مجتمع

البصر والبصيرة و العيون البشرية ..اسرار

مجدي زكريا

لقد فعلتم ذلك من جديد. وأمس فعلتم ذلك نحو 15,000 مرة. وعلى الارجح لم تكونوا مدركين قط لفعلكم ذلك, لكنكم واظبتم وبذلك حميتم شيئين من اثمن ممتلكاتكم. وأثناء العملية, يمكن ان تكونوا ايضا قد قدمتم بعض المؤشرات غير العمدية فى ما يتعلق بكيفية عمل دماغكم. فكيف فعلتم ذلك كله ؟ لقد طرفتم عينيكم.
اذا كانت عيناكم تقومان بوظيفتهما. فانهما الجهاز الحسى الاكثر دقة وحساسية لديكم. واذ ينظر اليها الى حد بعيد بصفتها اعجوبة فى التصميم, جرت مقارنة العين البشرية بكاميرا للافلام السينمائية اوتوماتيكية كاملا, ثلاثية الابعاد, ذاتية التبئير, تصور باستمرار, بالالوان الطبيعية. وعندما لا تكون قيد الاستعمال, تجرى تغطية عدسة الكاميرا الدقيقة بغطاء للعدسة. لكن العين تقوم بأفضل من ذلك.
يقع معظم مقلة العين محميا داخل الوقب, ولكن ال10 فى المئة الباقية من مساحة سطح العين معرضة بوضوح للجو, بكل غباره الذى يدور بسرعة وحطامه الخطر. ولحماية العين من هذا التهديد المستمربالهجوم, فان الجسم مصمم بغطاء للعدسة معقد جدا وقابل للانكماش – الجفن. واذ هو مصنوع من جلد الجسم الارق ومقوى بخيوط ليفية بالغة الصغر, ينزلق الجفن برفق نزولا وصعودا على العين. وتدوم طرفة العين نحو عشر الثانية فقط وتحدث 15 مرة تقريبا كل دقيقة.
لكن هذا العمل الصغير الذى لا يكاد يكون لافتا للنظر ينجز الكثير. فاذ ينغلق بحركة سريعة ثم ينكمش, ينشر الجفن غشاء رقيقا من سائل على سطح العين , غاسلا اياه على نحو فعال. وذلك ايضا يصقل سطح العين الخارجى. اذ يمكن تشبيه الجفن بمركب من غطاء للعدسة, منظف للعدسة, وصاقل للعدسة. فياله من تصميم.
ولكن العلماء تحيروا لزمن طويل فى نقطة غريبة : بما ان الدموع المائية تسيل على سطح العين, يجب ان تكون طرفة عين واحدة او طرفتا عين كافيتين للقيام بمهمة الغسل والصقل. فلم اذا كل طرفات العين الاضافية هذه ؟ ان الجواب, كما يبدو, هو العقل.
بين الباحثون ارتباطات بين العين والتفكير. على سبيل المثال, يجعلكم القلق تطرفون عينيكم اكثر. واذا كنتم تحاولون ان تقودوا طائرة مروحية, او تستجوبون من فبل محام غير ودى, او تعانون اضطرابا سببه القلق, تطرفون عينيكم على الارجح اكثر من المعتاد, واذا كنتم مذيعا تلفزيونيا لنشرة الاخبار, يمكن ان يكون قد قيل لكم ان لا تطرفوا عينيكم لكى لا يظن المشاهدون ان الاخبار تذعركم.
من ناحية اخرى, اذا كنتم تركزون بصريا, كما برسم خط عبر متاهة, القيادة فى شوارع المدينة, او قراءة رواية, تطرفون عينيكم مرارا اقل. فالطيارون, على سبيل المثال, يلزمهم ان يركزوا اكثر من مساعدى الطيارين, لذلك يطرفون اعينهم اقل بكثير. ويجرى كبت طرفات العين خصوصا عندما يكون الشخص فى خطر فعلى, وعندما يكون على العينين ان تنطلقا بسرعة من حقل الرؤية الاساسى الى المحيط والخلف.
وهنالك ارتباط اخر بين الدماغ وطرفة العين. فبحسب ذا مديكال بوست لكندا, يقترح البحث ان ” كل طرفة عين يمكن ان تحدث فى اللحظة الحاسمة التى نتوقف فيها عن الرؤية ونبدأ بالتفكير. ” مثلا, ان الشخص الذى يستظهر شيئا سوف يطرف على الارجح عينيه مباشرة بعد قراءة المعلومات التى يريد ان يخزنها. او فى اتخاذ القرارات, تقترح الاختبارات ان ” الدماغ يأمر بطرفة العين عندما يكون لديه ما يكفى من من المعلومات لاتخاذ قرار جيد. ” تلاحظ المجلة مضيفة : ” تشير الاختبارات الى ان طرف العين يخدم كنوع من الترقيم العقلى.
لقد كان منذ ثلاثة الاف سنة تقريبا انه اوحى الى رجل حكيم بأن يكتب : ” بطريقة توحى بالرهبة انا مصنوع على نحو عجيب. ” (مزمور 139 عدد 14).
وتقدم العلم الطبى فى زمننا انما دعم وجهة النظر هذه, فقط تخيلوا : صقل عدسة معقدة وتزييتها, تسجيل درجة تركيز او قلق الدماغ, ومقاطعة تدفق المعلومات البصرية – كل ذلك فى طرفة عين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى