تعاليق حرةتقاريررأي

تعقيبا على مقال … الشهادة لا تعكس بالضّرورة المستوى الحقيقي“، كتب الأستاذ الخبير الدولي (رفيق مسعي)

تعقيبا على مقالنا الذي نُشر بجريدة الجزائرية للأخبار الالكترونية

بعنوان: ”الشهادة لا تعكس بالضّرورة المستوى الحقيقي“، كتب الأستاذ الخبير الدولي (رفيق مسعي) يقول:

رفيق مسعي

‎أبوظبي

*
ملاحظتك عميقة تُسلّط الضّوء على قضيّة مهمّة تتعلّق بكيفية قيّام المجتمع غالبا بربط المؤهّلات الأكاديميّة الرسميّة بالكفاءة أو الذكاء، مع تجاهل قيمة التعليم الذاتيّ، والمثابرة والعمل الجاد و الخبرة.
فعندما يعطي المجتمع وزنا مبالغا فيه للمؤهّلات الرسميّة، قد يؤدّي غالبا إلى الرّكض وراء تلك المؤهّلات و الشّهادات و إستبعاد أو التقليل من شأن الأفراد الذين لم يسلكوا المسار الأكاديميّ التقليديّ المتعارف عليه.
و هذا قد يخلق بدوره ثقافة يتم فيها الحكم على الأشخاص بناءً على شهاداتهم بدلا من مساهمتهم أو قدراتهم الفعليّة.
بالنّسبة للبعض، يكون الحصول على الشّهادة هدف للوفاء بتوقّعات العائلة و المجتمع أو لتأمين وظيفة و منصب، بدلا من السّعي الحقيقيّ للعلم والمعرفة واكتساب المهارات. و هذا قد يؤدّي إلى فهم سطحيّ للمفاهيم دون العمق المطلوب.
فمثلا الذين فشلوا في التعليم الرسميّ لأسباب مختلفة لكنّهم كرّسوا وقتهم للتعلّم اليوميّ، غالبا ما يطوّرون فهما أعمق و عقلا تحليليّا أقوى. يتميّز تعلّمهم بالفضول و التطبيق العلميّ و والمثابرة، بدلا من الاعتماد على المناهج الدراسية التقليديّة.
فالمتعلّمون ذاتيّا دوافعهم للمعرفة تختلف عن أولئك الذين يبحثون عن العلامة و الشّهادة فقط( مثل شهادة المجاهدين من أجل الامتيازات أو المنحة) . فنجدهم غالبا يبدعون في المجالات التي تتطلّب حلّ المشكلات، والإبتكار و التكيّف، لأنّ رحلة تعلُّمِهم ترتبط أكثر بالتحديّات الواقعيّة.
وعلى سبيل المثال، عندما تحدث مناقشة بين الأفراد الذين تعلّموا بأنفسهم و الذين تحصلّوا على شهادات أكاديميّة فقط من أجل الاعتماد، يصبح الفرق واضحا. غالبا ما يتفوق الفهم المتعمّق و البصيرة العلميّة و الفطرة السليمة و المهارات التحليليّة للمتعلّمين ذاتيّا على أولئك الذين اعتمدوا فقط على المسارات الأكاديميّة دون تحسين ذاتيّ مستمر. و هذا يرجع لأن التعليم الرسميّ لا يضمن الخبرة او التفكير التحليليّ العميق.
فلا ينبغي أن يكون الإحترام و التقدير مرتبط بالإنجازات الأكاديميّة فقط، بل بالمعرفة و المهارات و الرّغبة في المساهمة التي تخلق قيمة مضافة؛ المجتمعات المزدهرة تخلق مساحات يتم فيها الاعتراف بمسارات التعليم المختلفة، سواء كانت رسمية أو غير رسمية و احترامها.
في الختام أريد أن أقول بأنه سواء كان الشخص متعلّما رسميّا أو ذاتيّا، فإنّ المفتاح هو التحسين و التعمّق المستمر. أفضل المهنيّين، بغض النظر عن خلفية تعليمهم، هم أولئك الذين لا يتوقّفون عن التعلّم و التطوّر؛ كثيرا من النّاس حقّقوا نجاحا كبيرا رغم افتقارهم للشّهادة الجامعيّة، وذلك من خلال العمل الدّؤوب والمثابرة والتعلّم الذّاتي. يدفعهم في ذلك الشّغف و الفضول، و حبّ إثبات الذّات: مثل (بيل غيتس) صاحب شركة مايكروسوفت، و (مارك زوكربيرج) اللّذين لم يَكملا دراستهما الجامعيّة و مع ذلك أسّسا شركات عالميّة عملاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى