أخبارالحدث الجزائريولايات ومراسلون

الأغواط ..الحاج علي سوفاري يروي لنا شهادات حية لصناع ثورة التحرير

الأغواط ـ الحاج علي سوفاري يروي لنا شهادات حية لصناع ثورة التحرير

قد قارب التسعين من عمره ولم يزل يذكر الاستعمار الفرنسي وبشاعته وتنكيله وجبروته، كان حنها شاب في العشرين من العمر ولكنه بعقلية وتصرفات كهل في الأربعين، حاله حال معضم سكان الأغواط يزداد كرههم للاستعمار الفرنسي يوما بعد يوم ولعل من أبرز شواهد المواقف البطولية للشعب برمته، حينها لم تكن العروشية تفرقهم بل كانت الوطنية تجمعهم ومقبرة المقاومة أكبر شاهد على ذلك وعلى فضاضة جرم الاستدمار الفرنسي، هذه المقبرة التي تبقى شامخة مشرئبة تقع على سفح الجبل المشرف على مدينة الأغواط من الجهة الشمالية على فترق الطرق المؤدية إلى كل من الطريق التجنبي لمدينة الأغواط والطريق المؤدي إلى بلدية العسافية، وتعود هذه المقبرة حسب محدثنا الحاج علي سوفاري، لسنة 1852 عند دخول الاحتلال الفرنسي المدينة ليقوم بإعدام ثلثي السكان حرقا بالنار، فلما أعلنت الثورة سنة 1954 كان سكان الأغواط في أتم الاستعداد للمشاركة في الثورة ودعمها بالنفس والنفيس.. ولد المجاهد الأب الحاج علي سوفاري بالأغواط سنة 1936 وتعلم بها على يد مشايخ ومربين غرسوا فيه روح الوطنية لتسري في عروقه فتسقي كيانه فكرا وجسدا، فانخرط في الكشافة الاسلامية التي كانت في ذلك الوقت تجمع الشباب وتنمي عقولهم بالأفكار الكراهية للاستعمار وتحببهم في الوطن وتحريره من ضيم الاستدمار الفرنسي، كما ارتبط فكره بأفكار جمعية المسلمين فكانت دافعا قويا للانضمام إلى صفوف المجاهدين في مطلع نوفمبر 1954 منذ الوهلة الأولى لاندلاع الثورة المظفرة، وحسبه فإن الثورة في الأغواط كان قد بدأ التحضير لها منذ سنة 1953 حيث كانت التشكيلات السياسية المتمثلة في الأحزاب الناشطة في ذلك على غرار (ليدما) و(البيبيا) وجمعية العلماء المسلمين، خلالها قاد محمد بن سالم تشكيلة سياسية من شأنها الترويج للمرحلة القادمة في محاربة الاستعمار وكانت البداية بجمع الأسلحة والذخيرة في مخبأ لدي المدعو بن عمر الذي اكتشف أمره في أواخر 1953.

قال الحاج علي سوفاري على الرغم من أن الأغواط كانت خاضعة كليا للحكم العسكري الفرنسي حيث كانت منطقة عسكرية فرنسية بامتياز، إلا أنها ظلت إلى سنة 1954 تركز في نشاطها على العمل السياسي والدعائي بالترويج للثورة، ما ضاعف من حقد الشعب على الاحتلال، فبمجرد وصول بيان أول نوفمبر استجابت بتشكيل خلية سرية تنشط تحت لواء جبهة التحرير الوطني التي عملت على توحيد الصفوف، حينها ظهر جيش “بلونيس” الذي خرح من رحم الاستعمار ليفرق الأحزاب المنددة بالاستعمار وقت معرك دامية بين جيش التحرير وبلونيس سنة 1956 ومن ثمة تم تشكيل اللجان الثورية بالجنوب تمتد كل إلى شقين شق سياسي وآخر مسلح فكانت معركة سطافة في 17 أكتوبر 1956 حينها تكبد الاستعمار خسائر في الأرواح والعتاد، لينتقل بعدها الفوج الذي تمكن من إسقاط طائرة للعدو الفرنسي، إلى منطقة القعدة ذلك الحصن الطبيعي المنيع لينضموا إلى كتائب العقيد لطفي الذي مكن لهم بالمنطقة، ومنها إلى معركة الذين توحدوا للتحضير إلى المعركة الكبرى “شوابير” التي نفذها الجيش العائد من الحدود المغربية قتل فيها أكثر من 800 جندي فرنسي..

ورغم الخلافات الكبيرة التي كانت بين القادة السياسيين على “الزعامة” إلى أنها كانت تهون بحسبه أمام وطنيتهم الراسخة وحبهم للجزائر وقناعة بالاستقلال وتحرير الوطن ذللت تلك الاخلافات والاختلالات..

وقد أشير على الاستعمار الفرنسي بفتح نوادي تستقطب الشباب وشغلهم بمغريات متعددة للتخلي عن التفكير في الثورة إلا أن شباب ذلك العصر قلب السحر على الساحر في تحويل تلك النوادي المراقبة بشدة إلى مكان يلتقي فيه الشباب لتبادل الأخبار والأفكار… كما سهلت تلك النوادي المنتشرة عبر الأحياء على بوجلال النوار وفشكار محمد توزيع المناشير… وعلى آخرين عقد صفقات مع بعض الجنود في شراء الذخيرة وقطع سلاح..

أصيب علي سوفاري في معركة “شوابير” بخمس رصاصات في رجله نزف على اثرهما الكثير من الدماء، بقي أثرها إلى اليوم ..

وبعد الاستقلال شغل عدة مناصب سياسية في حزب جبهة التحرير الوطني منها نائب محافظ فأمين ولائي لمنظمة المجاهدين وحاليا ورغم كبر سنه وما آلت إليه صحته فهو أمين منظمة كبار مهطوبي حرب التحرير، نسأل له طول العمر بموفور الصحة والهناء والعافية، ورحم الله الشهداء والمجاهدين…غانم ص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى