أحوال عربيةأخبارأخبار العالم

المظاهرات العربية المناصرة لغزة؛ الى أين؟

راني ناصر

بينما تعبّر المسيرات في المدن والعواصم العربية المتضامنة مع غزة ومقاومتها، والمنددة بالعدوان الصهيوني على
القطاع عن مركزية القضية الفلسطينية في قلوب شعوب المنطقة؛ إلا أنها لن تحدث أي تغيير في المشهد والواقع
الفلسطيني بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية عنها. وفي حال عدم رفع حدة المواجهة في القطاع أو في مناطق متفرقة
في فلسطين ستخبو هذه المسيرات، ويقل حماس الشعوب في دعم غزة ومقاومتها، وهو ما حدث في الماضي مع
العديد من المظاهرات التي خرجت في المنطقة العربية تندد بالمجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني ضد شعوب
المنطقة على مدى 75 عامًا.
تحتاج المظاهرات العربية، التي تعد أحد أشكال المشاركة السياسية، إلى وجود أحزاب سياسية ونقابات ومنظمات
مجتمع مدني، وقادة سياسيين قادرين على استثمار هذه المسيرات للضغط على صناع القرار في الحكومة، بهدف تلبية
متطلبات الجماهير؛ وهذه هي الآليات التي تفتقدها جميع الأنظمة العربية، وتعمل على محاربتها باستخدام جميع
وسائل القمع المتاحة لديها.
ولا يمكن للمظاهرات العربية المتضامنة مع غزة ومقاومتها أن تؤدي إلى دفع دولة الاحتلال لتقديم تنازلات بسيطة
للشعب الفلسطيني في ظل تواطؤ الأنظمة العربية بشكل كامل مع إسرائيل، وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني؛ فعلى
سبيل المثال، اتخذت بعض الأنظمة العربية مثل النظام الإماراتي موقفًا يتبنى الرواية الصهيونية بشكل كامل كنشر
الأكاذيب حول تقطيع رؤوس الأطفال من قبل المقاومة الفلسطينية، واغتصاب النساء وهوما نفته وسائل الإعلام
الغربية بما في ذلك الأمريكية.
ولم تتوانى بعض الأنظمة العربية على تطويق المظاهرات المناصرة للشعب الفلسطيني وقمعها، والزج بالعديد من
المتظاهرين ظلما في غياهب سجونها، وسارعت أخرى كالنظام الأردني، والسعودي، والإماراتي، والمصري،
والبحريني في فتح معبر بري عاجل لإسرائيل بهدف تخفيف الضغط الاقتصادي عليها، وذلك نتيجة للحرب التي
تشنها حكومة نتنياهو الفاشية على غزة، وتعطيل حركة الملاحة البحرية في باب المندب من قبل الحوثيين في اليمن؛
مما يمكّن دولة الاحتلال من التصعيد في جرائمها ضد غزة، وتوفير الغطاء السياسي الدولي لتسويق أكاذيبها في
المحافل الدولية.
ولهذا على الرغم من أهمية هذه المظاهرات في ترسيخ اولوية ومكانة القضية الفلسطينية من جيل الى جيل في الشارع
العربي، وقطع الطريق على محاولة الأنظمة العربية المتكررة لتشويه وتصفية القضية الفلسطينية؛ الى ان هذه
المظاهرات ستتلاشى شيئا فشيئا بسبب افتقارها الى آليات تفضي الى تغير سياسات الأنظمة العربية والانصياع لإرادة
شعوبها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى