مجتمع

بعد سنة كاملة من الاصابة والشفاء من كورونا

مدة بقاء المناعة بعد الإصابة بكورونا بشكل عام وبحسب خبرتنا السابقة مع ڤيروسات الكورونا الأربعة المسببة للزكام OC43, HKU1, 229E and NL63 تستمر المناعة بعد الإصابة من ٦ إلى ١٢ شهر. لذلك توقع العلماء بأن مناعة المتعافي من الكورونا تستمر على أقل تقدير ٣ إلى ٦ أشهر.
المناعة نوعان مناعة فطرية Innate ومناعة مكتسبة Adaptive. المناعة المكتسبة نوعان خلايا مناعة بائية B cells تنتج الأجسام المضادة وخلايا مناعة تائية T cells تنتج مناعة خلوية. نحن نعول كثيراً على المناعة المكتسبة لمحاربة الڤيروس والقضاء على المرض. تختلف مدة بقاء هذه المناعة من مرض لآخر.
من أكثر الطرق لقياس مستوى المناعة هو قياس مستوى الأجسام المضادة في الدم لكن هناك طرق أخرى مثل مستوى خلايا المناعة البائية ومستوى خلايا المناعة التائية وطرق أخرى. سوف نتطرق هنا إلى خمس دراسات لتوضيح الصورة.
الدراسة الأولى تتحدث عن مدة بقاء الأجسام المضادة بعد الإصابة بسارز SARS وهو الأب الروحي لمرض الكورونا الحالي وظهر المرض في ٢٠٠٢ وانتهى في ٢٠٠٤.
‏الدراسة تعود لعام ٢٠٠٧ والمشاركين ١٧٦ ممن سبق إصابتهم بالمرض، إستمر وجود الأجسام المضادة لمدة سنتين بعد التعافي من الإصابة وانخفضت بشكل ملحوظ في السنة الثالثة. يأمل بعض العلماء أن تظل المناعة بعد الإصابة بالكورونا لمدة مشابهة.
الدراسة الثانية من سنغافورة في مجلة نيتشر صدرت في ٢٠٢٠ وتتحدث عن مناعة الخلايا التائية ضد ڤيروس الكورونا. ٣٦ ممن أصيبوا بالكوڤيد-١٩. كل هؤلاء كان عندهم خلايا تائية CD4 وCD8 مضادة للبروتين N لڤيروس الكورونا في عدة مناطق من هذا البروتين. ٢٣ شخص ممن أصيبوا بمرض سارز في ٢٠٠٣ وتعافوا من المرض كان عندهم خلايا ذاكرة تائية T cells لا زالت موجودة وفعالة بعد ١٧ سنة من الإصابة ليس فقط ضد بروتين N لمرض سارز بل إلى حد ما حتى لسارز ٢ أي الكورونا الحالي بسبب التشابه الكبير بينهما. وهذه الأسباب من التعرض سابقاً لفيروس سارز أو التعرض سابقاً لڤيروسات الكورونا الحيوانية هي بعض الأسباب اللتي قد تفسر عدم شدة المرض عند بعض المصابين.
الدراسة الثالثة هي مسودة دراسة
‏وكان عدد المشاركين ٤١ شخص ممن أصيبوا وتعافوا من الكورونا. أظهرت هذه المسودة وجود مناعة من خلايا الذاكرة التائية في فحص الدم يستمر لمدة ٦ أشهر بعد الإصابة بالكورونا ثم يبدأ تدريجياً في الإنخفاض. وهذا أمر طبيعي حيث تعود هذه الخلايا لمستوياتها الطبيعية حتى يتم الحاجة إليها مرة أخرى في حال التعرض للڤيروس من جديد.
الدراسة الرابعة نشرت في مجلة نيتشر Nature في ٢٤ من شهر مايو ٢٠٢١. تتحدث هذه الدراسة عن خلايا ذاكرة من نوع بلازما plasma memory cells تتواجد في نخاع العظام بعد الإصابة بكوڤيد-١٩. كانت علي ٧٧ شخص ممن تعافوا من إصابة بالكورونا. الأجسام المضادة للبروتين الشوكي في الدم تنخفض بسرعة خلال الأشهر الأربع الأولى بعد التعافي ثم تستمر في الإنخفاض بشكل بطئ خلال السبع الأشهر اللاحقة. في هذه الدراسة قاموا بسحب عينات من نخاع العظام من ١٨ شخص من المشاركين بعد ٧ أشهر من التعافي بحثاً عن وجود خلايا ذاكرة من نوع بلازما متخصصة في إنتاج أجسام مضادة ضد بروتين الشوكة. عينة أخرى من النخاع تم سحبها من ٥ أشخاص من ١٨ بعد ١١ شهر من التعافي. كان نخاع العظام يحتوى على خلايا الذاكرة المتخصصة في إنتاج الأجسام المضادة للبروتين الشوكي بعد ١١ شهر من التعافي وهذه نتائج مشجعة ومطمئنة. ١١ شخص لم يصب بالكورونا شاركوا في الدراسة كمجموعة ضابطة ولم يحتوي نخاع العظام على هذه الخلايا.
الدراسة الخامسة نشرت حديثاً في مجلة نيتشر Nature في ١٤ يونيو الحالي. شارك فيها ٦٣ شخص متعافي. تستنج هذه الدراسة بأن الإصابة السابقة بكورونا تعطي مناعة ضد العدوى بنسختها الأصلية تمتد من ٦ أشهر إلى سنة واحدة.
إعطاء المتعافين جرعة واحدة من لقاح mRNA يعطي زيادة في المناعة ضد المتحورات. مجموعة المتعافين بدون أخذ لقاح كان لديهم أجسام مضادة بين ٦-١٢ شهر. مجموعة المتعافين مع أخذ جرعة اللقاح كان لديهم أجسام مضادة أكثر بثلاثين ضعف بالمقارنة مع من لم يأخذوا اللقاح. القدرة على تحييد الڤيروس كانت أكثر بخمسين ضعف بالمقارنة مع من لم يأخذوا اللقاح. كما تم إختبار القدرة على تحييد هذه المتحورات
‏B.1.1.7, B.1.351, B.1.526 and P.1
‏وكانت فعالة في المجموعة التي تلقت اللقاح. المجموعة التي تلقت اللقاح كان عندها خلايا ذاكرة Memory cells بائية أكثر بثمانية أضعاف. المحصلة العامة من هذه الدراسات مشجعة جداً بأن المناعة الناتجة بعد الإصابة تكون مستمرة لفترة طويلة كأجسام مضادة وكخلايا ذاكرة سواء خلايا تائية أو بائية.
‏الإصابة مرة أخرى واردة بسبب إنخفاض معدل الأجسام المضادة ولكن توجد خلايا ذاكرة قادرة على إحداث رد فعل.
دراسات أخرى أظهرت مناعة مشابهة تتكون بعد تلقي اللقاح.
‏تلقي جرعة واحدة من اللقاح بعد التعافي من الإصابة يعزز من المناعة الطبيعية بشكل كبير.

‏ ووجد الباحثون في معظم الدراسات أن الأجسام المضادة لدى الشباب كانت أكثر من مثيلاتها عند كبار السن، وذلك بنسبة 13 بالمئة لمن تقل أعمارهم عن 30 عاما، و6.7 بالمئة بين الذين تزيد أعمارهم على 70 عاما.
وكانت الأعراض الأكثر شيوعا المرتبطة بوجود أجسام مضادة لفيروس كورونا، فقدان حاستي التذوق والشم، وهو ما أبلغ عنه 43 بالمئة من المشاركين في الدراسة.
ننتظر المزيد من الدراسات حول هذا الموضوع لكن ما نعرفه حتى الآن مبشر جداً.
د. محمد ابراهيم بسيوني
https://www.nature.com/articles/s41586-021-03696-9
https://www.nature.com/articles/s41586-021-03647-4
https://www.nature.com/articles/s41586-020-2550-z
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2851497/
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى