العسكرية بيد الفتى وعلى رأس كبار قادة الجيش.
ظهرت قوّته في أنّه هو الذي قاد فرس سيّدنا أسامة بن زيد، واستأذنه في أن يترك بعض الصحابة معه كمستشارين وهو رئيس الدولة، والقائد الأعلى للقوات المسلّحة، ومع شاب حديث السّنّ.
سيّدنا الصّدّيق القوي أثناء محاربته لمن منع الزّكاة ولو صام، وحج:
وكان سيّدنا الصّدّيق قويا وهو يصرّ وبقوّة على محاربة مانعو الزّكاة، وجهّز لهم الجيوش، وجعل على رأس الجيوش كبار القادة العسكريين ولم يتراجع، ولم يستسلم لكبار الصحابة الذين طلبوا منه أن لايحاربهم، وأن يتراجع عن محاربتهم، وقال: سأظلّ أحارب من يفرّق بين الصّلاة، والزّكاة. وقال بقوّة: ” والله لو منعوني عقال بعير كانوا يقدّمونه لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لحاربتهم عليه”. وخاض حرب الردّة بقوّة لاترحم، ولا تراجع فيها.
سيّدنا الصّدّيق القوي حين رفض أن يعزل سيف الله المسلول، سيّدنا خالد بن الوليد:
وكان الصّدّيق قويا حين رفض وبقوّة رأي سيّدنا عمر بن الخطاب بعزل سيّدنا خالد بن الوليد سيف الله المسلول، وقال له: كيف أعزل سيفا سلّه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأبقاه على قيادة الجيش طيلة خلافته، وإلى أن جاء سيّدنا عمر بن الخطاب فعزله في أوّل قرار اتّخذه.
سيّدنا الصّدّيق القوي مع سيّدتنا فاطمة الزّهراء حين قال لها أسيادنا الأنبياء لايورثون
وكان سيّدنا الصّدّيق قويا حين رفض الاستجابة لطلب سيّدتنا فاطمة الزهراء بما تراه حقّها في فدك، فأخبرها وهو خليفة المسلمين أنّ أسيادنا الأنبياء لايورثون، وأنّ هذا ليس حقّك بل حقّ عامّة المسلمين، لأنّ ماتركه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لايعتبر ميراثا، بل هو ملك لعامة المسلمين. ووضع تحت تصرفها الخزينة العمومية إذا شاءت لأنّه ملك المسلمين ويعطى للمسلمين، ويفضّل أسيادنا آل البيت على غيرهم. ولا يقف هذا الموقف القوي إلاّ سيّدنا الصّدّيق.
سيّدنا الصّدّيق القوي حين وقف ضدّ ابنته سيّدتنا البكر الصّدّيقة بنت الصّديق أمّنا عائشة، في خيانة وجريمة الإفك:
وظهرت قوّة سيّدنا الصّدّيق في وقوفه إلى جنب صاحبه، وصهره سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ضدّ ابنته المدلّلة سيّدتنا البكر الصّدّيقة بنت الصّدّيق أمّنا عائشة في خيانة، وجريمة الإفك[5]. ولا يوجد في الدنيا من يقف ضدّ ابنته في مثل هذه الحالة إلاّ القويّ الصّدّيق.
سيّدنا الصّدّيق القوي حين رفض أن يولي ابنه الخلافة من بعده حتّى لايكون الحكم من بعده توريثا.
ورفض سيّدنا الصّدّيق بقوّة أن يولي ابنه الخلافة من بعده، وقد توفّرت فيه شروط الخلافة. ولو عيّنه كخليفة له لوافقه الجميع، والعرب لاترفش أن يولي الأب ابنه.
وهو يلاقي ربّه قال وهو القويّ: “انظروا ملاءتَيَّ هاتين، فإذا متُّ فاغسلوهما وكفّنوني فيهما، فإنَّ الحيّ أحوج إلى الميت إلى الجديد من الميّت[6]”.
من مظاهر قوّة الصّدّيق أنّه رجل مواقف، ولذلك لم يكن من المحدّثين رغم أنّه من أقرب النّاس إلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وطيلة مرحلة الشباب والشّباب.
سيّدنا الصّدّيق القوي حين رفض أن يتقدّم على حبيبه، وصاحبه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في إمامة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
كان قويا حين طلب منه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يبقى مكانه، ويصلي إماما بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فخاطب حبيبه صلى الله عليه وسلّم قائلا: “ماكان لأبي قحافة أن يتقدّم على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم[7]”.
سيّدنا الصّدّيق القوي وهو يبذل ماله كلّه:
بذل سيّدنا الصّدّيق ماله لعتق العبيد الفقراء الذين كانوا يعانون سياط قريش، ولم يكن ينتظر منهم شيئا. وصدق سيّدنا عمر بن الخطاب، حين قال: “أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا، يعني بلالاً”.
سيّدنا الصّدّيق القوي وهو يضع رجل سيّدنا بلال بن رباح ليصعد على ظهر الكعبة ليؤذّن يوم فتح مكّة:
وكان عظيما حين امتثل لأمر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بوضع رجل سيّدنا بلال فوقه ليصعد على ظهر الكعبة ليؤذّن، وهو من هو في القوّة، والعظمة، والنّصر، والفتح.
[1] #الفتنةالكبرىالجزءالثّانيلطه_حسين 2 [2] طه حسين: “الفتنة الكبرى، الجزء الثّاني، علي وبنوه”، الطبعة الثالثة عشرة، (دون ذكر سنة الطبع)، دار المعارف، القاهرة، مصر، من 283 صفحة. [3] “عائشة الصديقة بنت الصديق”، لعباس محمود العقاد، الطبعة الأولى، دار الصحوة، القاهرة، مصر1437 هـ – 2016، من 98 صفحة. [4] خالد محمود خادم السروجي، الطبعة الأولى 1426-2005هـ، مكتبة ابن القيم، والدار الدمشقية، دمشق، سورية، من 112 صفحة، [5] مهنّا الحبيل “فكر السّيرة” ، دار المشرق، القاهرة، مصر، 2017، من 270 صفحة. ومقالنا: “عظمة سيّدنا الصّديق من خلال حادثة الإفك”، وبتاريخ: الأحد27 محرم 1440 هـ الموافق لـ 7 أكتوبر 2018. [6] عبد المالك واضح: “أبو بكر الصديق، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسل”، كليك للنشر، الجزائر، الطبعة الأولى، 2009، من 96 صفحة. [7] مقالنا بعنوان: أدب أسيادنا الصّديق وعلي بن أبي طالب – معمر حبار. وبتاريخ: الجمعة 11 جمادى الثانية 1443هـ، الموافق لـ: 14 جانفي 2022—
الشلف – الجزائر
معمر حبار