رأي

جامعة هارفرد و ميدان الحرب مع الحيوان

 
مظهر محمد صالح
يالها من ذكريات عظيمة في حي كمبردج من مدينة بوسطن الامريكية حيث ترقد جامعة هارفارد شامخة في وسط ذلك الحي العريق .
فحالما ان تعبر الجسر الذي يقطع نهر تشارلس الذي يتوسط مدينة بوسطن تكتشف نفسك امام منظر جميل من تدفق المياه التي تداعب تلابيب العقل .في حين اصطفت على ضفتي النهر ابنية اضفى الهدوء والجمال رونقاً انعكست ظلاله على مياه نهر تشارلس نفسه ولتجد نفسك في بقعة اكاديمية قل نظيرها كلما اقتربت من هارفرد الجامعة.
اذ تتمتع بوسطن نفسها ،وقبل العبور الى حي كمبردج ،بشبكة انفاق عملاقة كانت المهندسة المدنية المشرفة على هذه الانفاق والتقاطعات عراقية الاصل والولادة .وتقول الرواية الحقيقية في اعمار مدينة بوسطن ان هناك تراكم تاريخي من سلالات الجرذان التي عاشت بالتعاقب وتكاثرت بانفاق تحت الارض وجاءت الى اميركا برفقة البضائع المحملة على ظهر السفن التجارية لتعيش في بوسطن عاصمة ولاية ماساسيويتس الامريكية منذ القرن الثامن عشر . ففي النفق الاول العملاق واثناء عمليات الحفر تجمعت فيه ،اثناء حفره في الوهلة الولى ،اعدد قدرت بملايين الجرذان كانت جميعها على اهبة الاستعداد لمهاجمة المدينة واعمالها الانشائية مما اضطر المهندسة العراقية وبلدية بوسطن اعلان حالة الطواري القصوى والاستعانه بالحرس الوطني للولايات المتحدة الامريكية لصد هجمات الجرذان التي داهمها الجوع واللااستقرار تحت اراض مدينة بوسطن .ولم تنفك القوات المسلحة حينها الا باستخدام اسلحة الدمار الشامل لكي تتمكن الحفارات والحادلات والآليات الاخرى مواصلة اعمالها في اقامة واحدة من اعظم شبكات الانفاق والطرق السريعة في مدن العالم العصرية. وهكذا كانت الانفاق ساحة القتال بين الحيوان والانسان في اعماق الارض و باشراف وقيادة هندسية عراقية هذه المرة. حالفني الحظ بعد ان استمتعت بقصة معركة الجرذان واطرافها المنتصرة بان ازور احد اعظم الصروح العلمية في العالم( انها جامعة هارفرد )في حي كمبردج مرورا من فوق نهر تشارلس المحاط بالابنية الرائعة .اذ انسحبت تلقائيا من وسط مبنى الجامعة الى مكتبتها العريقة التي يؤمها نخبة من الدارسين في البحث عن الحقيقة ولم انته من زيارتي الا بحدثين لافتين ،الاول :اطلاعي على فعالية طلابية انتقامية تمثلت بقيام ثلة من طلاب (جامعة ييل )بوضع اصباغ غير
لائقة على تمثال مؤسس الجامعة الذي اعتمر شامخاً في وسط الجامعة وذلك تعبيراً انتقامياً عن خيبة املهم وخسارتهم امام فريق كرة القدم لجامعة هارفرد،وكانت اشبه ما بحرب الجرذان في تسللهم ليلاً لاجراء تلك الاعمال الانتقامية الساذجة .اما الحدث الثاني، يتمثل ببلوغي معرض بيع الكتب في جامعة هارفرد وقيامي بشراء كتاب حديث في الاقتصاد الكلي… تمتعت بالحصول عليه بكل يسر .
وختمت زيارتي لجامعة هارفرد في تناول طعام الغداء في واحده من مطاعم حي كمبردج التي تعج بخليط من الطلاب من كلا الجنسين .فالزبائن هم الطلبة وعمال المطعم هم من الطلاب ايضاً …. فبين الاجواء المهنية والاجواء الاكاديمية قضيت يوم عطلة الاحد في صيف بوسطن لاكتشف ملامح من السعادة شكلت رمزية رائعة من رموز الحلم الأكاديمي الذي افنيت حياتي في التطلع اليه . ومنذ ان غادرت مباني جامعة هارفرد في ذلك اليوم المشرق من نهايات صيف اميركا الشمالية مررت بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا الشهير MIT وانا احدث سري بتاريخ هذه المدينة الاقتصادي التي صارعت موانئها الناشئةً سفن تولت صناعة صيد الحيوانات البحرية العملاقة في المحيط الاطلسي الشمالي ، متذكراً في الوقت نفسه تلك الرواية الكلاسيكية للكاتب الاميركي هيرمن ميلفل التي صدرت في العام 1851 بعنوان 🙁 الحوت الابيض) ثم تحولت اليوم الى دراما سينمائية حملت عنوانا آخر اسمه:( في قلب البحر). حيث جسد الفيلم معاني الرعب في تلك السفينة التي غادرت جزيرة(نانتكر)قبالة مدينة بوسطن الاميركية مبحرةً الى اعماق المحيط لصيد الحيتان. وبعد عام على ابحار تلك السفينة قاومها حوت ابيض عمل على تحطيمها ولم ينجُ في نهاية المطاف سوى خمسة من بحارتها حيث قَتل بعضهم البعض ليعتاشوا على جثث قتلاهم بعد ان نفد الطعام وشح الماء واصابهم الجوع والعطش والهذيان. كان الدافع وراء كل تلك المغامرة هو اصطياد الحيتان للحصول على دهونها وتصنيع لحومها وحتى عظامها. واللافت ان احد الناجين من كارثة الغرق اسس من فوره شركة مختصة بعمليات تمويل وتجهيز مستلزمات سفن صيد الحيتان وكانت من طلائع الشركات الاحتكارية الكبرى التي تاسست في ميناء بيدفورد الجديد في اميركا في العام 1859.
ختمت زيارتي لجامعة هارفرد وحادثة حرب الحيوان والصراع مع الجرذان والحيتان ظلت تلازم زيارتي الى جامعة هارفرد الى الابد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى