في الواجهة

صراع الحقيقة والزيف على منابر الميديا الأميركية

سعيد مضيه

منابر التيار الرئيس بالميديا مكرسة لترويج الوعي الزائف
كيتلين جونستون صحفية تقصي جريئة في نقد السياسة الخارجية للولايات المتحدة. نشربالحوار المتمدن تقرير صحفي بالخامس من أكتوبر 2022 على الرابط https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=770535
أعدته حول تفجير خط الغازالموصل الى ألمانيا، نورد ستريم ، نشرته على موقع إليكتروني لها في 28 أيلول / سبتمبر، ونقلته مجلة كونسورتيوم نيوز الإليكترونية الأميركية . أكد سيمور هيرش، صحفي التقصي المشهور، قبل أسبوع ما خلصت اليه جونستون في المقال اعلاه. صحافة التقصي بالولايات المتحدة تكشف ما تخفيه الدبلوماسية الأميركية، او تمتنع عن نشرها المنابر الرئيسة، صحافة وفضائيات ومراكز ابحاث. جاء في تقرير جونستون ان مناورة عسكرية أميركية أجريت بالمنطقة ، سربت خلالها متفجرات تحت الأنبوب وتم تفجيرها عن بعد. شبهت جونستون العملية بحروب المافيات ، اغتيالات وحرائق وتدمير للخصم كي يذعن ويكف عن المنافسة. وبوسائله الخاصة توصل سيمور هيرش الى نفس النتيجة .
في هذه المقالة، بنزاهة وانحياز للحقيقة ضد التزييف، نشرت كيتلين جونستون استنتاجاتها لدى مشاهدة فيديو بث مقابلة مع طفلة سورية ان المقابلة المغرضة ملفقة، من نمط البروباغاندا الخادعة للمشاهدين، جرى تدبيجها لتبرير جريمة حرب ظالمة شنتها دول الغرب الامبريالية بزعامة امبريالية الولايات المتحدة ضد سوريا. تصدت لها كاتبة من التيار الرئيس الموالي للسلطة السياسية، تدعى صوفي فيلّرتون من جامعة كاليفورنيا، لم تناقش الشواهد التي اعتمدتها جونستون للخروج باستنتاجها ان المقابلة مزيفة . إصرار على حجب الحقائق والوقائع من اجل التضليل وترويج مواقف السلطة الامبريالية.
نقدم اولا رواية التلفيق لشهادة الطفلة كما عرضت وشاهدتها الصحفية الأميركية وخرجت باستنتاجاتها، ثم المناكفة الصحفية الهزيلة من جانب صحافة التيار المتسلط بالولايات المتحدة.
كتبت كيتلين جونستون:
في العام 2017 أجرت سي إن إن مقابلة مصورة مع طفلة سورية عمرها سبع سنوات اسمها بانا العابد، وكان الاسم قد روج له من قبل على حساب رجل بموقع يدعو الولايات المتحدة للتدخل في سوريا والإطاحة ببشار الأسد .

اعرف ان المقابلة كانت مزيفة ، ليس بصفتي صحفية تقصي متمرسة ، امضت أشهرا تنقب عن الحقائق والمصادر ، إنما نظرا لأنني شاهدت عرض المقابلة . كان واضحا كالشمس في وضح النهار ان الطفلة كانت اما تقرأ من نص او تستظهر كلمات لقنت بها ، وفي كل دقيقة أستطيع أن أرى لقطات تدعم تقييمي على يوتيوب سي إن إن .
حسب معرفتي لم تبذل محاولة جادة من قبل شخص آخر يطعن في المقابلة.
اكاديمية، تدعي فوليرتون من جامعة كولومبيا، زعمت ان مقالتي ” تهاجم بانا العابد” ، لكن كل من طالع مقالتي يجد انني في الحقيقة اهاجم فضائية سي إن إن لإجراء وبث مقابلة غامضة مع طفلة كانت بوضوح تقرأ او تستظهر كلمات كتبها من يتمتع بوعي، وهاجمْتُ أليسيم كاميروتا لأنها قامت بهذه المسخرة.
لم يأت في مقالتي عبارة ” ممثلة ازمة” ( بالتاكيد لم يحدث مطلقا ان استعملت هاتين الكلمتين للدلالة على امزاعم ملفقة صدرت عن اناس آخرين)، ومن الواضح تماما ان الطفلة ليست ممثلة في طبيعتها.
ما من إنسان نزيه ثقافيا لديه إحساس بكلام الناس العاديين يدعي يوما ان هذه المقابلة لم تكن سوى سيناريو معد سلفا. واعني أنها كذلك بالطبع. مراسلة سي إن إن سألت الطفلة وعمرها سبع سنوات عن رأيها في المسئول عن الأسلحة الكيماوية في صراع جد معقد وله اوجه متعددة في بلدها، سوريا ، وهي تعيش في استمبول مع أمها. والطريقة الوحيدة التي تحصل بها على أجوبة لهذه الأسئلة من طفلة بهذا السن هي ان تزودها بالأجوبة. وهذا يجب ان لا يكون موضوع نقاش.
لكن حتى لو قبلْتُ فكرة طفلة بنت سنوات سبع تقوم بتحليلات عسكرية ومعطيات جغرسياسية خبيرة بدون إعداد مسبق وعلى شاشة التلفزة واضح من الفيديو ان ذلك لم يحدث. تحدثت الطفلة مثل شخص بلا خبرة يقرأ من نص مكتوب ؛ يضاف لذلك انها بدت لا تتقن اللغة الانجليزية. ببساطة كانت تلفظ الكلمات الإنجليزية بطريقة صوتية.
تظهر بينات فيديو آخر انها لم تتحدث لغة إنجليزية بصورة جيدة طول ظهورها على السي إن إن :
في المقابلة لتي أجريت في تركيا (وكما تمت الإشارة اليه في نص المقابلة) سئلت العابد بالانجليزية إن كانت تحب الطعام في استنبول وأجابت: ” انقذوا اطفال سوريا”. امها تحدثت معها ، حينئذ أجابت الطفلة ، ” السمك”.
لم تفهم السؤال ؛ لكن صوفي فيلّرتون تريدنا أن نصدق ان هذه الطفلة كانت مشاركة في محادثة بمستوى الكبارحول أفكار معقدة على شاشة سي إن إن، وبلغة إنجليزية سليمة.
مرة اخرى ، أقول ان ما نشرته ليس تهجما على طفلة سورية ؛ فمن غير المعقول ويدعو للسخرية ان نتوقع من طفلة سورية في السابعة من عمرها ان تتحدث الإنجليزية بطلاقة وان تستطيع تقديم تحليلات دقيقة وبمستوى عال عما يجري في موطنها. ولذا ، فانا بالطبع لا انتقد عجز الطفلة في الأداء؛ انا انتقد دعاة الحروب الذين وضعوها في هذا الموقف ، وانا بالمطلق انتقد اولئك الذين يقدمون الأعذار لمن قام بهذا التصرف. الحرب القذرة التي شنتها على سوريا امبرياطورية مركزها الولايات المتحدة قد تخللتها عناصر قسوة عديدة عبر السنوات ، ولتسهيل تلك الجرائم أطلقت بروباغاندا هائلة . لكنها لم تكن على هذا القدر من الصلافة المباشرة كما بثت المقابلة المخادعة مع طفلة صغيرة.
خيط يلتف حول تويتر من صوفي فولّيرتون يقدم الآدعاء بأنني روجت نظريات تآمرية سخيفة حول “ممثلي ازمة”، طفلة أثناء فظاعات الحرب السورية. فوليرتون شهرت بي على تويتر، كي لا أرد عليها هناك؛ لكنها بخيطها تطرح واحدة من أفظع الحالات التي رأيتها في حياتي من البروباغندا الأميركية في الميديا الجماهيرية؛ لذا يجدر تخصيص بعض الوقت لكي انبش ادعاءاتها هنا كخدمة عامة.
فولّيرتون كتبت في الواشنطون بوست تهاجم مستخدمي السوشيال ميديا ممن يسافرون الى سوريا وينقضون رواية رئيسة رسمية حول ما كان يجري في ذلك البلد ، وقدمت نفسها على موقع “ديلي بيست” محللة معلومات خبيرة .
كتبت فوليرتون على تويتر ” نحتاج الى نوع خاص من الشر لكي نرى ما حدث بالأمس في دنيبرو ، ونبدا في الحال القيام بحملة علاقات عامة للفاعل”، مرفقة بملحوظة عني تقول من الخداع للناس التحدث عن غزو روسيا لأكرانيا دون التحدث أيضا عن أساليب امبراطورية الولايات المتحدة استفزت الى الحرب واستفادت منها. وأضافت ” ويجب ان لا ندهش إذ نعرف ان هذا الحساب ترتب عليه الزعم بان اطفال سوريا ممن كابدوا فظائع الأسد / سوريا قاموا ب “تمثيل ازمة”.

خيط فولّيرتون تمدد طويلا نظرا لتعليق مؤيد كتبته ولغا لاوتمان، الزميلة بمركز الأبحاث (بنك معلومات) الامبريالي ، مركز تحليل السياسات الأوروبية (سيبا) ويتبعه جمهور كبير . قائمة المتبرعين لمركز سيبا هم وزارة الخارجية بالولايات المتحدة ، السي آي أيه، ناشيونال إندومينت فور ديمكراسي، وكذلك صناع الأسلحة لوكهيد مارتن ، بي إيه سيستمز، وجنرال أتوميكس.
تستعمل فوليرتون عبارة ” يمثلون الأزمة” كي تقدم الصورة بأن معظم الناس من هذه الشاكلة وما يعنيه ذلك : نظريات المؤامرة حول اناس يتمظهرون بأنهم أصيبوا بجراح او غير ذلك وجدوا في دائرة إطلاق نار كثيف او حادث إلقاء قنابل، خاصة مزاعم أليكس جونز بصدد الضحايا في إطلاق النار بمدرسة ساندي هوك الابتدائية بمدينة نيوتاون بولاية كونيكتيكوت.

عرّف موقع غوغل “ممثل ازمة” بأنه ” شخص يشارك في مؤامرة مفترضة للتلاعب بالرأي العام إذ يتمظهر بأنه ضحية حادث مثل إلقاء قنبلة ، إطلاق نار كثيف او كارثة طبيعية”. هناك تاريخ لمسئولين امبرياليين استخدموا العبارة ” ممثلو ازمة” لشن هجوم ضد المشككين بادعاءات غير مؤكدة تصدر عن امبراطورية الولايات المتحدة حول ما يجري في سوريا بأنهم منظرو المؤامرة السخفاء من شاكلة منكري ساندي هوك.
غير أن فوليرتون، تقدم كبيّنة على انني أنظّر لمؤامرة ” ممثلي ازمة” شيئا مختلفا تماماعن اي زعم كهذا. فهي تورد مقالة كتبتها عام 2018 عنوانها “ذلك الزمن حين نشرت سي إن إن مقابلة مع طفلة سورية لصالح بروباغندا الحرب.” ولا تورد غير لقطة مصورة من بداية المقابلة بدلا من تقديم رابط. قامت بهذا لأن الحجج االتي أوردْتُها في مقالتي لا يمكن الطعن فيها ، ولا تريد فوليرتون قراءها ان يطلعوا عليها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى