أحوال عربيةأخبار العالم

سورية وتونس…موقف صامد أمام إختبار الزمن

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

بمفهوم الزمن والتاريخ والثقافة والحضارة يستمر التونسيون على موقفهم المبدئي من علاقة بلادهم مع شقيقتها سورية، خاصة أمام تعالي الأصوات المنادية بضرورة إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية ومعالجة هذا الملف الذي تسببت فيه الحكومة السابقة برئاسة حركة النهضة الإسلامية، كون إن كلا البلدين لهما وزنهما وأهميتهما في المنطقة العربية.

وبالفعل بعد 11 عاماً من القطيعة، عادت العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وتونس بقرار افتتاح سفارة سورية رسمياً في العاصمة تونس، في ضوء مبادرة أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد قبل أسابيع. وبالتالي فإن هذه المفاجآت التوسية ستحدث حالة من الإرتباك في اجتماعات منظومة أعداء سورية وربما تصيب المعارضة السورية المسلحة بحالة من الإحباط من النوع الثقيل، فضلاً عن قلق إسرائيلي من هذا التقارب الذي سيؤثر بشكل سلبي على سياستها في المنطقة.

في سياق متصل تدرك تونس جيداً أن موافقتها على القطيعة مع سورية كانت متسرعة ، وتنبع أهمية عودة العلاقات بين البلدين من أجل مكافحة الإرهاب، وكذلك المصالح المشتركة للشعبين كما تؤكد أن تونس يجب أن تقوم بدورها الوطني وأن تكون في صف سورية ضد الإرهاب لا شريكة في المؤامرة عليها، فتونس تشترك مع سورية في مواجهة التهديد الإرهابي باعتبارهما “في جبهة واحدة”٬ وأنه من مصلحة الحكومة التونسية التعاون مع الحكومة السورية في مقاومة الإرهاب ومراقبة شبكات إلتحاق التونسيين بالجماعات الإرهابية لاحتمال عودتهم لممارسة الإرهاب في تونس وتحصين أمن البلدين في مواجهته.

تونس الآن في أمس الحاجة للتعاون مع دمشق ويرجع ذلك الى أن سورية واحدة من أكبر الدول التي تتعاون تجارياً مع تونس، كما تمتلك تونس جالية كبيرة جدا من الطلبة السوريين في مجال الفنون والعلوم الإنسانية، بالإضافة الى الرغبة المشتركة لدى الدولتين في تنسيق مجالات مكافحة الإرهاب، وهناك حاجة ملحة لدى تونس لتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع سورية من أجل الحصول على معلومات بشأن ملف تسفير الشباب إلى بؤر الصراع، الذي تحاكم فيه قيادات حركة النهضة الإخوانية في الوقت الراهن، ومن هنا تدرك تونس خطورة اللعبة الطائفية والفكر التكفيري الصهيوني على أمن المنطقة وأمنها.

في هذا الخصوص كانت زيارة وزير الخارجية والمغتربين السوري لتونس ليؤكد مجدداً أهمية العلاقات المهمة التي تربط البلدين ورغم بعد المسافات، إلا أن هناك أواصر تاريخية وحضارية لا تكسرها أية مؤامرات مهما عظمت.

مجملاً…. إن إعادة العلاقات السورية التونسية تمثل في الظروف الحالية حاجة إستراتيجية للطرفين، والتنسيق بينهما سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن ومنطلقاً للتأسيس لحالة من الإستقرار في خضم المرحلة المضطربة حالياً، فاليوم، من الأهمية أن تكون لسورية حاضنة عربية داعمة لها في المغرب العربي وذلك في خضم حربها التي تخوضها لحماية محور المقاومة من أخطار الإرهاب وهناك التزام كبير من قبل تونس لدعم صمود سورية، وهي تقف اليوم مع سورية لفك الحصار الاقتصادي العنصري المفروض على الشعب السوري، ورغم بعد المسافات إلا أن الشعب التونسي تظل دائماً بوصلته هي المقاومة والتحرير أينما كانت.

وبالتالي إن تونس هي دوماً الأقرب إلى سورية، والأقدر على فهم ما يجري فيها، وأن الرسالة التونسية واضحة تماماً، وهي موجهة لكل من يهمهم الأمر، مفادها أن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين سورية وتونس قوية وخارج المساومات والصفقات، كما أن تونس مستمرة في تقديم الدعم لسورية وشعبها، وأنها تعي ما يُحاك ضدها وضد سورية.

وأختم مقالي بالقول: بدأ اليوم عصر جديد من التحالفات التي لن تقف هنا فقط، بل قد تغير مسارات وأزمات ومحاور إقليمية ظن البعض إنها قد لا تتبدل، وبالتالي إن كل هذه المعطيات تشير الى إن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كثيرة، خصوصاً بعد التمهيد لعودة سورية الى جامعة الدول العربية، ما يعني نتائج جديدة ربما تكون إيجابية لبعض دول الاقليم في المنطقة وعلى الأخص سورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى