إقتصادالحدث الجزائريمتبث

مجمع أسميدال .. من الثورة الزراعية إلى الأمن الغذائي، أداة فعالة لترقية الفلاحة بالجزائر

ساهم المجمع الصناعي للأسمدة و المواد الفيطو- صحية “أسمدال”، منذ عدة عقود، في تطوير قطاع الفلاحة بالجزائر بفضل إنتاج مختلف أنواع الأسمدة، وهو اليوم في طريقه لتحقيق قفزة كمية و نوعية في الإنتاج بفضل الاستثمارات الهامة التي أطلقها خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.

فمنذ استرجاع السيادة الوطنية، وضعت الجزائر سياسات محكمة لضمان استغلال خيراتها والشروع في تطوير صناعتها، خصوصا بعد تأميم المناجم سنة 1966 والمحروقات سنة 1971، حيث بعثت عدة مشاريع لإنجاز مصانع كبرى في عدة مجالات، كان من بينها مركب الأسمدة الأزوتية بوهران الذي دخل حيز الخدمة سنة 1970، وتبعه مركب الأسمدة الفوسفاتية بعنابة سنة 1972 ، و اللذان كانا رافدين هامين للفلاحة.

و بعد سنوات من النشاط المكثف وخدمة الفلاحين في مختلف أنحاء الوطن، تم دمج مصنعي عنابة ووهران وبعث المجمع الصناعي للأسمدة والمواد فيطو-صحية “أسمدال” في الفاتح سبتمبر 1984، على إثر إعادة هيكلة الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك.

و يتذكر المهندس السابق في مركب الأسمدة الفوسفاتية بعنابة (فرتيال حاليا)، عبد المالك العياشي، تلك المرحلة جيدا، باعتباره من بين المهندسين الأوائل الذين رفعوا التحدي لإنجاح مشاريع إنتاج الأسمدة في الجزائر، حيث استفاد رفقة طلبة آخرين، أواخر سبعينيات القرن الماضي, من منحة للدراسة في بريطانيا ضمن استراتيجية الجزائر لتوفير يد عاملة مؤهلة تكون قادرة على تسيير مختلف المصانع.

“أنهيت دراستي سنة 1982 وبعد سنتين من العمل في مركب عنابة، قررت السلطات العمومية إعادة هيكلة سوناطراك وبعث مجمع أسمدال وهو القرار الذي جاء بهدف إعطاء دفعة قوية لإنتاج الأسمدة”، يقول السيد العياشي في تصريح لوأج، مشيرا الى التحديات العديدة لتي تمت مواجهتها لضمان حسن سير وحدات الإنتاج.

و من بين أهم هذه التحديات التي واجهت مهندسي وإطارات مجمع “أسمدال” آنذاك تلك المتعلقة بتوفير قطع الغيار، “حيث اعتمدنا على حلول مبتكرة، باعتبار أن عملية استيرادها كانت معقدة وتأخذ وقتا”، يضيف السيد العياشي.

و بالنظر للخبرة الكبيرة التي يتمتع بها المهندسون المتقاعدون “ما تزال وحدات الإنتاج تستنجد بهم إلى غاية الآن”، يؤكد هذا المهندس الذي يتمنى رؤية برامج تكوين عالية المستوى، “لتوفير جيل جديد من اليد العاملة المؤهلة القادرة على حمل المشعل”.

و خلال سنة 2012، أصبح لأسمدال ثلاث شركات فرعية وأربع مساهمات متخصصة في إنتاج وتسويق وتطوير الأسمدة والمغذيات ومنتجات الصحة النباتية، وكذا في مجالات الصيانة الصناعية والتكوين والحراسة والمرافقة الأمنية.

و لأن النوعية تلعب دورا هاما في تطوير قطاع الفلاحة، دعم المجمع هياكله بمختبرين لتحليل المواد الخام والأسمدة والتربة ومياه الري في البويرة وبسكرة، كما أنه يتوفر على وحدتين لصياغة المواد الفيطو-صحية في شكليها السائل والمسحوق، تقعان بالبليدة والجزائر العاصمة ووحدتان لصياغة منتجات الأيروسول في شكل رذاذ بمعسكر وباتنة.

استثمارات هامة منذ 2020

و لم تتوقف شعبة الأسمدة في الجزائر عن رفع التحديات منذ الاستقلال. فبعد الثورة الزراعية في سبعينيات القرن الماضي، ها هو القطاع اليوم يرفع تحدي المساهمة في تحقيق هدف الأمن الغذائي الذي سطره رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون.

فمنذ سنة 2020، قام المجمع باستثمارات هامة لتطوير نشاطاته وتلبية حاجيات الفلاحين من الأسمدة والتوجه نحو التصدير، على غرار مشروع إنتاج مبيدات الأعشاب في شكليها الصلب والسائل الذي سينجز بمنطقة بئر لبيض ببلدية قجال ولاية سطيف.

و في خضم احتفال الجزائر بستينية الاستقلال، بعث المجمع سنة 2022، مشروع الفوسفات المدمج باستثمار يناهز 7 مليارات دولار، في إطار اتفاقية شراكة جزائرية-صينية، و هو مشروع ضخم يشمل تطوير واستغلال منجم الفوسفات ببلاد الهدبة بولاية تبسة والتحويل الكيميائي للفوسفات بواد الكبريت بولاية سوق أهراس وصناعة الأسمدة بحجر السود بولاية سكيكدة، وكذا المنشآت المينائية المتواجدة بميناء عنابة.

و لأن الجزائر الجديدة تركز أيضا على الأبعاد الاجتماعية لمختلف المشاريع، فإن مشروع الفوسفات المدمج سيحقق حركية كبيرة في المنطقة الشرقية من البلاد، بفضل خلق حوالي 12000 منصب عمل خلال مرحلة الإنشاء و 6000 منصب عمل مباشر وحوالي 24000 منصب عمل غير مباشر عند التشغيل.

و يعمل المجمع أيضا، منذ أكتوبر 2021، على مشروع إنتاج 200 ألف طن من أغذية المواشي والدواجن من نوع “أحادي/ثنائي كالسيوم الفوسفات” و120 ألف طن من السماد النباتي من نوع “الثلاثي سوبر فوسفات”، بفضل الشركة الجزائرية للتغذية الحيوانية والنباتية التي أسسها “أسمدال” في إطار شراكة مع مجمع “منال”، والتي ستسمح بتثمين فوسفات جبل العنق بولاية تبسة والتقليل من فاتورة استيراد المنتجات المخصصة للأغذية الحيوانية والنباتية.

و في ماي 2022، استطاع المجمع أن يحصل على أغلبية الأسهم في شركة فرتيال”(51 بالمئة)، ما سمح له بمباشرة الاستثمارات الضرورية للحفاظ على قدرات انتاج الشركة و على مناصب الشغل.

و خلال المؤتمر الدولي ال29 للأسمدة، الذي نظمه الاتحاد العربي للأسمدة في فبراير الماضي, تحصلت أسمدال على العضوية في عدة هياكل في الاتحاد، و هو ما يعتبر الإنجاز الأول من نوعه من حيث تمثيل الشركات الجزائرية في هياكل الاتحاد منذ تأسيسه سنة 1975, في ظل رئاسة مجلس إدارته من طرف الرئيس المدير العام لمجمع أسمدال, محمد الطاهر هواين، و الذي تم كذلك اختياره مؤخرا سفيرا ممثلا للقارة الإفريقية لدى الجمعية الدولية للأسمدة، لدورة 2023-2024.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى