ثقافة

امرأة لها تجارب سابقة

قال لي : هل عرفت رجالاً قبلي ؟
قلت : وأنت هل عرفت بنات قبلي ؟
قال : أنا رجل ! ولن يضيرني أن عرفت بنات قبلك !
قلت : وأنا … ماذا يضيرني لو عرفت رجالاً قبلك ؟
قال : أنت بنت .. والبنت يجب أن تحافظ على نفسها .. على طهارتها .. إلى أن تجد الرجل الذي تحبه .
قلت : والرجل … لماذا لا يحافظ على طهارته إلى أن يجد البنت التي يحبها ؟
وقال محمود وهو يطل علىّ في دهشة : لأن البنت بنت .. والرجل رجل !
قلت :ماذا يعني هذا ؟
قال : إن الرجل يستطيع أن يعرف مائة فتاة دون أن يخسرشيئاً .. والبنت .. و ……
وقاطعته قائلة :والبنت أيضاً تستطيع أن تعرف مائة رجل دون أن تخسر شيئاً …
قال :تخسر سمعتها !
قلت : ولماذا لا يخسر الرجل سمعته ؟
قال :إن التكوين الجسماني للبنت من طبيعته أن يجعلها أماً بمجرد لقائها بأول رجل .. بل أن عواطف البنت وأحاسيسها منبثقة كلها من طبيعتها كأم ..
قلت : والرجل .. إن طبيعة تكوينه الجسماني يجعله أباً بمجرد لقائه بأي بنت .. فلماذا لا يحترم الرجل أبوته ويفرض على المرأة إحترام أمومتها ؟
قال : أن الرجل لا يحمل أبناءه في بطنه ..
قلت : والبنت أيضاً .. إنها تستطيع ألا تحمل .. الطب قد تقدم .. والحكومات تبيح الآن وسائل منع الحمل .. والبنت لا تكون أماً إلا إذا أرادت .. وكذلك الرجل لا يكون أباً إلا إذا أراد .. لا فرق يا عزيزي .. وكل الفروق فروق مفتعلة فرضها الرجل على المرأة عندما كان يستعبدها .. وعندما كانت ترضخ لهذا الإستعباد .. لأنها كانت تعيش عالة عليه .. وأنا لا أعيش عالة عليك .. أنا موظفة مثلك .. فلا فرق !
قال : إني لا أستطيع أن أحبك وأنا أتصورك كل يوم مع رجل .
قلت : هل ستكون أنت كل يوم مع إمرأة ؟
قال : لا ..
قلت : لماذا لا تذهب كل يوم إلى إمرأة ؟
قال : لأني أحبك !
قلت : وأنا أيضاً .. لأني أحبك .. فسأكون لك وحدك .. ولأنك تحبني ستكون لي وحدي !
قال : تعنين الزواج ؟
قلت : لا .. إن الإخلاص ليس فرضاً يفرضه عقد مكتوب .. إنه رغبة نابعة من العاطفة .. رغبة تغني البنت عن كل الرجال إلا رجلاً واحداً .. وتغني الرجل عن كل البنات إلا بنتاً واحدة .. إني لن أخلص لك غصباً عني .. أو رغماً عن إرادتي .. ولا حتى إحتراماً لك .. ولا أريدك أن تخلص لي مجاملة لي أو حرصاً على شعوري .. لا .. سأخلص لك من أجل نفسي .. لأني لا أريد شيئاً آخر .. وأنت أيضاً .. إذا أحسست أنك تريد شيئاً آخر .. فلا تخلص لي .. هل تفهمني .. إن إخلاصي ليس حقاً لك .. ولكنه حقاً لي .. إخلاصك ليس حقاً لي .. ولكنه حق لك .

  • من المجموعة القصصية “لا ليس جسدك”
    ― إحسان عبد القدوس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى