ثقافة

دوستويفسكي يجرؤ على قول مالا نجرؤ نحن على التفكيرفيه

.
من أهم خصال دوستويفسكي أنه يجرؤ على قول ما لا نجرؤ نحن على التفكير فيه ، كما قال هو ذات مرة .
و حتى لا نطيل في المقدمات ، فإن لدوستويفسكي رأياً مغايراً لما ألفه الناس حول الضيوف . فأغلب الثقافات – و خصوصا الشرقية – تتغنى بكرم الضيافة و حسن استقبال الضيف و مدح الكريم و الحرص على تحقيق راحة الضيف ، و هذا الكلام ليس غريياً على أحد .
عند دوستويفسكي ، فإن الضيف ما هو إلا مقتحم لخصوصيتنا بشكل أو بآخر . بيوتنا هي أكثر الأماكن التي نكون فيها على طبيعتنا بعيداً عن كل تصنع إجتماعي بائس . و وجود الضيوف يعني أن هذا المكان الخاص جداً بنا قد وُضع تحت المجهر ، و كل الأشياء يجري الآن ملاحظتها .
ما دام الضيف عندك بالبيت فأنت مضطر للإلتزام بالآداب الإجتماعية حتى مع أقرب الأقرباء . و نظرة من ضيفك على قطعة أثاث تملكها أو قطعة ثياب ترتديها قد تجعل مئات الأفكار تراودك و تخنق كل إحساس لديك بالراحة .
ترى ما هي انطباعاتهم عن المكان ؟ و ماذا يقولون في سرهم عن مظهري ؟ و هل سينتقدون شيء ما بعد مغادرتهم ؟ لماذا لم يشربوا كأس الشاي كله ، ألم يعجبهم ؟
و هكذا ، فإنك في حالة استنفار تام لا يتوقف إلا عند مغادرة الضيف و شعورنا أن الزيارة تمت على خير .
هذه التوتر المصاحب للضيوف يصبح أشد لو كنت فقيراً . ففي هذه الحالة تكون كرامتك على المحك ، و من المحال أن تنجو و لو من نظرة قاتلة لإحدى زوايا البيت !
” أنت لا تحبين طبعا أن تتعري أمام الناس … فكذلك الرجل الفقير ؛ لا يحب أن يحشر أحد أنفه في خدره ليرى كيف يعيش . “
هذا هو ، دخول الناس على بيت الفقير هي عملية تعرية له ، و لكبريائه !
من وحي رواية الفقراء

صفحة دوستويفسكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى