رأي

فتاة الأحلام

خالد محمد جوشن
هو رجل قليل القامة اقرب الى الشباب منه الى الكهولة ، يرتدى دائما كاسيكت فاخر ، تغطى نصف وجهه، بشرته بيضاء تميل الى الحمرة .
كان يحضر الى المكتب عندى ، من ان لاخر لمتابعة قضاياه ، ولم يكن الحديث يتجاوز مناقشة ما تم فى القضايا لخاصة به ، والتى هو مغرم بها .
فى يوم ما وعلى غير العادة وكسرا للملل ، ولم يكن هناك على قائمة انتظار العملاء فى المكتب عندى غيره ، سألته بدون مبرر هو انت متجوز بقالك كام سنة ؟
فرد بسرعة انا مش متجوز اصلا ، دهشت ، لاننى اعرف انه متيسر ماليا للغاية . وبانت الدهشة على وجهى .
لاحظ ذلك فرد قائلا ، مستغرب ليه ؟ عادى جدا ، اصل انا ملقيتش البنت الى انا عايزها ،كانت فيه واحدة فى الحقيقة ومازالت فى خيالى، دائما اشوفها فى احلامى بكل مواصفاتها ، وبدور عليها فى الحقيقة ولغاية دلوقتى مش لاقيها.
زادت دهشتى اكثر للرد العجيب الذى ساقه . وقلت له هو انت عندك كام سنة ؟
رد عندى اثنان وستون عاما ، وللمرة الثالثة كنت اشد دهشة وذهولا، لسببين الاول انه لاتبدوا عليه هذه السن باى حال من الاحوال ، فهو بالكاد لايمكن ان تعطية اكثر من اربعون عاما.
الثانى انه فى تقديرى فى سن كبير جدا كما قال هو ، فكيف لانسان ان تتسرب من بين يديه كل هذه السنوات بحثا عن سراب ، لا وجود له الا فى خياله ؟
وانطلق يحدثنى عن كيف حدث ذلك؟
وانه فى احدى سفرياته الى اوربا فى مطلع شبابه ، تعرف على فتاه غاية فى الجمال ، اصبحت حلمه الوحيد ، وانهما كانا قد اتفقا على الزواج ، وتواعدا على ذلك.
.
وكان يلتقيان فى مكان ما دون ان يعرف ايا منهما عن الاخر سوى اسمه الاول ودون عنوان ، سوى مواعيد اللقاء الدورية التى كانا يتفقان عليها عقب كل لقاء .
وفى احد الايام ، عاد الى الفندق الذى كان فيه ، ووجد البوليس فى انتظاره ، فى اطار حملة تفتيش عن المقيمين غير الشرعيين ، وانهم قامو بنقله فورا الى المطار ، بدون ايا من متاعه تمهيدا لترحيله الى القاهرة .
وفعلا تم سفره وفقد الاتصال بحبيبة قلبه التى واعدها على الزواج ، وانه سافر بعد ذلك بسنوات الى هذه البلدة الاوربية وحفيت قدماه املا فى الاهتداء اليها ، دون اى اثر .
ومن يومها وفتاته هذه تراوده فى منامه وتقول له انها اتية له ، وهو دائما لدية امل ان تأتيه، وربما ليست هى تحديدا ولكنها ستاتيه لا محالة ولو فى شكل فتاة اخرى بذات مواصفاتها .
انتهت حكايته العجيبة ، وطفقت افكر ، ,,,,
عجيب امر هذا الانسان ؟ بل كل انسان
ان كلا منا هو عالم بذاته لا يتكرر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى