مجتمع

تطبيق معرفي للتحليل النفسي

طلال الربيعي

وجود الأم من عدمه, مع ذلك, قد يعني الفرق بين الحياة والموت للطفل. والدولة العراقية تبقي 14000 مصنعا معطلا لادامة ريعيتها كمصدر هائل لقوتها وسطوتها واعتماد الشعب عليها كاعتماد الطفل القاصر على امه او والديه من اجل البقاء والعيش. ١ن اية محاولة للتخلص من الأم, او الوالدين, ستكون ليس سببا محتملا جدا في قطع مصدر الرزق والتسبب في الفاقه والعوز او حتى الموت, ولكنه سيثير ايضا مشاعرا لا تحتمل لأي انسان اذا ما فكر في قتل امه مهما كانت طالحة او شريرة. ان قتل الوالدين هو احدى اهم محرمات الجنس البشري منذ ظهوره وفي كل عصوره, وهو المحرم-الحرام الذي تراهن عليه الدولة كأحد اهم اسباب ديمومتها وقوتها كدولة ريعية!
وهذا الكلام ينطبق على رافعي شعارهم “شلع قلع!” انطباقه على غيرهم. فقد انشلعوا وانقلعوا هم انفسهم بفعل قانون تحريم قتل الوالدين, الاخلاقي والازلي, وكذلك بفعل القانون انفسي “ألإدخال”, وهو القانون الذي جُهلِه من قبل شيوعيين لا يعفيهم من الانصياع قيد شعرة لفعل القانون: الجهل بالقوانين التشريعية او الطببعية أيضا لا يعفي من المسؤولية ولا يمنع التبعات: فمن يرمي نفسه من عمارة شاهقة سيؤذي نفسه لا محالة او يلقى حتفه سواء سمع بنيوتن او قانونه في الجاذبية او لم يسمع. فطأطأ الشالعون والقالعون كلهم رؤوسهم وتقبلوا بصمت لا يثير الريب, صمت الأموات, تعيين شياع ورشيد, الأول كرئيس وزراء والثاني كرئيس دولة: المحاصصة (الديموقراطية فوق العادة!) هي هي, ولكن الكل يربحوا الحوائز ! القانون هو الرب الذي لا رب غيره لمن لا يرى ظله ويسعى الى تملكه-المزيد عن الظل من وجهة نظر يونغ لاحقا. ومن يختلف عليه أن يثبت العكس!
عادة ما يرتبط هذا السلوك بتقمص السلطة الخارجية، سلطة الوالدين ثم سلطة الدولة: والمثل يقول “الناس على دين ملوكها”! فإذا كان الحكام والمتنفذون يتميزون بسمات مثل العنف والفساد, فلا غرابة في ان يتقمص الآخرون نفس السمات وتصبح هذه السمات كوباء وتصبح المشكلة هيكلية وتغيير الأشخاص سيسجل مأساة الديمقراطية الشكلية ولن يكون الحل, حيث يصبح البديل, الذي قد يرقع النظام لينقذه, حلا هستيريا لعقدة اوديبية, كما هو الحال في ابدال النظام السابق بحكومات الاحتلال الحالية. او, الى حد اكبر, في حالة ما يسمى “انتفاضة تشرين”, التي, بالرغم من التضحيات الجسيمة او بالأحرى بسببها, كانت (لا)فعلا هستيريا لقتل الوالد(ة), ولكن الشعور بالذنب حال دون التنفيذ. التنفيذ سيكون بمثابة احلال والد بآخر. والأب البديل لا يختلف عن الأب المُزاح وقد يكون اسوء منه, فنحن نعلم من الشاعر الانكليزي العظيم جون ميلتون ان الفردوس الموعودة اسوء بما لا يقاس من الفردوس المفقودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى