أخبار هبنقة

تحشيش آخر الليل

سالم صالح سلطان

يبدو أن صحوة ابن آدم غائبة ولغط تعبه اليومي في شوارع الحياة ألجمته ليعيش مخدرا في عصر السرعة والموديل ، وخاصة في هذه الصالة التي يسمونها (البحارة) وليسوا ببحارة بل سكارى مذ وطئت أرجل عيونهم هذه الصالة السفينة ويا للهول وهم غرقى في بركان دخاخين النرجيلة والسجائر والدخان الاليكتروني وأنفاس السكارى وفي آخر الليل لا يبقى منهم شيخا ولا حكيما ولا تافها أو منافقا إلا وهو يتعطش (مُجَوباً) على صوت (رحمة الموديل) وهي تعتب على حظها ولسان فكره يؤيدها ويتوسل كأسه أن لا ينفد مشروبه منه لينتعش في سكرته ولينسى مشاكله المادية والعاطفية والاجتماعية ولعله في نشوته المتعاظمة هذه يبقى محلقا في أجواء كبريائه وقيمته التي يكتسبها من كأسه ويبقى طائرا ولا يسقط من تحليقه الخيالي أبد الدهر.

ويبدو أن ضغط دم العراقيين لا ينخفض بسبب تيهانهم في مزادات العملة والبحث عن محطات البنزين المزدحمة وإرتفاع أسعار الطحين وخواء الجيوب قبل منتصف الشهر يُشهر ما تبقى من الراتب اسلحته عليهم فيحارون بكيف تمضي الايام ويتمنون قدوم نهاية الشهر ليعيد الراتب اوكسجينه الى جيوبهم .!!

نعم نحن في بلد الخير والعافية والغبار والأوساخ والغيبة والنميمة. بلد الكرم والجود والإنسان فيه لا يجوع ، لكن حياته غير حاضرة ولا يوجد من يقوده الى الصراط.عفوا الى (ضراط) المستقبل الأليكتروني .في المقابل نجد هنالك توسعا في عدد المطاعم والكافيهات والملاهي بل وإقبالا على تنوع نشاطاتها وبرامجها الترفيهية وخاصة في تقديم الخدمة الليلية للزبائن من الصبية والشباب الذين يرتادونها وهم يقدمون فرائض طقوس التدخين والبلنكو والكريستال وظهور غيمة هائلة من سحب دخان النرجيلة في أجواء الكافيه . يبدو أننا وصلنا الى القمر يا جماعة !!!. الله بالخير يا وزارة الصحة !! وأختها العزيزة (البيئة) لتحتفل معهم بتحشيش قابل للجوبي والدبكة عند آخر الليل .

بصحة البيئة !!!

  • جيرس !!
  • جيرس يا صحة ! والعاملات الشابات هنا يتنقلنَ بغنج بين المناضد . مدد يا شيخ! نزل الشيخ صعد الشيخ وبين أجسادهن يتلوى فريج الشيخ !! يا للكارثة !هلت السعادة والحلاوة وهنّ يتحركَن بفتنه وشعر أشقر منساب بخصلاته الضاوية وستريج (يهّد الحيل) وعيون مزيونه بالعدسات الخضراء هلا وغلا . يا ويلي ! الله الله محيك يا شيخ !! أيها الكريم في جيبه وشدات نقوده ينثرها عليهَن وهنَ يرقصَن حوله وأمام الحضور !!وصراخه يعلوا وسط الكافي.. :

(يولَن !!كلجَن شيخات يولًن !!).

نعم بزود صالة البحارة!! تعيش البحارة !

وينطلق صوت أحدَاهّن مولولة بعتاباتها وتنتعش معه بورصة السكارى وما هم بسكارى !! أوراق نقودهم الحمراء تحلّق داخل الكافيه مثل طيور تموج في هذا الفضاء الغريب إنها كافيه البحارة !! والنعم منها !! والسبع تنعام !! وبين الشباب والمناضد والمواعيد الناعمة والخافته وتطل مطربة البلاد والعباد وهي تؤدي فقرة ( يا مذلوله إشبكه بعمري ) ويجّوب الصغير والكبير في القاعة راقصين دابكين وقلوبهم حائرة بين سعر جلكان النفط ومرة على سعر قيمة الذهب لهذا الصائغ او ذاك المنافق ومرة على سعر الدولار أو ارتفاع سعر البيض والدجاج ووالله خطية سعر الصمونة (دا يكبر وهي دا تصغر).

وتختلط الأصوات والموسيقى والدخاخين والعمولات والكومنشنات على الصدور والسيقان والعدسات وموديل الجفون الجديد ياعيني عليه !! لقد ضاعت القبيحة وسواها الشكحة والسمراء ويبدو أن الزمن هنا سرق وقت العالم ولبدّ بين المناضد مستمتعا بعالم مبحر بين التحشيش والخمرة والأغاني الهابطة تحت دخان سحري وليل غريب وغامض وماجَن أسكر حتى عاملات الخدمة وهَن يتنقلن بين موائد الزبائن بعجيزاتهن التي التي تترجرج بين المناضد وهَن يلعننَ حظهَن العاثر برخص حياتهَن وهروب صراطهَن في غياهب الفقر وغموض الغد . يضيع باج الشرف مقابل بضعة آلاف من قيمة الشرف اللآمصان معهَن.

مشهد يتكرر

وكيف نصنف أحلام الناس وهي مرهونة بإنسداد العملية السياسية و(جيب حل وضيع الآخر ) ربما مرهون بجرعة (بلنكو) وهم يعالجوا فكرة عبور الشوارع من المكان اللآمخصص منذ بدء العملية السياسية وحتى إنتعاشها في آخر الليل وعند أحلام البعض من الناس عفوا من القرود والضفادع . المهم العبور وعلى جثة رجل المرور ؟؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى