الحدث الجزائري

سلوك المواطنة .. المفهوم والتطبيق

 
عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب
والفلسفة وعلم الاجتماع
الدعم التنظيمي
يعتبر الدعم التنظيمي من المفاهيم التي استحوذت القدر الكبير من الاهتمام لدى الباحثين في مجالات علـم الـنفس والإدارة .(Eisenberger et al., 2001)وقد عرف الباحثون الدعم التنظيمي من زوايا مختلفة حيث عرفه (Eisenberger,1986) بأنه “مدى تقدير المنظمة للعـاملين بها ومساهماتها بالاهتمام برفاهيتهم”. وقد رأى الباحثون ان الدعم التنظيمي يتمثل في توزيع العائدات من العمل (المكافئات) ضمن اطار من العدالة على العاملين كنوع من التعويض للجهود المبذولة لتحقيق اهداف المنظمة, حيث ان هذا يدل على اهتمـام المنظمة بما يساهم به العاملون وذلك يشمل المكافآت الماديـة كالأجور والحوافز بالإضافة الى ميزات اخرى الاجتماعية منها والعاطفية كإبداء الاحترام والدعم .(Eisenberger,1997) وقد اشار (Dawley,2008) الى ان العاملين يثمنون مكافآت العمل التي يحصلون عليها من المنظمة كتقدير لجهودهم بدلا من التأثر بقوى خارجية مثل النقابات ولوائح الصحة والسلامة.
تعتمد عملية الدعم التنظيمي على وجود علاقة تبادلية بين المنظمة والعاملين بها، بحيث تتفاعل وتتأثر وجهات نظر العاملين بمستوى تقـدير المنظمـة لإسـهاماتهم والعنايـة برفاهيتهم، وتتضمن هذه المعاملات عددا من الموضوعات المادية والشخصية كالصداقة والاحترام والمحبة، و النقـود والخـدمات والمعلومـات (Batson, 1993). وقد حدد الباحثون نوعين من أشكال التبادل الاجتماعي التي تتم داخل المنظمات هما:
– تبادل يحدث بين الفرد ورئيسه ويطلق عليه علاقة الفرد برئيـسه leader-member exchange)).
– التبادل الذي يحدث بين الفرد والمنظمة التي يعمل بها وهذا ما يـسمى إدراك الفـرد للدعم التنظيمي (Perceived Organizational Support) (حامد, 2003).
أهمية الدعم التنظيمي
يترتب على الدعم التنظيمي فوائد متبادلة بين العاملين والمنظمة ومن هذه الفوائد ما يلي:
1- يساعد الدعم التنظيمي في بناء الالتزام التنظيمي للعاملين (العطوي، الشيباني،.(2010
2- تؤثر علاقة الفرد برئيسه وإدراك الفرد للدعم التنظيمي كمتغيرين وسيطين تأثيراً جوهرياً على العلاقة بين العدالة التنظيمية وسلوك المواطنة التنظيمي (حامد، 2003).
3- يزيد من دافعية الأفراد للإنجاز وتحقيق أهداف المنظمة (المغربي، 2003).
4- إيجاد رؤية مشتركة تجميع بين أهداف المنظمة العامة وأهداف العاملين الخاصـة وكلمـا زاد الدعم التنظيمي زاد ارتباط الأهداف مع بعضها البعض (Katherine,2011).
5- تقليل الآثار السلبية لبعض سلوكيات وتصرفات الأفراد العاملين داخل المنظمة، فلقد أثبتت الدراسات أن هناك علاقة ارتباط سـالبة بـين إدراك الـدعم التنظيمـي و ظـاهرة الغيـاب .(Eisenberger, et al.,1990)
6- يساعد على توفير بيئة عمل مناسبة تقود لتقليل معدلات التدوير الوظيفي الطـوعي الـذي يقوم به العامل ويستثنى من ذلـك العـاملين الـذين فـي بدايـة أو نهايـة فتـرة عملهـم .(Kirk Ring,2005)
7- ينمي درجة الالتزام الوظيفي والاستغراق الوظيفي والرضا عن المكافآت فقد أثبت الدراسة التي قام بها (Michael& Donna,1999) وجود ارتباط إيجابي بين الدعم التنظيمي والمتغيـرات مثـل الالتزام الوظيفي والاستغراق الوظيفي والرضا عن المكافآت، فكلما زاد درجة الدعم الوظيفي المقدمة للعاملين زاد لديهم درجة الالتزام والاستغراق الوظيفي وجعلهم راضين عن المكافآت التي يتلقونها. 8. يخلق موظفين ذو قدرة على الإبداع في العمل في ظل التنافس الهائل بين المنظمات فـي بيئة الأعمال، فحين يشعر العامل أن المنظمة تقدم له الدعم التنظيمي الذي يتمناه، فإنه يـسعى للنهوض بهذه المنظمة من خلال العمل الإبداعي والابتكاري كما اشارت الى ذلك دراسة (Pavan, 2008).
 

الثقافة التنظيمية

تعد الثقافة التنظيمية من الموضوعات التي لقيت اهتماما واضحاً في الآونة الأخيرة، بغية التعرف على ماهيتها، ومصادر تكوينها، وكيفية تشكيلها ونقلها وتعميمها، وأسباب تغيرها بحيث أصبحت الثقافة التنظيمية الملائمة والنافعة للمنظمة في مراحل معينة تصبح غير ملائمة، وضارة لنفس المنظمة في المراحل الأخرى، كما تلعب الثقافة التنظيمية دورا جوهريا في تنمية وتطوير المنظمات من خلال السلوك الفردي للعاملين بالتركيز على القيم والمعتقدات والعادات التي ترغب المنظمة في ترسيخها في أذهانهم لتصب في مصلحة العمل، كما ينظر إليها على أنها المحرك الأساسي للطاقات والقدرات ، فهي تؤثر بالدرجة الأولى على الأداء وتحقيق الإنتاجية المرتفعة، وبذلك تختلف كل منظمة عن الأخرى من حيث الثقافة التي تسودها.
تعددت التعريفات الخاصة بالثقافة التنظيمية وتعرض الكثير من الباحثين والدارسين لهذا المفهوم، حيث عرف (القريوتي، 2000( الثقافة التنظيمية بأنها “منظومة المعاني والرموز والمعتقدات، والطقوس، والممارسات التي تطورت مع مرور الزمن، وأصبحت سمة خاصة للتنظيم بحيث تخلق فهماً عاماً بين أعضاء التنظيم حول ماهية التنظيم والسلوك المتوقع من الأعضاء فيه”. بينما عرفها (4Daft, 200) بأنها “قيم ومعتقدات و افتراضات مشتركة يعبر بها الفرد عن المنظمة”، أما شيرمربورن فقد عرفها على أنها “نظام من القيم والمعتقدات يشترك بها العاملون في التنظيم بحيث ينمو هذا النظام ضمن التنظيم الواحد”. أيضاً يعرفها (الهواري، 2002) بأنها “نمط أو طريقة التفكير والسلوك والعادات والقيم والقناعات والمشاعر السائدة بين العاملين في المنظمة بما في ذلك الأمثال الشعبية الموجهة للسلوك السائد وقصص البطولة وقصص الشهداء والمحظورات والمحرمات والطقوس الاحتفالية والملاعيب والمناورات السياسية والحركات المسرحية التنظيمية والمجازات والرموز. وقد عرفها كوسين (Kossen) بأنها “مجموعة من القيم التي يجلبها أعضاء المنظمة رؤساء ومرؤوسين من البيئة الخارجية إلى البيئة الداخلية لتلك المنظمة” (العميان، 2002).
العدالة التنظيمية:(Organizational Justice)
يعتمد الإطار الفكري كمفهوم مركب على نظرية العدالة التنظيمية وذلك بالتركيز على عدالة التوزيع، وذلك ان الفرد يعيش في حالة مقارنة مستمرة بين معدل مخرجاته إلى مدخلاته مع مخرجات الآخرين إلى مدخلاتهم، وبالتالي تتحقق العدالة عندما استواء طرفي المعادلة، ومن الجدير بالذكر أن الاختلال عدم التوازن يؤدي إلى شعور الفرد بالتوتر وعدم الارتياح الناشئ عن غياب المساواة. واذن فان العدالة التنظيمية تعبر عن درجة شعور الافراد العاملين بالإنصاف بموجب مقارنة حصيلة نواتج مدخلات جهودهم بجهود العاملين الآخرين المناظرين لهم في الظروف والامكانات(Moorman, 1991).
وبناء على الفهم السابق,فان الفرد لا يكف عن عقد المقارنة بين ما يبذله من جهود وما يحصله من فوائد او عوائد مقارنة مع جهود الاخرين. ومن الجدير بالذكر ان عقد مثل هذه المقارنات يجري بصورة مستمرة و تصبح ملازمة لبذل الجهود، وتحدد سقف التوقعات المتصلة بها. وقد واجهت هذه النظرية موجة من الانتقادات حيث انها لم تبلور تصورات متكاملة واطرا نظرية شاملة تشرح العمليات والتفاعلات التي تشكل مخرجات النواتج، مما ادى الى ظهور عدة نماذج تحاول اغناء هذه النظرية وتوسيع اهتماماتها (الطبولي واخرون, 2015).
إن مراجعة ادبيات نظرية العدالة التنظيمية وتطبيقاتها في حياة النظم تبين ان الجهود قد تمحورت خلال فترة الستينات وحتى بداية ثمانينات القرن الماضي حول محور عدالة التوزيع، حيث جرت مقارنات عديدة، وبذلت الكثير من المحاولات لبحث علاقة هذا المتغير بسلوك الأفراد في النظم. وقد تزايد الاهتمام بمفهوم العدالة الإجرائية (Procedural Justice) الشائعة التداول والاستخدام في علوم القانون وفروعه المعنية بالتحكيم وفض المنازعات. وتقوم العدالة الإجرائية من خلال اظهار عدالة الاجراءات بعكس درجة شعور العاملين بعدالة الأساليب المتبعة في تحديد نواتج جهودهم، ونزاهة المعايير، وسلامة الإجراءات المتبعة في الحكم على المخرجات (الطبولي واخرون, 2015). وقد أضاف بعض الباحثين مفهوما اخر اطلقوا عليه عدالة التعاملات (Interactional Justice) والتي ربما ينظر اليها بوصفها أحد مكونات عدالة الإجراءات وتعرف على أنها مستوى إحساس العاملين بعدالة المعاملة عند تطبيق الإجراءات، حيث تحدد مستوى الشعور بعدالة التوزيع وتعد سابقة لظهورها )العجمي, 1998 .(
وفي دراسة الفهداوي والقطاونة (2004), اضاف الباحثان مفهوم العدالة التقييمية التي تعكس احساس الموظف بنزاهة التقييم الإداري الصادر للحكم على الأداء والسلوك والممارسات الفردية، مما يعزز رضاه عن نظم العمل، واطمئنانه إزاء ترقيته ونموه الوظيفي، وتقييم أدائه، وكذلك تم اضافت مفهوم العدالة الأخلاقية (Moral Justice) وهي تعبر عن احساس الموظف بالعدالة الإنسانية والأخلاقية النابعة من أصول العقيدة والقيم الثقافية والحضارية في تفاعلها مع المناخات السائدة في المنظمة.
وقد بين (الطبولي واخرون, 2015) رؤية (Leventhal, 1980 ) المتعلقة بوجود عدد من الاطر والقواعد التي تؤثر على إدراك الفرد لمعاني العدالة التنظيمية, وان الإحساس بها يتوقف على درجة التزام المنظمة او اخلالها بالقواعد الهيكلية التالية:
– قاعدة الاستئناف : ويقصد بها اعطاء فرصة للاعتراض على القرارات ومراجعتها، وتعديلها في حال وجود ما يبرر ذلك.
– القاعدة الأخلاقية : أي توزيع المصادر وفقاً لمعايير وأسس أخلاقية.
– قاعدة التمثيل: أي استيعاب عملية اتخاذ القرار وجهات نظر ذوي العلاقة، بحيث يشارك جميع المعنيين في صناعة القرارات التي تقع على تماس مع حياتهم المهنية.
– قاعدة عدم التحيز )الموضوعية :(ويقصد بها الحياد، والابتعاد عن المصالح الشخصية، والإبقاء عليها بعيداً عن مجريات عملية صنع القرار واتخاذه.
– قاعدة الدقة: أي اتخاذ القرارات بناء على معلومات دقيقة وشاملة ومؤكدة.
– قاعدة الانسجام: أي عدالة تطبيق إجراءات المكافأة والعقاب على جميع العاملين وفي جميع الظروف )محارمة، 2000 (.
وقد بين الدعيج (1998) الاطار التنظيري الذي قدمه (Greenberg, 1987) بحيث ربط بين التغييرات في الإجراءات التنظيمية، والعمليات المعرفية، ودافعية الفرد، ويجمع هذا النموذج نماذج التوقع، ونماذج العدالة التوزيعية والإجرائية. وقد بين (الطبولي واخرون, 2015) ان عدالة الإجراءات تهيمن على سلوك الفرد، وأنماط تفكيره، ومما يجدر ذكره أن قيمة عدالة الإجراءات، وعدالة التعاملات تتحدد في درجة مساهمتهما في تحقيق عدالة التوزيع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى