أحوال عربية

النقد -بدون سياسة-!

 
سعيد علام
اعلامى مصرى
وكاتب مستقل.
رغم ان الجميع في مصر ينتقد ويتكلم في السياسة، الا انه نقد “بدون سياسة”، اي نقد بدون “عقل”، بما ان السياسة هى “عقل” كل نقد .. الاستاذ ابراهيم نوار طرح “رؤيه للحل”، للخروج من “المأزق الاقتصادي” الذي تواجهه مصر،(1) وهو يرى من خلال رؤيته، انه عندما يتدخل الجهلة، ويتم تجربة “وصفة” غبية للعلاج فإن المأزق يتفاقم، ومع تكرار تجربة الوصفات الغبية، يتحول المآزق إلى مأساة ..
مجدداً، يرى الاستاذ نوار ان “جهل” و”غباء” السلطة المصرية، هما سبب “المآزق الاقتصادي” التي تواجهه مصر، اي انها ليست المصالح الانانية السلطة، التي تتعارض مع مصالح الشعب، هى التي تتسبب في “المآزق الاقتصادي” التي تواجهه مصر، والتي عندها لا يمكن تفسير “المآزق الاقتصادي”، الا بكونها تعبير عن تناقض في المصالح، بين مصالح السلطة وحلفائها – على اعتبار ان الدنيا مصالح، خاصة عندما يكون المتكلم اقتصادي -، المتناقضة او المتعارضة مع مصالح الشعب المصري، شرط ان يتوفر لهذه الـ”رؤية للحل”، “النقد”، رؤية سياسية. هذه الرؤية السياسية التى ترى، او لابد لها ان ترى، ان السياسات الدولية، “النيوليبرالية” الاقتصادية، المفروضة على كل دول العالم، والتي تنفذها السلطة المصرية، والتي تتعارض مع مصالح الشعب المصري، ليست بسبب “الجهل” او “الغباء” وانما وتحديداً، لانها طريق السلطة، لاستمرارها منفردة بالسلطة والثروة، باستيراد شرعيتها المفقودة من الخارج، بعد فشل سبعة عقود من تحقيق اياً من مبررات وجودها في السلطة، خاصة بعد ان نزع الشعب المصري اخر ورقة توت عن بقايا شرعية سلطة يوليو الممتدة، خلال الـ18 يوم، “طلاق بالـ18″، بدءاً من 25 يناير 2011.
ايضاً، لغياب الرؤية السياسة في التحليل “النقد”، فكل مايراه نوار حلاً للخروج من “المآزق الاقتصادي”، هو بالضبط “كوبي” لشروط وآملاءات “صندوق النقد الدولي”، الناطق الرسمي يأسم حكام العالم في عصر “الشركاتية”، لتحقيق السياسات “النيوليبرالية” الاقتصادية، سواء بشكل تدريجي او بـ”الصدمة الاقتصادية”، والتي لا اعتقد ان الاستاذ نوار، او غيره، يرى ان هذه السياسات صممت لصالح الشعب المصري، او لشعوب العالم عموماً، وليس لصالح تكتلات الشركات الكبرى الاحتكارية الحاكمة لعالم اليوم، خاصة، بعد خبرة سبعة عقود من تطبيقها على كل دول العالم، شرقه وغربه، بما فيها احدث واكبر مستعمرتان رأسماليتان روسيا والصين، هذه السياسات التي زادت من فقر الفقراء وبؤسهم، لصالح حفنة من الاسر الثرية.
من الملفت، ان هذه العقود السبعة لبداية تأسيس نظرية “مدرسة شيكاغو”، النيوليبرالية الاقتصادية، هى نفسها العقود السبعة لبداية تأسيس سلطة يوليو في مصر، وهي في نفس الوقت والسياق، جوهر الهدف من الهزيمة الساحقة مشروع عبد الناصر للـ”التنمية المستقلة”، في عام 1967، على اعتبار ان “التنمية المستقلة”، هى العدو اللدود والاول للسياسات النيوليبرالية الاقتصادية، التي تفرض التبعية على كل البرامج الاقتصادية لمختلف الدول، والتي لا يسمح لها سوى بلعب الدور الذي يحدد لها، وفق التقسيم الدولي للعمل، التقسيم، واعادة التقسيم، الامبريالي للسوق العالمي، وغياب هذا الوعي السياسي، هو بالضبط جوهر الخلل المنتشر وسط النخبة المصرية، “النقد بدون سياسة”، الذي يجعلها تترنح في تفسيرازمة الحكم في مصر، ما بين “الجهل” و”الغباء”، فمع غياب السياسة فلابد ان الفشل لا يمكن له ان يخرج عن “الصفات الشخصية”، طالما ليس هناك سياسة في الموضوع من اساسه، وكل خطورة هذه النظرة المحصورة في “شئون الافراد”، ان تشخيص المشكلة على اساس “الجهل” و”الغباء”، يجعل من “روشتة” العلاج، خطة طائشة.
على سبيل المثال، لا يرى نوار، كما لا ترى الغالبية الكاسحة من النخبة المصرية، ان احد اهم شروط رضاء حكام العالم عن النظام المصري، وبالتالي استمراره، هي الاغراق في الديون “القروض”، ليس فقط لان هذه “القروض” تحقق للشركات المالية الكبرى الاحتكارية – رأس قمة هرم التكتلات الاقتصادية الحاكمة للعالم -، تحقق لها على الاقل خمسة اضعاف الارباح التى تحققها اي تجارة تصديرية اخرى، خلافاً لـ”تصدير رأس المال”، بل الاهم بما لا يقاس، ان الاغراق في الديون، يحقق السيطرة التامة “الهيمنة” على الارادة السياسية للدولة المعنية، هذه السيطرة الضرورية في مسائل اخرى، مثلاً، بالنسبة لمصر ودورها في المنطقة، السد الاستعماري “النهضة”، “صفقة القرن”، غاز شرق المتوسط، الموقف من روسيا والصين وايران وحزب الله وحماس .. الخ، مثلاً .. اي بالسياسة، الاغراق في الديون “القروض”، هو اهم شروط الرضى عن النظام المصري، ومن ثم استمراره، ونكرر، بالسياسة، ما هذا الاغراق في الديون، اغراق السلطة لمصر بالديون “القروض”، ليس سببه “جهل” او “غباء” السلطة، وانما المصالح .. وبالسياسة ايضاً، الرضى عن النظام يعني الرضى عن النظام نفسه، بغض النظر عن اسم الجالس على قمة النظام، واعتقد ان هذه اولى خبراتنا من 25 يناير 2011، ان رأس النظام، لا يساوي النظام، وعند حكام العالم، استمرار النظام التابع، هو كل شئ، اما استمرار رأس النظام التابع، فهذا تقريباً لا يساوي شيئاً.
هام جداً
الاصدقاء الاعزاء
نود ان نبلغ جميع الاصدقاء، ان التفاعل على الفيسبوك، انتقل من صفحة سعيد علام،واصبح حصراً عبر جروب “حوار بدون رقابة”، الرجاء الانتقال الى الجروب، تفاعلكم يهمنا جداً، برجاء التكرم بالتفاعل عبر جروب “حوار بدون رقابه”، حيث ان الحوار على صفحة سعيد علام قد توقف وانتقل الى الجروب، تحياتى.
لينك جروب “حوار بدون رقابه”
https://www.facebook.com/groups/1253804171445824
المصادر:
(1) “رؤيه للحل”، للخروج من المأزق الاقتصادي الذي تواجهه مصر، ابراهيم نوار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى