اسلامياتفي الواجهة

رسالة الى المبشرين”الأقربون أولى بالتبشير ” !

احمد الحاج جود الخير

قبل شهرين من الان وبينما كنت أجلس في مقهى شعبي وسط بغداد بعد المغرب دس شاب عراقي وسيم وأنيق في يدي مطوية قائلا لي “انت محبوب ..انت مقبول ..إن المسيح اختارك لأنه يحبك فأحبه ” وهكذا ظل هذا الشاب يوزع بقية مطوياته وهي من منشورات مكتبة العهد الجديد بين زبائن المقهى اضافة الى المحال القريبة مرددا ذات العبارة وبما لم أشاهده ولم أسمع به من قبل في العراق على الاطلاق ….!
أما اليوم وقبل سويعات وكالعادة وصلني اعلان رقمي تبشيري أنيق وجميل عنوانه العريض هو” هل تريد أن تصبح مسيحيا ؟!” وكان ردي على الإعلان هو “الأولى أن يوجه هذا الاعلان الأنيق الى أتباعكم في اوروبا والامريكيتين وأوقيانوسيا أنفسهم ليصاغ كالآتي : أيها المسيحي الأوربي والأمريكي الجنوبي والشمالي الأوقيانوسي هل تريد وبعد الحادك ومجاهرتك بالإلحاد العودة الى المسيحية من جديد؟ ” .
الحقيقة أنا أعجب كل العجب من المبشرين وكيف يجهدون أنفسهم ليلا ونهارا وبمختلف الوسائل والأساليب والطرق لدعوة غيرهم الى دينهم ،ومرد عجبي هو أنهم لو أجهدوا أنفسهم بإعادة اتباعهم الى المسيحية الحقة إلى حظيرة الإيمان لكان أولى وأجدى وأنفع فعلى حد علمي ومن خلال التقارير التي أطالعها يوميا هو أن مئات الكنائس في عامة أمريكا وأوروبا قد أغلقت أبوابها أو بيعت لعدم اقبال الناس عليها حتى يوم الأحد ..حتى عند تعميد الاطفال لأن كثيرا من آباء هؤلاء الأطفال باتوا لا يؤمنون بدين أساسا وهم إما من الملاحدة أو اللادينيين أو اللا أدريين ” …حتى عند ابرام عقود الزواج ومباركتها بعد أن صار الزواج هناك مدنيا وليس كنسيا “…حتى بعد الممات بعد أن استشرت ظاهرة حرق الجثامين ونثر رمادها على الطريقة البوذية بدلا من تجهيز الجثمان وتكفينه ودفنه بعد الصلاة عليه في الكنيسة وإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه ولأسباب كثيرة منها ارتفاع تكاليف التشييع والتجهيز والدفن وشح الأراضي المخصصة لدفن الأموات “،الاف الكنائس قد تحولت الى نواد ومحال تجارية وصالات للرقص والتزحلق الصناعي على الجليد ،وبعضها قد تحول الى مساجد للمسلمين أو الى معابد للبوذيين والهندوس بعد أن هجرها المسيحيون أنفسهم …كنائس الزنوج في امريكا تغري اتباعها للاقبال عليها بموسيقى الراب والجاز والرقص والغناء على ايقاعاتها جماعيا بدلا من الصلاة والخشوع والدعاء والتضرع وبما لا يمت للمسيحية الحقة بصلة لا من بعيد ولا من قريب !
قبل عامين التقيت طالب ثانوية عراقي مولود في ألمانيا ويحمل جنسيتها قدم الى العراق مع ذويه لأول مرة ولمدة اسبوعين فقط قبل العودة فسألته ومن باب الفضول المعرفي عن عدد المتدينين في صفه في الثانوية الالمانية هناك وكلهم من المراهقين ومن مختلف الجنسيات الالمانية والاوروبية والاسيوية فتعجب قائلا “لو أنك سألتني عن عدد المؤمنين في صفنا ، بدلا من سؤالك عن عدد المتدينين لأنني سأجيبك وبكل صراحة بأن عدد المؤمنين في صفنا كله مع مدرسيهم هو ثلاثة فقط والبقية لايؤمنون بدين اساسا أما عن عدد المتدينين فأنا وصديقي فقط لاغير “.
هذه الإجابة الصادمة جعلتني أعيد السؤال الحائر إياه”ترى لماذا يجهد المنصرون أنفسهم بدعوة غيرهم الى النصرانية والأولى بهم دعوة النصارى ذاتهم للعودة الى تعاليم دينهم الأولى والى ايمانهم بدلا من تضييع الوقت والجهد والمال بزيادة أعدادهم ولا يهم بعيد ذلك تدين المتنصرين الجدد وتمسكهم بتعاليم دينهم من عدمها أساسا مع أن العبرة هي في النوع وليس في الكم”.
الحقيقة لقد صدم أحد الأصدقاء المقيمين في أوروبا وكنا نتحدث في هذا الموضوع تحديدا ..أما عن أسباب صدمته فهي الاجابة غير المتوقعة بتاتا والتي بادرت بها بعد أن قال لي ” بأن كل الكنائس القليلة في مدينته ذات الاغلبية المسيحية المطلقة باتت فارغة ومهجورة ولايدخلها أحد قط حتى في أيام الآحاد وعند التعميد وعقود الزواج والصلاة على الجنائز ، وبعضها قد بيع الى رجال الاعمال لأغراض الاستثمار في الأعمال التجارية وجل سكان المدينة باتوا من الوجوديين واللادينيين واللا ادريين أو من الملاحدة ..أقول لقد صعق من ردي كما ستصعقون حين قلت له وبالحرف “لو كنت اعيش في مدينتك الملحدة التي لم تعد تؤمن بإله ولا بدين قط لتوليت وأنا المسلم تجديد وتنشيط كنيستكم بنفسي لإعادة إحياء الدين والايمان في عقول وقلوب ونفوس سكانها بدلا من إلحادهم جميعا وعدم إيمانهم بشيء على الإطلاق !!” .
كل ذلك يحدث وأنا أتابع الضجة الكبرى حول فيلم “مريم – Mary” على منصة نتفليكس وهو من بطولة الممثلة الإسرائيلية ومدربة اليوغا نوح كوهين، في دور مريم عليها السلام ، علاوة على الممثلين الإسرائيليين كل من إيدو تاكو، وأوري بفيفر، وميلي أفيتال، وكيرين تسور، وهيلا فيدور، وفقا لموقع “IMDB” اضافة الى الممثل الويلزي الشهير أنتوني هوبكنز ومؤكد أن الفيلم مليء بالأباطيل مع محو الهوية الفلسطينية وتاريخها وجذورها لصالح الكيان اللقيط المشوه .
ولم يختلف الحال قبلا مع فيلم نيتفليكس”الإغواء الأول للمسيح” الذي أظهر رسول رب العالمين ،وقدوة الناسكين،ومنار الزاهدين،وقرة عين مئات الملايين حول العالم ،السيد المسيح عليه السلام حاشاه -على أنه شاب شاذ – فيما أظهر أمه مريم العذراء البتول سيدة الطهر والعفاف والتقى والنقاء والورع عبر التأريخ البشري كله حاشاها على ،أنها -امرأة تدخن الحشيش – والعياذ بالله رب العالمين ، وذلك على منوال افلام هوليوودية عديدة انتجت بميزانيات ضخمة منتهجة ذات النهج المسيء وعلى مراحل ، والحق يقال لقد أصبت بصدمة كبيرة من جراء ذلك كله فعقدت العزم على ان أتابع ردة فعل الفاتيكان قائد الكاثوليكية في العالم، علاوة على بقية المجامع الكنسية ولمختلف الطوائف المسيحية الارثوذكسية والبروتستانتية على سواء لعلني أجد ما يطمئن قلبي ،يسكن من روعي ، يخفف من إحباطي ، يزيل بعضا من ألمي فضلا عن غضبي، أملا بالعثور على مواقف حازمة وردود صارمة تقف بوجه ما قامت به نيتفليكس من اساءة لنبي ورسول كريم من أولي العزم ، لاسيما وأن هذه القناة سبق لها وأن أنتجت وعرضت فيلما مسيئا آخر عن المسيح بعنوان “الخمار الأخير”وإذا بي أجد الردود باهتة ومخيبة للآمال ودون المستوى المطلوب بسنين ضوئية… وبالتالي صار لزاما على كل مسلم وعلى مر الدهور والعصور والأزمان أن يدافع عن المسيح وأمه العذراء البتول عليهما السلام ، حتى وان لم تدافع عنهما الكنائس ولا المجمعات الكنسية ولا الكاتدرائيات ولا الابريشات ولا المطارنة ولا الكرادلة والأساقفة ولا الراهبات أو الرهبان ، حتى وإن لم يدافع عنهما اتباعهما ولم يذودوا عن حياضهما ولم يذبوا عنهما قط !
الطامة الكبرى أن هذا التطاول المقيت والمفزع لو كان قاصرا ومنحصرا بنيتفليكس فقط لا غير لهان الأمر قليلا رغم بشاعته ،ولقلنا بأنها مؤسسة مشبوهة تغرد خارج السرب غايتها الطعن بالرسل والانبياء والمقدسات تمهيدا لإطلاق ما يسمى بالديانة الابراهيمية ” ديانة المسيخ الاعور الدجال ” ، ولترويج الاباحية والالحاد تقف خلفها جهات مشبوهة لتحقيق اهدافها الماسونية الدنيئة وعلى الكل،أن “يميت الباطل بعدم ذكره “،الا أن الفاجعة أكبر بكثير وقد صارت عرفا سيئا للغاية ليس أوله ما يبثه البرنامج الكندي الترفيهي الأشهر في العالم ” Just for Laughs: Gags” وهو عبارة عن كاميرا خفية تصور حلقاتها كاملة بمدينة مونتريال الكندية صيف كل عام ويعرض في كل أنحاء العالم ، حيث دأب هذا البرنامج على السخرية من السيد المسيح عليه السلام في العديد من حلقاته مرات ومرات ومن دون رد ، مرورا بمسرحية “كوربس كريستي” التي اظهرت السيد المسيح وتلامذته على أنهم من الشاذين جنسيا…” على خطى مسرحيات ومسرحيات عرضت لهذا الغرض في عموم اوربا واميركا ومن دون رد ، كذلك “مجلة شارلي إيبدو” الفرنسية سيئة الصيت والسمعة والتي لطالما سخرت برسومها الكاريكاتورية من السيد المسيح عليه السلام وأظهرته بأوضاع مخلة ومن دون رد ولا رادع ، أما عن الروايات الأدبية والمجموعات القصصية والدواوين الشعرية التي مضت في طريق الإساءات إياه، فحدث ولا حرج .
وكلنا ما زال وسيظل يذكر ما حدث في حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 وقد وقع اختيار اللجنة المنظمة على كل متحول وخنثى تحوم حوله الشبهات إما لتقديم الحفل أو لتصميمه فمصمم الحفل شخص شاذ معروف على مستوى فرنسا، كذلك المرأة البدينة التي ظهرت وهي تتوسط مائدة العشاء الأخير فهي شاذة يهودية من أصول مغربية،ولم يختلف الحال مع الرجل الأزرق العاري وهو مطرب فرنسي داعر معروف بأغانيه الخليعة الماجنة وقد ظهر وسط سلة من الفاكهة في اشارة الى ما يعرف الإله ديونيسوس،إله الخمر والابتهاج والنشوة عند الإغريق القدماء، وقد اعتذر المطرب عن الأغنية التي قدمها في أعقاب الضجة التي أثارتها ليخرج علينا بعذر أقبح من ذنب قائلا “لو كنا كلنا عراة تماما فلن يكون هناك مسدس لنخفيه” وأقول للمطرب الماجن”صدقت لأن المسدسات وفي حال نزعنا عنا ما يواري سوآتنا فستكون ظاهرة في أكفنا يحملها كل من هب ودب ليصوب رصاصها تجاه الآخرين من دون قانون رادع ولا خوف أو وجل “.
كل ذلك حدث ماضيا ويحدث حاضرا وسيحدث مستقبلا بينما ردود الأفعال على كل هذه التجاوزات مازالت خجولة وضعيفة للغاية ولا تكاد تسمع صوتها وسط ضجيج وصخب الإساءات المتتالية الذي يصم الآذان على مدار الساعة و بما لا يرقى الى مستوى الحدث ويتماهى معه البتة ، بزعم ضمان حرية التعبير عن الرأي لكونها مكفولة للجميع، وأقول في الرد على هذه الجزئية تحديدا، إن “الحرية الشخصية تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين ، كما يقولون ، وإن الحرية تنتهي حيث تبدأ حدود الله تعالى كما قال بعضهم ، إذ أن جرح مشاعر مليارين ونصف المليار مسيحي حول العالم من خلال النيل من كرامة والحط من قدر نبيهم الأكرم وأمه الطاهرة المطهرة العذراء البتول ،إضافة جرح مشاعر مليار ونصف المليار مسلم بالإساءة الى نبيهم الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم كذلك بقية الرسل والانبياء ومن دون استثناء بغياب المواقف الحازمة ينبئنا بأن أمتين لا تدافعان عن نبيهما ليست بحاجة الى مزيد من الكم والأنواع ،بقدر حاجتها الماسة والملحة الى مزيد من المخلصين والصادقين والشجعان من الأتباع وفي جميع البقاع و الأصقاع !اودعناكم أغاتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى