تركيا تنقلب على أمريكا… الحل في سورية سياسي
الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات
أصبحنا نسمع أصواتاً من داخل البيت الأميركي تعبر بكل صراحة عن مدى الإعتراف والشعور بالإحباط وخيبة الأمل من الفشل الذريع الذي ترتكبه أمريكا من خلال إستراتيجياتها في سورية، إذ فقدت الكثير من الخيوط وقدمت خسائر فادحة لم تكن في حساباتها، لذلك أميركا اليوم تتخبط و تحاول بكل السبل تطويع الإنفجارات والفوضى التي كانت سبباً فيها لتحقيق مصالحها.
دعت الولايات المتّحدة دول العالم قاطبة إلى عدم تطبيع علاقاتها مع دمشق، وذلك في معرض تعليقها على اللقاء الذي جمع أخيراً في موسكو وزيري الدفاع السوري والتركي، وفي هذا التطور الجديد أعلنت الرئاسة الأمريكية عزمها على إعادة تقييم ومراجعة علاقاتها مع تركيا، وفي نفس الوقت حذرت واشنطن أنقرة من اللعب بالنار، إذ تعهد الرئيس الأمريكي “بتدمير اقتصاد تركيا ومحوه”، وفرض “عقوبات من الجحيم” على البلاد.
في الحقيقة، شهدت الفترة الفائتة قدراً كبيراً من التوتر والتخبط على فترات زمنية متقاربة، جعلت العلاقة التركية الأمريكية مضطربة، وغير مستقرة، وبلا خريطة واضحة، وخلافات مستمرة بسبب عدة قضايا من بينها تغير مسار السياسة التركية تجاه سورية.
بالمقابل نشرت صحيفة التايمز تقريرا لمراستلها هانا لوسيندا سميث بعنوان: “ضربة للمعارضة السورية بعد أن مد أردوغان يد الصداقة للأسد”، ويشير التقرير إلى أن تركيا، وهي آخر حليف قوي للمعارضة السورية، تعمل على تغيير مسارها، وتتجه نحو المصالحة مع دمشق.
ولا شك إن التعديلات في موقف تركيا تجاه سورية قد بدأت، والحديث يدور عن تصحيح المواقف حيث أعلن الرئيس التركي أردوغان عن استعداد أنقرة للتعاون مع الرئيس الأسد، وأعتقد أن لذلك علاقة من جانب أنها تواجه الكثير من الضغوط الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى الإخفاقات المتتالية التي منيت بها السياسة التركية المكلفة تجاه سورية، فضلاً عما يجري ميدانياً ولا سيما الانتصارات الكبيرة والسريعة من قبل الجيش السوري، هذه العوامل والحسابات مجتمعة تشير إلى أنه من المنطقي والبديهي أن تراجع أنقرة سياستها في سورية، لأنّ الحرب على سورية باتت استنزافاً دون نتيجة وليس ثمة جدوى منها.
اليوم تمرّ أمريكا في مرحلة مفصليّة من إعادة رسم تحالفاتها في المنطقة، بما في ذلك سورية الذي يبدو أنّها لم تعد تملك قدرتها وخبرتها على فهم تطورات الأحداث فيها، بعدما كانت صانعة لأحداث المشهد في سورية، و تعيش في الوقت الراهن أسوأ مراحلها من حيث خسارتها لأكبر شبكة تحالف صنعتها لعقود طويلة تفقد حلفائها هناك والذي شكل ورطة لأمريكا مقابل بروز الحلف الروسي الإيراني.
وظلت الازدواجية الأمريكية تجاه القضايا الدولية مستمرة، حيث تتحدث أمريكا دوماً عن محاربة الارهاب واجتثاثه وتقوم بممارسات مناقضة تماماً من خلال نشر الارهاب والارهابيين بالدول العربية لاضعافها وتمزيقها ثم الانقضاض عليها بحجة حماية المدنيين كما هو يحدث الان بسورية من خلال قرارهم الجائر بتشكيل حلف للعدوان عليها. فأمريكا تعمل بالمثل المصري “تقتل القتيل وتمشي في جنازته”، ولو كان هدفها التخفيف من معاناة الشعب السوري لما أصدرت قانون “قيصر” الذي يهدف لخنق الشعب بعد فشله عسكرياً هناك.
وأختم بالقول: لقد أغلق السوريون الأبواب بإحكام … وأبقوا على فتحات إستنزاف أمريكا وحلفاؤها، ليقعوا في الفخ السوري، في إطار ذلك إن نصر سورية على الإرهاب سينعكس إيجاباً على كافة المسارح الإقليمية والدولية، بالتالي فإن أمريكا التي أدارت الصراع في سورية خسرت رهانها على أن تكون هي الراعية وبيدها ورقة داعش الارهابية لكن في الحقيقة سقط هذا الرهان خاصة بعد أن فشلت من إعادة خلط الأوراق وإحداث فوضى عسى أن تتمكن من إسقاط الدولة السورية أو غير ذلك ولكن كل هذه الأوهام تلاشت وإنهارت لأن أبناء الشعب السوري في المدن السورية على مختلف المكونات والأطياف هبوا ليقفوا صفاً واحداً للقضاء على داعش وطردها من وطننا الغالي ” سورية”.