تقاربٌ بالشرق وأوجاعٌ بالغرب!
عزيز فيرم كاتب سياسي وروائي جزائري
قد لا نبالغ إذا قلنا بأنّ الفترة القادمة ستلحظ نقلة نوعيّة وطفرة ذات أهميّة في العلاقات السعوديّة الإيرانيّة بحسب الاتفاق المبرم حديثا بين البلدين الجارين والمتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسيّة وإعادة فتح سفارتي البلدين في مدة أقصاها شهرين، وفق ما جاء في بيان مشترك في العاصمة الصينيّة بيكين، كما تمّ الاتفاق على إعادة بعث إتفاقيّة التعاون المبرمة بين البلدين العام 1998.
والظاهر أنّ بيكين سعت وتسعى بشكل حثيث لإعادة الدفء إلى العلاقات بين طهران والرياض بعد أن شهدت ذات العلاقة برودة أصابت جميع أبنيتها خلال الفترة الماضية أدت إلى تشنج كبير وسوء تفاهم بين كبيري المنطقة، أحدث نوعا من البهجة لدى الغرب الذي كان يريد تأزما أكبر واحتقان أعظم لربح الوقت واستنزاف مقدرات وجهود قطبي المنطقة.
التقارب السعودي الإيراني ربما أصاب بعض الدول بالغثيان والتذمر وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكيّة التي لا تريد الخير لمنطقة الشرق الأوسط من زمان، وهي اليوم أكثر من أي وقت مضى موجوعة من الذي يحدث بالعالم بعد استقواء الصين والتدخل الروسي بأوكرانيا وصولا إلى بداية تشكل تحالفات جديدة.
بيكين التي تتغنى اليوم بنجاحها في إذابة الجليد بين السعودية وإيران ، تسجل من جديد نقطة هامة أخرى في صراعها الكبير مع واشنطن، عن طريق قوتها الدبلوماسيّة النّاعمة التي أصبحت تستخدمها كسلاح ناجع لتواري وراءها تطورا كبيرا في منظومتها العسكرية أو لنقل قوتها الصلبة التي لا تريد استخدامها في الوقت الرّاهن وعلى الأرجح خلال المستقبل المنظور.
عودة العلاقة بين طهران والرياض كذلك تعتبر إنجازا هاما وكبيرا للقيادة في البلدين، ستتحقق بها لاريب المزيد من الإنجازات الميدانية التي ستخدم مصالحهما الاستراتيجيّة وهو حلم ربما راود شعوب المنطقة من مدة.
قصارى القول، أن الرياض وطهران وبعيدا عن إملاءات الغرب تحققان اليوم إنجازا تاريخيا كبيرا باهرا سيغيّر بكل تأكيد شكل المنطقة كلها ويخدم اتساقا مع ذلك مصالح شعوبها التي ترنو إلى النظر للمستقبل بعيدا عن الإملاءات والأبويّة الغربيّة التي أرادت إفساد واستغلال المنطقة برمتها وكل المنطقة العربيّة بشكل سريالي.