تعاليقرأي

الديمقراطيون الجدد

مروان عبد الرزاق
كاتب

لكل فرد إنساني شكله الخارجي الخاص وإبهامه الخاص أيضاً. وبحسب تربيته وانفعالاته وثقافته، فإنه يتمتع بلغة خاصة من حيث المفردات، والتعابير والاستعارات حتى يعبر عن أفكاره وغرائزه ورؤيته للراهن والمستقبل تجاه المجتمع الذي يعيش فيه، وتجاه الدولة التي تحكمه.
ومع الثورة السورية المجيدة تنفجر العقول والمفردات والتعابير من جديد، نحو آفاق جديدة للتغيير. حيث الجميع يتحدث بلغة الثورة، حول الحرية والكرامة الإنسانية، وحقوق الانسان. لكن كل فرد يصيغ ذلك بلغته الخاصة وبحسب مصلحته الشخصية. منهم من ينادي بالحرية كهدف سياسي للشعب، وآخر نحو الحرية الاقتصادية، وثالث يحمل السلاح دفاعاً عن الشعب والحرية، وآخر يحمله كتغطية لنقص في نفسه من أيام الاستبداد ويفرضه على الآخرين كقوة امنية جديدة تقطع الرقاب، وآخر يهتم بالسرقة والاغتصاب وغير ذلك الكثير.
ولكن الثورة وهي ترفع راية الحرية والكرامة، هي قوة تغيير جذري للمجتمع وللمؤسسة السياسية الحاكمة، والتي حكمت بطغيانها لمدة خمسيين عاماً. وهي ثورة ضد الواقع الاجتماعي السياسي السائد، وتسعى إلى الحرية. وهي تحتاج إلى ثقافة تغيير حقيقية، تحتاج إلى ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان، وهذا ما كان ينقص الثورة في سوريا عند كل الذين قاموا بالمظاهرات والذين حملوا السلاح، والذين تبروظوا في المجلس الوطني، أو الائتلاف، كقيادة للثورة، في الوقت الذي كانت فيه الثورة تحتاج الى قيادة حقيقية ثورية على الأرض وليست في الخارج تعيش في النعيم، وتتعلم السياسة من جديد، ومرتهنة للخارج بكل رموزها. ولذلك بدأت المأساة. داخل الثورة وتشكلت القوى المضادة للثورة التي تأكل الأخضر واليابس، وكانت أسوأ من النظام الاستبدادي. ولذلك فشلت الثورة عبر تاريخها في تشكيل قيادة سياسية-عسكرية لها، والائتلاف ومشتقاته من هيئة التفاوض والدستورية وغيرهما ليسوا سوى مشتقات من الخارج تهدف الى السلطة وتنكيس الثورة واهدافها.
٢
المثقف هو من يمتلك منظومة معرفية وفكرية تكتشف أوجاع المجتمع، وتبحث له عن الأفضل انسانياً. والمثقف في سوريا قبل الثورة لم يمتلك الحداثة بعنوانها الرئيس: الديمقراطية وحقوق الانسان. الديمقراطية باعتبارها مطلب الحرية الأساسي، وهي الأساس الذي تبنى عليه العلاقات الاجتماعية، والدولة الحاكمة. وكانت السياسة في سوريا محرمة على المجتمع. وكان المثقفون يؤلفون احزاباً او تجمعات هدفها إسقاط النظام، والجميع دخل السجن وانتهت المعارضات عموما في سوريا. بحيث لم يتشكل تنظيم سياسي واحد شعبي يطالب بالديمقراطية وحقوق الإنسان. وبالتالي المجتمع لم يتعرف الى الثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان قبل الثورة السورية المجيدة. وكما أورد “سعد الله ونوس”، “سأعود إلى قوقعتي،، أما هنا فلا شيء الا الكذب والنفاق وموت الأمل، إننا قفا النظام، ولسنا نقيضه أو بديله، يا للخيبة! يا للحزن”.
ومع الثورة الشعبية ومطلب الحرية والكرامة، بدأت مرحلة جديدة للشعب السوري، للإنسان وافكاره وتصوراته حول الواقع الراهن والمستقبل حيث بدأت تسود الحرية الفردية، والاجتهاد، والابداع، والرأي الحر، تدريجيا في صفوف المجتمع. لكن كل ذلك كان مرتبط بالحالة العشائرية، او الطائفية، او المناطقية، أو الأيديولوجية، وكانت هذه طاغية في أكثر الأحيان. بحيث لم تتم ترجمة شعار الحرية إلى الديمقراطية وحقوق الانسان في المناطق التي تم. السيطرة عليها من قبل “الجيش الحر” الذي انهزم امام قوى الفاشية الجديدة التي سيطرت على المعارضة. حيث بدأ السلاح هو الذي يحكم، والشيخ الذي نصب نفسه قاضيا يفتي بما يشاء بدلا من القانون، وحقوق الانسان. حيث تمت تصفية “الجيش الحر” اولاً، وبعد ذلك تمت تصفية كافة الافراد المؤمنين بالديمقراطية والعلمانية اما بالاغتيال، أو بالسجن والتعذيب، او الترحيل من الأراضي التي أصبحت مسيطرا علليها من قبل الفصائل العسكرية، والمشايخ.


وهناك إشكالية في دور المثقف في الثورة وما قبلها وما بعدها. قبل الثورة كانت السياسة محرمة، ومن يمارسها ومن يدعو إلى دولة ديمقراطية يدخل إلى السجن وقد يختفي في غياهبه. وبالتالي الثورة لم تكن ثورة مثقفين، بل كانت ثورة سياسية أولاً، وهي ناتجة عن الظلم الاجتماعي التاريخي. فالمجتمع يتظاهر ويسعى لإسقاط النظام انطلاقا من القهر وانعدام لقمة العيش، والسجون، أي انطلاقاً من الظلم الذي يعيشه. وايضاً لم يكن هناك أي حزب سياسي قائد للثورة. ومهمة القيادة السياسية ان تبحث عن الطريقة المثلى للحكم الديمقراطي الممثل للشعب. وليس صحيحاً من يدعي أنه لا ثورة تقوم إذا لم يكن المجتمع مثقفاً، أو انه واعيا لأهدافه. وكل الثورات في التاريخ لم يكن الشعب مثقفاً، انما جاءت ثقافته بعد استقرار الحكم الديمقراطي. وهذه هي مهمة. القيادة السياسية. وعدم وجود هذه القيادة ضمن الثورة السورية، هو الذي سمح لأصحاب البنادق التحكم في الواقع، وانتشار التطرف الإسلامي المقيت.
والإشكالية الثانية، هي أن الثورة كانت ثورة وطنية عموماً، وتعبر عن الشعب كله بقومياته، ومذاهبه، واديانه المتعددة، وكانت شعارات الثورة تؤكد ذلك، وقد شارك في التظاهرات عموم الشعب من كل الطوائف والقوميات. وبعد أشهر من قيام الثورة انقسم المجتمع تدريجياً. حيث بدأت الثورة بدعوة الطوائف والأديان مثل العلويين والمسيحيين، وقومياً للانضمام إلى الثورة الشعبية الوطنية تحت شعار “اسقاط النظام” والحصول على الحرية والكرامة.
والانقسام الأول هو “الانقسام الطائفي”، الذي عمل النظام عليه منذ زمن طويل، واعتبر نفسه ممثل العلويين والأقليات الأخرى مثل المسيحيين والدروز، واعتبر الثورة تمثل مؤامرة كونية ضده وضد المقاومة البائسة التي يمثلها.
والانقسام الثاني ضمن الثورة بين الكرد والعرب، بين الكرد وثورتهم المستقلة، والثوار العرب وهم في غالبيتهم من الإسلام “السني”.
وتم التعبير عن هاذين الانقسامين جرائم لم ولن تنتهي بين “السنة” و “العلويين” مارسها النظام والمعارضة. وبين “ممثلين للثورة” والأكراد، وكان آخرها المجازر الدموية في عفرين التي ارتكبتها فصائل “الثورة” مع الاتراك، بتوجيه واشراف الفاشية القومية التركية ضد الاكراد.
وهذا بدوره أدى إلى انقسام بين المثقفين. فمنهم الطائفي اصلاً، ومنهم من خلع يساريته، أو يمينيته والتحف بجلباب الطائفية والدينية والقومية المزعومة سواء كانت كردية ام عربية ملفحة بايدلوجيا قومية مقيتة، ومنهم من حافظ على نفسه مع الثورة لكن بشروط وضعها لنفسه حتى تصبح الثورة سليمة.
وعدا “مثقفي النظام” الذين وقفوا ضد الثورة باعتبارها “مؤامرة كونية”، وكذلك ضد “وحوش الإسلام” قاطعي الرؤوس. فإن كل الأنواع الأخرى تنتقد النظام وممارساته المتوحشة، حيث نجد المثقف التقليدي الحزبي الأيديولوجي، والمثقف الإصلاحي الذي ينتقد تسليح الثورة، والعودة الى السلمية، والمثقف الحيادي الإصلاحي الداعي الى تثقيف الشعب من جديد، والمثقف المفكر ذو البرج العاجي الذي يرسم الثورة كما يريد. وأصبح انتقاد الثورة بفصائلها العسكرية وقيادتها المفروضة، أي الائتلاف وقيادة قسد، هو الموضوع الشائع لدى جميع المثقفين.
حيث لم نجد “المثقف العضوي” في الثورة، يمارس وظيفته، في نشر الفكر الثوري والسياسة للثورة وأهدافها عند الشعب الثائر والمجتمع، وتصورهم عن العالم الجديد الذي يسعون إلى اقامته عبر الحرية والكرامة التي يرغبون بالوصول اليها، فالتفكير في الحرية يستوجب سياسياً كيفية ترجمتها على أرض الواقع، وأيضاً أن تتوحد الفصائل الثورية المقاتلة للنظام وتخلصها من المناطقية نحو الوحدة الوطنية، نحو “شعب ثائر موحد” وننقد الاستبداد القدم والجديد الممثل بالإسلام المتطرف، لأن ثورتنا ليست إسلامية، ونقد الاستبداد القديم والجديد بكافة أشكاله. فهم محققي الوعي الحقيقي للثوار وللشعب عموما، نحو الحرية والديمقراطية، وأشكال تمثلها في الواقع. وهو النقيض الحقيقي لمثقف النظام الاستبدادي، ومثقف التطرف الديني والذي بدأ يسود فيي منطقة الثورة. فهو المرتبط عضوياً مع الثوار والجماهير الثائرة، يساند معايير الحقيقة والعدالة، ويقول الحقيقة في أصعب الظروف. وهو المثقف أو “الشخص الذي يواجه القوة بخطاب الحق” بتعبير إدوارد سعيد.
وقد رافق الثورة عدد من المثقفين الثوريين لكن تمت تصفيتهم على ايدي النظام والكتائب العسكرية المتطرفة. حيث لم تتشكل فئة من المثقفين الثوريين رافقت الكفاح المسلح، وبالتالي لم تتشكل هيمنة ثقافية للفكر والسياسة الثورية خلال الثورة وساد الفكر الديني المتزمت الذي تم فرضه على التدين الشعبي العادي، وتمركز في مناطق الثورة عبر السلاح. وأيضاً لم يتشكل المجتمع المدني الثوري المرافق للثورة. حيث إن جميع المجتمعات المدنية كانت خاضعة للعسكر، أو لمنظمات مدنية ممولة من الخارج وتعمل وفق أجندتها نحو البحث والاكتشاف لمراكز بحثية في الغرب الأوروبي.
بمعنى آخر، لم يكن في الثورة حالة ثقافية موحدة تعمل ضد استبداد النظام ووحشيته، ولصالح تحقيق الحرية والكرامة. إنما لكل مجموعة اجتماعية وسياسية لها مثقفوها الخاصين بها، بحسب توصيف محمد عابد الجابري للمثقف. إنما حالة الانقسام ضمن الثورة افرزت مثقفين إيديولوجيين يمارسون النقد والتشهير والتخوين للأطراف الأخرى في الثورة، ويبحثون عن مصالحهم الخاصة وفق سلطة أمر الواقع التي تحكمهم. وبالتالي سادت العسكرة والأسلمة والقومية البغيضة في سائر الاراضي السورية التي خرجت عن سيطرة النظام. وفي ارض النظام ساد “الشبيحة”، الذين سيطروا على الأرض ضد الشعب. وعندما لا تكون في الثورة حالة ثقافية موحدة، ولا توجد قيادة سياسية-عسكرية للثورة، وتصبح الفصائل العسكرية أداة بيد قوى خارجية مثل تركيا وقطر والب ك. ك. وتعمل مع شركاء النظام مثل روسيا حول خروج الثوار من المناطق التي تمت السيطرة عليها، وآخرها في حلب وجسر الشغور، ويتم استخدامها لمصالحها الخاصة في الارتزاق والعمل ضد الاكراد وغيرهم، لذلك من اجل كل ذلك ستفشل الثورة، وقد فشلت فعلا حتى الآن.

وكانت الثورة منذ بداياتها تبحث عن قيادة سياسية-عسكرية لها فوجدت المجلس الوطني كقائد سياسي، ثم في قالب دولي وإقليمي أصبح الائتلاف ممثلا سياسيا للثورة واعترف فيه المجتمع الدولي والإقليمي. لكن الائتلاف فشل في قيادة الثورة، وبالرغم من تواجد “الديمقراطيين” بداخله، والذين خرجوا منه مهزومين لعدم تمثيل الائتلاف للثورة.
وامام هذا الواقع السيء للثورة، حيث لا توجد قيادة سياسية، والفصائل العسكرية أصبحت تحت أوامر الاتراك، والمثقفين منتشرين في كل مكان، حيث بدؤوا بتشكيل الأحزاب او التجمعات او التيارات السياسية، بحيث بلغ عددهم المئات بحجم اعداد الفصائل العسكرية. وكان كل مثقف يحسب نفسه بأنه “ديمقراطي” يجمع حوله ثلة من المقربين، وينشأ حزباً أو تياراً، ويضع له بعض الأوراق كورقة سياسية إعلامية تعبر عنه.
وكان كل حزب يحسب نفسه وهو لا يتجاوز عدده أصابع اليد، بأنه يعبر عن الثورة، ولا أحد غيره، وهو ضمير الثورة ويرفع أهدافها عالياً. وهو ديمقراطي ينتخب قيادته التي تكون من المثقف المؤسس باعتباره يمثل “ضمير الحزب”، حيث يتم انتخابه دائما، مثله مثل كافة الأحزاب السياسية في سوريا القديمة والجديدة. باعتباره هو المؤسس وهو الذي وضع الورقة السياسية التي تعبر عن أفكار الحزب، ومن يشاركه في التأليف بالرأي يحسبه لنفسه، وهو الشخص الاخير الذي يتحدث في الاجتماع الذي يعرف أن الامور تحت السيطرة. وهو الحزب كله. والمثقفين الآخرين ضمن الحزب يرددون الديباجة التي “أشبعت” من النقاش والحوار، ومن يعبر عن رأيه مخالفاً “الضمير”، او يكتب شيئاً مخالفاً يتم الهجوم عليه ويتم وصفه باللاوطنية،، وانه تشهيري الخ من الصفات الظريفة، حتى يتراجع او ينسحب من الحزب او التيار، او الجمعية.
ومنذ “٢٠١٥” بدأت “العجقة” الثقافية، حيث كل حزب يسعى إلى بناء تحالفات سياسية، لتصبح تجمع سياسي، وبعد ذلك تأتي الدعوة إلى “مؤتمر وطني”، حيث يفرز قيادة سياسية للثورة بديلا عن الائتلاف الذي أصبح مرفوضا من قبل كلل الأحزاب، عدا أحزاب الإسلام السياسي وتنوعات احزابه المتعددة، حيث انها متوافقة مع الائتلاف وتنظيماته المتعددة مثل: الحكومة المؤقتة، وهيئات الدستور والتفاوض الخ.
وتبدأ الاجتماعات واللقاءات التشاورية للبحث في تجمع سياسي. فنجد كل “مثقف” يبحث عن نفسه في المخطوط الذي امامه، يبحث في صيغته حول العلمانية، والاحتلالات، والأكراد، والائتلاف الخ ويستمر في الجدال إلى النهاية، ويبحث بين النقط والفواصل، وماذا تقصد هنا وهناك إلى أن تنتهي الجولة بعدم الاتفاق. بحيث لم نجد أي تحالف جبهوي حقيقي بين الأحزاب السياسية. وإذا حصل اتفاق جزئي نجد المثقف المسؤول في التنظيم يبحث عن أسس جديدة لتخريبه من جديد. فالمثقف بالعموم أناني بأفكاره، ويشعر بأهمية وجوده، وهو متعالي ومغرور،، أي نرجسي، يبحث عن نفسه في اية وثيقة يقرأها، ولن يجد نفسه على الاطلاق.
وعادة يتم رفض أية ووثيقة تم اصدارها من جهة محددة، مثل، مكتب دراسات، او حزب في تركيا مثلا لأنه موالي لها، او حزب علماني جدا، أو مثقف يريد يجمع الناس حوله الخ. ولا يتم قراءة المضمون، ويتم رفضها فورا. وإذا اجمع المجتمعون على التوقيع على بيان محدد، يتم التوقيع عليه، وتنتهي العلاقة. وقد نشرت عشرات الوثائق، خلال العقد الأخير، وتوجد في هذا الشهر “أيار” أربعة وثائق، وجميعها متشابهة، انما بصيغ مختلفة، وتتم الاجتماعات حولها، وانتقادها، وفي النهاية تذهب إلى أحد الدروج التي تضاف إلى الوثائق المهدورة، إلى جانب وثائق القاهرة منذ سنوات.
والجميع يدعي الديمقراطية و”الوطنية السورية” التي على أساسها يبدأ العمل الجبهوي الحقيقي. فالوطنية السورية مسألة واضحة وبسيطة لا تحتاج لأكثر من عشرة أسطر لتوضيحها والاتفاق عليها. لكن هذه الحجة يتم وضعها لكي يتم ووصف الآخرين باللاوطنية، وثانياً، لإخفاء اللاديمقراطية التي يتمتع بها المثقف، اذ نواجه أزمة في لاديمقراطية المثقف، وعدم احترامه للرأي الآخر، وهذه مقدمة حقوق الانسان. إذن هناك أزمة في “النخبة”- بتعبير العديد من الاصدقاء- وهذه الازمة تتوضح بلاديمقراطية هذه النخب، وأنانيتها المفرطة. حيث كل مثقف يعاني من الاستلاب الكبير في قوقعته الخاصة، منغلق مع صحيفة يكتب فيها ما يشاء، ويريد من الجميع أن يأتوا إليه، باعتباره “ضمير المثقفين، وضمير البشرية”.
ولو بالأمل، وعلى سبيل الافتراض، أن اجتمع مئة حزب سياسي، وكل حزب لا يتجاوز أفراده عشرة أشخاص، وأسسوا تجمع ديمقراطي علماني، ومجتمع مدني، وأصبح عددهم ألف كادر، واتفقوا على “الوطنية السورية” ذات النقاط العشرة، كبرنامج ديمقراطي مرحلي، ومن ضمنها اسقاط النظام الاستبدادي، واقامة الدولة الديمقراطية العلمانية، لان الدولة الإسلامية كارثة على الشعب السوري، وأسسوا جريدة الكترونية أو مطبوعة، ويمكن لأي إنسان من الكادر ان يكتب فيها. عندئذ يمكن للثقافة ان تلعب دورها الحقيقي. وتتشكل قيادة سياسية للثورة. لكن المشكلة ليس في تشكيل التجمع. إنما تكمن المشكلة في تشكيل القيادة. إذ لا يمكن وضع مكتب تنفيذي لمئة شخص، لأن الجميع يرغب في القيادة، ويكون من ضمن الأشخاص العشرة في المكتب التنفيذي، وبالتالي سيفشل أي مشروع تجمعي من هذا النوع او اقل بكثير.
وهذا المثقف هو ابن هذا المجتمع، والذي لم يكن يوما في مؤسسة، او جمعية للمثقفين ليتعلم منها، ولكنه لم يصبح كبيرا خلال الثورة التي تقدم العلم والمعرفة والسياسة بشكل سريع، انما حافظ على بنيته الأساسية التي تربى عليها. ولعل السبب الرئيس لذلك هو عدم وجود قيادة سياسية للثورة، في ارض الصراع، وليست خارجه كما حصل في سوريا، وتؤلف رابطة او تجمع سياسي، ورابطة للمثقفين، وللمجتمع المدني،، وتقاتل إلى جانب الكتائب المسلحة، بحرب عصابات، حتى اسقاط النظام المجرم وإقامة دولة العدالة والحرية والديمقراطية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى