خريطة جديدة ترسمها إسرائيل…
خريف أوسطي ساخن!!
احمد جمعة
روائي
(A.juma)
خريطة جديدة ترسمها إسرائيل…
ضيق الأفق أمام سكان الوطن العربي بقنواته الفضائيّة وحكوماته وشعوبه، إلا من تفتق أفقه وخياله الواسع لرؤية ما يجري على ضفاف الشرق الأوسط، سيدرك أن كل هذه الترهات من التعاطي مع الأحداث الدراماتيكية التي تقودها إسرائيل وتفرضها على المنطقة، هي فوق تصوّر وقدرة الجميع على فهم الصورة القريبة والتي تتلخص في رسم خريطة للمنطقة برمتها، بينما ضيق أفق الجميع منحصر فقط بالخوف من إسرائيل؟ هذا الوهم الذي روجته ماكينة الإعلام العربية. لن يقف بوجه إسرائيل أحد، فهي ماضية ومعها الحزبين الديمقراطي والجمهوري في تغيير الخريطة، وإزاحة النظام القديم ووضع حدًا للأذرع الإيرانية وللنظام الإيراني وإعادة ترميم صورة اليمن ولبنان والعراق وسوريا ومنطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، بحيث تصبح تل أبيب هي محوّر الخير والسلام الاستقرار بدل محور الشر والارهاب وتهديد الدول.
لقد سوقوا بدعم من آلة إعلامية عربية وإسلامية متعفنة وغبية، أنطلت على قطيع الشعوب المخدرة بالإيدلوجيا الظلامية والقومجية والناصرية تقودها عمامة غبيّة من الضفتين الطائفتين، بأن إسرائيل دولة الشر والتوسُّع وأنها تريد الهيمنة واحتلال الوطن العربي من الخليج إلى المحيط بينما إيران الإسلامية هي من احتلت حتى نصف العالم العربي وأغلبه، بعضه جغرافيًا وأغلبه إيدلوجيًا حتى بلغت مهزلة خروج مظاهرة في العواصم العربية كالقاهرة وعمان الأردن وبعض دول الخليج وغيرها تبكي موت حسن نصرالله…كل هذا وما زال جمهور الخراف الضالة يرى في إسرائيل الخطر.
انتبهوا لاختراق محور التطرُّف الإيدلوجي بالقنوات العربية والخليجية وأغلب الضيوف والمحللين والمذيعين والصحفيين والكتاب والمثقفين والحكام والشعوب، وكيف ما زالوا يرون حتى اللحظة الراهنة أن الحرب بين إيران وإسرائيل ونحن خارج الدائرة وإن كان أغلبنا حُشر بموجة الدفاع عن محور المقاومة! ومجمل الصورة في ذهنه فقط فلسطين وتحرير القدس بل وهناك ممن لا زال يرى الصورة العمياء ولا يرى خريطة الشرق الأوسط تُرسم من جديد للأنظمة كلها، والخطر ليس فقط في الحرب بل في صورة ما بعد هذه الحرب وما خلفها.
موجز الكلام، ما يجري أوسع وأشمل مما يراه الكثيرون من حرب غزة وحزب الله، الأفق يشي عن إزالة كل هذه المخلفات منذ القرن العشرون وحتى اللحظة التالية، والحرب ليست على حزب الله وحماس بل على التطرُّف والإيديولوجيا والتوسُّع الإقليمي الإيراني، وبالتالي ترسم الخريطة، وما يجري في غزة ولبنان سوى في عهد الديمقراطيين او الجمهوريين، صورة جديدة للشرق الأوسط ترعاها إسرائيل بدل إيران بعد أن تخلى العرب كل هذه العقود عن دورهم وانعدم أفقهم الواسع.