ثقافة

من مذكرات فتاة تونسية

قرار من مذكرات فتاة تونسية للكاتبة نزهة المثلوثي

“من مذكرات فتاة تونسية”

دون تردد اتخذت قراري جمعت أدواتي حملت محفظتي ..ورفعت يدي في حركة استئذان للخروج و أنا أنظر إليها دون كلام كأني قد بلعت لساني ..
و حثثت الخطى و ما إن عبرت مدخل القاعة حتى لاحقتني ذبذبات صوتها الحانق الغاضب
“- باهي ياسر لمت دبشها و هزّت ساكها و خرجت ملّا فوضى ملّا حالة …ردّوا بالكم هذيك بش نعديها على مجلس التّربية… و تو تشوفو اش بش يجرى لها…”

كانت تخاطبهم و لم ينبس أيّ منهم بكلمة واحدة فلقد تعوّدوا على الاستماع فأصبحوا و كأنّهم من فاقدي السمع … و بقي صدى صوتها و الذبذبات تتردّد في الأرجاء و في آخر ممرّ عبرته في حذر خوفا من القيّم العامّ حتى وصلت إلى ممرّ دورة المياه و تجاوزته إلى البهو الواسع المطلّ على حديقة المعهد فجريت نحو درّاجتي التي أحكمت غلق عجلتها إلى جذع شجرة فتحتها و سحبتها إلى الباب الكبير المفتوح حيث خاطبني الحارس مستفسرا
-” وين كنت؟ شبيك خرجت قبل الوقت ؟”

لم أجبه ركبت الدّرّاجة و انطلقت نحو المنزل غير مبالية بالرّيح و قطرات المطر التي بلّلت شعري و كان الألم يشتدّ مع كل دفعة للدرّاجة و يتضاعف مع كل هبّة للريح إلا أني تنفست الصّعداء إذ أنقذت نفسي ..بعد أن داهمتني العادة الشهرية بأعراضها مرّة ثانية ، فتهيأ لي أن أولاد الفصل سيرون ميدعتي بِبِقَع..و أن تلاميذ المعهد و القيّمين و الأساتذة سيعلمون ببلوغي… و سيشيرون إلى ميدعتي.. و سيعاقبني الجميع لأني كشفت أمرا خاصّا لا يجوز كشفه كما كانت تقول جدّتي لقد كانت محذّرة حريصة على ضرورة الاستعداد و إخفاء أثر العادة المصيبة لكل الفتيات و النساء .
نزهة المثلوثي تونس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى