رياضة

ممارسة رياضية

أكرم الماجد

الرياضة.
الرياضة قوام كمال الإنسان المادي والمعنوي ، ففي الأول يتقوم البدن ويصبح أكثر قدرة على التعامل مع العالم المادي ، وفي الثاني تتقوم النفس وتصبح أكثر قدرة على التعامل مع العالم المعنوي . ولكل من الرياضة الجسمانية والمعنوية تأثير أحدهما على الآخر ، وفي جمعهما يكون تمام الكمال .
ولا فرق في أن تمارس الرياضة بآلة أو بدونها مادامت لا تجر الإنسان الى السلب ، كما لا تنحصر الرياضة بعمر كبير أو صغير ، ولا صنف ذكوري أو أنثوي ، بشرط أن لا تخرج الصنفين من حِشمتهما .
الرياضة مظهر قوة الشعوب ، فالجيش الرياضي لا يقاس بغير الرياضي ، بل الرياضة جزء أساسي في الجيش ، وكذلك الموظف الرياضي أكثر نشاطا وانتاجا من غيره غالبا ، وهكذا تجار وعمال الأعمال الحرة .
والرياضة أصناف ودرجات لاتقف عند حد ، وأما ما هو معروف اليوم وأمس فهو بحكم ما توصل إليه الأنسان فالدرجات ، منها نافع ، ومنها أكثر نفعا ، ومنها رديء ، ومنها أكثر رداءة .
والأصناف ، منها قتالية ، ومنها فنية ، ومنها عقلية ، ومنها قلبية ، وهكذا .
ومن الرياضة ما هي فن ومتعة وترويح للنفس ، بشرط أن لا تخرج الرياضي عن الحِشمة ، ولا تضيع وقته وتصرف عمره .
كما أن المعنى المذكور يدعو الإنسان الى تحمل وتحدي الصعاب ، وقدرته على تحصيل ما يظن عدم تحصيله في مختلف مجالات الحياة الممكنة التحصيل .
ومن الرياضة ماهي قتالية ، وفائدتها غنية عن التعريف ، كما أنها تعتبر من أشرف أنواع الرياضة وأرفعها ، وتأثيرها على الرياضة المعنوية لا يخفى فالمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ، وطلبها لا يقف عند حد حتى بلوغ كمال القوة ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ) .
ولنا من مجمل الذكريات مراحل متقدمة في الرياضة القتالية ، وهي :

  • الحزام الاسود ( ٥ دان ) ، مدرب جنوب العراق ، مدرب جامعة البصرة وكلية التربية الرياضية ، نائب الإتحاد المركزي للفنون القتالية في البصرة ، رئيس أتحاد الكونفو في البصرة ، بطل جنوب العراق ، عضو اللجنة الأولمبية ، شهادة التدريب العالمية . كل ذلك كان سابقا وبصفة رسمية ، ولازلنا نحتفظ بوثائقه .
    كما تخرج عندنا مئات الأبطال والمدربين والرياضيين والمجاهدين ، منهم أبطال العراق والمحافظات العراقية وغيرها ، وبعضهم أبطال ورياضيين أجانب .
    ومن الرياضة ما هو عقلي كالفلسفة ، وإن كانت علمية أو حكمية ، فقد تصيب ذلك وقد لا تصيب ، أي : العلم والحكمة . إذ التفكير والتأمل رياضة العقل ووظيفته بشرط التجرد ، فالنتائج تتبع المقدمات سلامة وسقماً . وكما تتبعنا الرياضة الجسمانية عموماً والقتالية خصوصاً بكل مفرداتها – كما سبق – كذلك تتبعنا الرياضة العقلية لسنوات عديدة ، فدرسنا أمهات الكتب وبناتها على أيادي أفاضل الأساتذة وكبارهم .
    منها : الفلسفة المشائية ، والفلسفة الإشراقية ، والفلسفة المتعالية ، والفلسفة الغربية : ككتاب الإشارات والتنبيهات للشيخ الرئيس ، وكتاب الشفاء له أيضا ، وحكمة الإشراق للشيخ السهروردي ، والحكمة المتعالية لصدر المتألهين ، وفلسفة هيجل وكانت وغيرهم ، وهكذا عشرات الكتب لأكثر من عشرين سنة . ومن ثم ألفنا في ذلك وشرحنا وعلقنا ، فبعضها مطبوع وبعضها مخطوط ، وبعضها صوتي منشور ، وبعضها غير مسجل .
    وأعطينا دروس لسنوات كثيرة في المساجد والأماكن العامة والمدارس والجامعات ، ولنا سجل رسمي في المركز العالمي كأستاذ ومؤلف ، أي : جامعة المصطفى حالياً ، وهي أكبر جامعة اسلامية في إيران ، ومن ثم منحنا شهادة أفضل أستاذ من الجامعة المذكورة .
    وبعد هذه المسيرة الطويلة رأينا أن الفلسفة العقلية لوحدها غير كافية لبلوغ المراد وتحصيل الكمال ، فكانت محطتنا الاخيرة عند الرياضة القلبية التي كانت مواكبة لنا منذ سنين الرياضة الجسمانية ولكنا لم تبلغ ذروتها ولم نقف على معالمها بصورة واضحة ، كما دخلت فيها بعض الرياضات الروحانية التي تخدم الفنون القتالية كالتأملات والباراسايكلوجي واليوغا وغيرها . ومن ثم تهذبت أثناء الدراسات الفلسفية ، حتى أصبحت الرياضة القلبية واضحة بينة ، فملنا لها ووجدنا ضالتنا فيها ، ومثلما فعلنا في الدراسات الفلسفية من درس وتدريس وتأليف وتعليق وتحقيق فعلنا في الدراسات القلبية النظرية والعملية المسماة بالعرفان النظري والعملي ، وفي هذا كله لم نغادر دراسات الفقه والعقائد ولا الكتاب والسنة ولا هدي العلماء والحكماء ، ولم نخالف الفطرة والعقل الصحيح ، ومع ذلك يبقى الانسان غير معصوم ، والله يعرف النوايا ومقاصد الانسان ، وحلمه كبير ورحمته واسعة .
    وأخيرا أرجو أن يختم الله حياتنا بما يرضيه ، وأن يبلغنا كمالنا ، فمنهجنا في الحياة لأنفسنا ولغيرنا ما ذكرنا أخيراً ، كما نؤمن بحرية الفكر بشرط الادب ، والتعايش والسلام لمختلف الأديان والمذاهب ، واحترام القانون والنظام في أي مكان كان ، فهو خلق الدين والإنسانية .
    ومن الرياضة ما هي علمية بالمعنى الأعم ، أي : بقطع النظر عن كونه مصيبا للواقع أو غير مصيب ، وهذا يشمل كل أنواع الدراسات الكسبية الدينية وغيرها ، فالفقه والأصول وغيرهما رياضة علمية مادامت تدخل في تفكير وتأمل الانسان بضوابط وقواعد مخصوصة ، ومثلها الفيزياء والكيمياء وغيرها.
    ولنا ولله الحمد عمراً طويلا في دراسة ذلك ، إذا درسنا من الإبتدائية الى الجامعة دراسة أكاديمية ، ومن المقدمات الى السطوح حتى أنهينا دراسة البحث الخارج ، وهو آخر مرحلة دراسية في الدراسات الحوزوية الدينية وفي المركز العالمي الإسلامي ( جامعة المصطفى حاليا ) ، وحصلنا على شهادة الماجستير وتهيئنا لما بعدها لولا الخلاف في الرأي الذي حال دون ذلك ، ومع ذلك فقد أشرفنا كأستاذ على مناقشة رسائل البحوث العالية كالماجستير والدكتوراه بصفة رسمية من الجامعة المذكورة . ولازلنا نحقق ونؤلف بغية تحصيل المراد ، وقد طبعنا عدة كتب ، ومنها مخطوط ، وهناك صوتيات كثيرة جدا ومنها غير مسجلة . فهذه الدراسة ابتدأت رسميا واستمرت منذ سنة ١٩٨٨م حتى اليوم .
    وفي خضم هذه المسيرة العلمية والعملية الطويلة ، ليس لدينا إدعاء يذكر ، وما ندعي لابد من دليل . ونؤمن أن الانسان مهما تعلم وعمل يبقى قليل غير كامل ، كما لا نبغي فيما نذكر مدحا ولا منصبا لاعتقادنا أن الثناء من الله تعالى ، وأن الأمور إذا أرادها الله لك أعانك عليها ، وإذا أردتها لنفسك قد لا يعينك عليها ، فكل الذي نرجوه أن تتمم هذه الحياة بما يرضي الله ويحصل الكمال والمقام المحمود ، وهو الذي نرجوه لطلابنا واخواننا والناس ، ولله في خلقه شؤون .
    وندعو الى الخلق الرفيع ، واحترام الناس ، وتقييم الآراء والمواقف ولو من الأعداء ، وننبذ الطائفية والتمييز غير الحق ، وندعو لحفظ النظام في أي مكان يكون فيه الإنسان ولو كان دانيا ، وملاك ذلك كله النظرة الانسانية الكاملة التامة . هذا هو خلاصة منهجنا في الحياة .
    وطبيعي أن هذا المنهج فيه الإختلاف والخلاف ، ولهما عندنا من الإحترام مالم يتجاوز حدود ما يمكن فيه الإحترام الى أقصاه . والله ولي التوفيق .
  • ملاحظة : كتبنا هذا وإن خرجنا شيئا ما عن موضوع البحث ، فإننا لا نبغي فيه مدحا مادام موضوعنا ومحور حياتنا اليوم على حسب منهجنا هو الله تعالى . إذ الدراسات العرفانية موضوعها هذا ، وليس لأهلها رجاء مدح ومنصب من بشر ، ولكن كتبناه لعدة فوائد : منها ليعلم بعض طلبتنا وغيرهم أننا لم ندخل هذا المضمار عن جهل ومقاصد سلبية . ومنها ليقتدي البعض بالنافع مما ذكرنا . ومنها لأن أكثر ما نكتبه يطبع وقد صدر منه الجزء الاول ، وتم الثاني ، وتبعه الثالث ، فخشينا إن لا تكون المسيرة غير واضحة لمن تتبعنا وأراد الإطلاع على منهجنا ومسيرتنا . والكمال لله تعالى .
    وأخيراً : أريد أن أختم وإن كان ما نختم به يخرج عن موضوع البحث قليلا ، ولكن العذر : من باب الكلام يجر الكلام ،ولتوضيح المسيرة للموآلف والمخاصم.
    فما ذكرنا مختصرا من مسيرة علمية وعملية طويلة ، فنية ، ورياضية ، وفقهيه ، وعقائدية ، وفلسفية ، وعرفانية ، وغيرها . كل ذلك بلغنا فيه عرفياً ورسميا شهادات عالية دراسة وتدريسا ، ولازلنا نحتفظ بها غير قابلة للإنكار، كذلك التأليف والتحقيق مطبوع ومخطوط ، وقد تقدم كله في المنشورات السابقة .
    ومعه فلم يتركنا الله تعالى من التربية الإجتماعية ، فإننا ننحدر من أعرق العشائر وساداتها : من عشيرة عنزة / صقور / الماجد ، التي أنتمي إليها ، وجدي هو الشيخ ماجد ، المسماة العشيرة باسمه ، وأجدادي شيوخ عموم عشيرة الماجد الكبيرة ، التي تنطوي تحتها عشائر عدة الى اليوم ، وابن عمي المباشر شيخ عموم عشيرة الماجد الآن.
    وقد تربيت قبل هجرتي الجهادية التي دامت منذ سنة ١٩٨٨م ، لأكثر من عشيرين سنة ، تربية ديوان في ديوان جدي الشيخ حسين الفزع ، من مشايخ عشيرة الماجد العموم . وهو غني عن التعريف بديوانه ، ورجاحة عقله ، وكرمه وشجاعته . فحضنا من التربية العشائرية السليمة ، ودواوين الأخيار معروف بمعرفة أجدادي المشايخ وكبار القوم ورجالها .
    وأما من ناحية التربية المدنية ، فوالدي رئيس مهندسين سابقا ، ومدير المنطقة الزراعية في محافظة البصرة عموما . وفي ذلك نصيب كبير من التربية المدنية بالإضافة الى التربية العشائرية ، والدراسة الأكاديمية ، والدينية . ومن ثم تممناها في معرفة الحياة الغربية حيث نقيم في بلاد الغرب .
    فمثل هكذا إطلاع كثير ، ومسيرة علمية وعملية طويلة ، واصالة عريقة ، وتدين ، وجهاد ، وهجرة ، وشهداء من أهلنا ، وغير ذلك .
    وأخيراً جعل الله موضوع خاتمة المسيرة عندنا ( معرفة الله وانفسنا ) ، وهو المنهج العرفاني المعروف ، الذي لا نغادر فيه الشرع والفطرة والعقل الصحيح ، ولا نرجو منصبا ولا مدحا من بشر ، ولا ادعاءً يذكر ، كما ندعو للحرية واحترام الخلق والنظام والتعايش وقبول الرأي المخالف ، وجعل ملاك الحياة الإنسانية الكاملة .
    مثل هكذا إطلاع كثير لا أظن فيه الظنون ، ويكفي فيه صحة المسيرة بحسب الطاقة إن شاء الله ، والله يعلم بالنوايا ، ويعلم ما تخفي الصدور . وإنا لنقطع بان الله معنا وهو الشاهد على كلامنا وقطعنا ، ومع ذلك لا ندعي أي ادعاء سلبي ، (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) . والحمد لله رب العالمين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى