تعاليقرأي

دعوني … أريد أنْ أُهاجر

دعوني … أريد أنْ أُهاجر زهير دعيم

لطالما تغزّلْتُ ببلدتي عبلّين ؛ هذه العروس القابعة كما الخال الجميل على خدّ الجليل …
ولطالما رفعْتُ رأسي شَمَمًا وأنا أقول :
جليليٌّ أنا أعشق التينَ والحَبَقَ والمنتور والقرّيص والبُحيرة العاشقة لآثار القداسة .
تغزّلْتُ وما ندمتُ ، فأرضنا ترفل فعلًا بالقداسة ، وتتسربلُ بالأمجاد .
ولكن !!!
ولا أُخفيكم سرًّا إنْ قلت لكم لقد راودتني أكثر من مرّةٍ فكرة الهجرة والفرار الى أوروبا ..
تراودني حينًا وسَرعان ما تندحر أمام ثقل السنين وعددها ، رغم أنّني وبعد كلّ سفرة- وكثيرًا ما أُسافر- أتوق بعد أيام قليلة الى هذا الوطن الجميل والذي زرعه الماضي فِيَّ لوحةً جميلةً تنقط عفويةً وعُذريةً وسلامًا .
تُراودني ؛ وكيف لا وبعد كلّ غروب شمس هناك قتيل هنا وضحية وضحايا هناك، وجرحى واطلاق رصاص وإتاوات وسوق سوداء تعربد .
وحدّث ولا حَرَج . .
فقد أضحى مجتمعنا العربيّ وللأسف عنيفًا ، شرسًا ، يستعذبُ الدّمَ والألم ، ويتغزّل بالدّموع والأسى والمصائب .
وما يؤلمني حقًّا أنّنا نعدّ الضّحايا وننسى الجرحى والخوف والرُّعب ، وليس هناك مَنْ يرفع عقيرته بالصُّراخ المقرون بالعمل قائلًا :
كفى.. كفى.. نريد حلًّا جذريًّا.. نريد أمانًا ..
حقيقة لقد سرقتم منا الطمأنينة ، وسلبتم النوم من عيوننا وهدأة البال ، وأجبرتمونا عُنوةً أن نحضر في كلّ ليلة وعلى مسرح حياتنا فيلمًا مرعبًا بل أفلامًا ، يكوكب فيها المُسدّس والكلاشينكوف والرّشّاش الى جانب البغضاء والوحشية ..
صدّقوني أنّني افتخرت وما زلْتُ افتخر أنّني ولدت في هذه البقعة المُقدّسة الجميلة ، ولكنني في عين الوقت أتوق للهرب الى حيث السّكينة تُعشّش ، والسّلام يُشرق، والبغضاء تغيب.
أتراني وحدي أفكّر بالهجرة ؟!!
أتراني وحدي أمقت هذا العنف الأسود الذي بات يؤرّقنا جميعًا ..
لسْتُ أدري..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى