ثقافة

تأملات و وقفات

صلاح الدين محسن
كاتب متنوع الاهتمامات

المثقفون الموسوعيون قِلَّة
كل مثقف ليس بالضرورة ولا بالحتم يجب أن يكون موسوعي الثقافة .. ..
المهم هو أن يُشِعّ حوله وبوعي , خير اشعاع , بما توفر لديه من الثقافة .. ثقافة للحياة , للمجتمع .. ثقافة هادفة التوجه .

الثقافة الموسوعية ليست للاستعلاء ومباهاة الآخرين , أو الخيلاء الطاووسي
صادفت من قبل – في مصر – مثقفاً موسوعياً – كان عمره فيما بين الثلاثين والأربعين – .. الثقافة عنده : أداة استعراضية , و وجاهة اجتماعية .. !

( الموضوع يمكننا القول بانه من قبيل قضية : الفن للفن ؟ للتسلية والاضحاك ؟.. أم الفن للحياة ؟ .. أي له هدف ورسالة تفيد المجتمع )

لا أعرف من رواد التنوير. من وصفوا أنفسهم بانهم رواد التنوير.
بل الأجيال التي جاءت بعدهم هي التي هكذا وصفتهم
يوجد رواد للتنوير في القرن التاسع عشر الميلادي
وآخرون في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي
وفي النصف الأخير من القرن العشرين – وحتي اليوم – ظهر تنويريون كثيرون. ..
وقبل هؤلاء وأؤلئك بألف عام كان أعظم رواد التنوير – في رأيي – هو : أبو العلاء المعرِّي .. الذي لم يقل عن نفسه انه رائد للتنوير .. ولكنني كواحد ممن جاءوا بعده بألف عام .. من قراءتي لشعره وفكره أري انه : رائد لكل التنويريين الذين جاؤا من بعده وحتي الآن ..
ولعلي ذكرت في مقال سابق : لو اكتفينا بتدريس شعره بالمدارس , من الابتدائية حتي المرحلة الثانوية , وبالجامعة .. – ومنعنا تدريس الخزعبلات اللاعقلانية – .. لكان هذا كفيلاً بتفعيل النور ونجاح مقصد التنوير .. بشعر أبي العلاء المعري , وحده ..
لو لم يتحقق النور. واستمر الحال كما هو عليه وظلت الشعوب المقصود تنويرها , تتخبط في نفس الظلام ، فالتنويريون الحاليون سوف تسميهم الأجيال القادمة : رواد تنوير .. !

عندما يتحقق النور ، بعدما تثمر جهود التنويريين في عقول الشعوب والبلاد المعوربة المؤسلمة – بفعل نضال و قرارات سياسيين مستنيرين – .. فالتنويريون في عصرنا هذا ، ومنذ النصف الأخير من القرن العشرين.. كل كتاباتهم وحواراتهم وأحاديثهم ، سوف تحفظ بارشيف , بمتحف الثقافة والفكر.. وقلما سيحتاج اليها – أو يشير اليها – أحد من أجيال ولدت وتفتحت عيونهم علي نور عام , يَعُمُ كما نور شموس البديهيات العلمية .. بدون ناس يسمون تنويريين .. !

كل شيء نسبي ، لا يوجد شيء مطلق
وأقول : هذه القاعدة هي أيضا نسبية وليست مطلقة
ولا أصف من يعترض علي قولي بالجهل .. كلا .. لكي لا أصادر الرأي الآخر بعد اتهامه مقدما بالجهل ، من قبل أن يبدو .

فربما أكونُُ مخطئا فيما قلت , أو مبالغا .

أغلب المواهب الغنائية الصغيرة العبقرية الشديدة الاستثنائية , الذين قد تقل أعمارهم عن عشر سنوات , أو تزيد حتي 15 سنة .. يرددون أغاني أم كلثوم ! ومنها الدسمة والصعبة ! وأيضاً أغاني بعض نجوم ونجمات الطرب ممن تألقوا في عصر أم كلثوم
( أما اغاني شيرين عبد الوهاب أو نجوي كرم ..و مطربي و مطربات ما بعد أم كلثوم وعبد الحليم .. فأغانيهم – إلا ما ندر – ليست ضمن ما يعلق بأذهان المواهب الصغيرة العبقرية )

لكن الغناء .. ككل فن .. لا يتوقف عن التطور , و الأذواق تتغير . بتغير العصور وظروفها الخاصة .
فمتي ؟ وبعد كم من الأجيال ؟ .. ستدخل أغاني ” ام كلثوم ” وعبد الحليم وباقي نجوم عصرهما , متحف التاريخ الغنائي .. ؟؟
من منكم يتذكر أغنية لعبده الحامولي (1836- 1901) , أو أغنية للست ألمظ (1860 – 1896) ؟ أو سلامة حجازي (1852 – 1917) ؟ أو محمد عثمان سنة 1855 – سنة 1900 ؟ أو سيد الصفتي (1867م – 1939م ؟ انهم وآخرون مثلهم في إرشيف متحف تاريخ الطرب / كعظماء ..
( سيد درويش (1892 – 1923) خارج تلك الحسابات .. فنان الشعب الخالد / حتي الآن ) .

أنا لا أطيق سماع مطرب أو مطربة يبدأ الغناء ب ” ليلي يا ليلي ياعيني . يا ليل ” .. عدا ” زكي أفندي مراد ” , عندما يصدح قائلاً ” يا ليل ” وهو يغني رائعة سيد درويش ” زروني كل سنة مرة ” .. حيث أراه مختلفاً ..
إلا أنّ مطربي ومطربات ” ليلي يا عيني يا ليل ” لهم عصر .. كان كل الغناء يبدأ ب ” ليلي يا ليلي يا عين يا ليل ” !! وكل واحد كان له ليلهُ وعينهُ – الخاصة به أو التقليدية -.. وهؤلاء أطربوا وأمتعوا اجيال .. بغنائهم الدائم للّيل والعين .. !!
ثم اختلف الزمن . وتغيرت الأذواق

أدهشني طفل اسمه ” زين عمار” , في برنامج لمواهب الغناء , أبدي اعجابه بالمطربة نانسي عجرم – عضو لجنة التحكيم في البرنامج – وأهداها صورة لها من رسمه هو ..
يبدو انه معجب بجمالها , بلطفها , برقتها .. وقال لها ” أنتي جوهرة الفن ” ..
فلمن غني في ذاك اليوم ؟؟

غني لفيروز ! .. وليس ل ” نانسي عجرم ” !

الطفل زين عمار .. يغني لفيروز ” أنا لحبيبي ” فيعطي لهذه الأغنية طعماً خاصاً ومزاقاً خاص ! :

https://www.youtube.com/watch?v=CqBrrmEsmlE

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى