أحوال عربيةأمن وإستراتيجية

المقاومة الفلسطينية

بهاء الدين الصالحي

جاءت الأحداث الأخيرة من خلال قتل الاحتلال الفلسطيني لقادة المقاومة من فصيل الجهاد الإسلامي وتصادف قتل ابناءهم وزوجاتهم ،ومع التصعيد الطبيعي من الاحتلال بحكم التركيبة الدينية المتطرفة للحكومة الصهيونية الحالية ، جاءت عدة اعتبارات تحكم تلك المرحلة من المقاومة :
١ ضعف الطرف العربي عن ان يكون فاعلا في نطاق التأثير علي إسرائيل وذلك بحكم نجاح إسرائيل في تحييد العرب تجاه القضية الفلسطينية مع تراجع صفة إسرائيل من العدو الصهيوني الي طرف في التسوية ،بحكم الانصياع للأمر الواقع من أجل الحياة للفلسطينيين أمام ذلك القهر اليومي ،وذلك حسب التوصيف الاستراتيجي العربي ،فلم تعد فكرة الخطاب الراديكالي في مواجهة إسرائيل بل صار المتنفذين العرب ضحايا للتفوق العلمي الاسرائيلي النابع من كون إسرائيل الكتلة الحرجة التي جسدت الراسمالية المتوحشة وقامت بدور رئيسي في تشتيت النزوع القومي الذي افتقد مقوماته لأنه قام علي مفهوم الدولة القائدة دون الوصول لفكرة العقل الجمعي العربي من خلال ضعف بنية الدولة الوطنية وغياب مساحة الحرية القادرة علي خلق نوع من الولاء للمشروع الوطني ضد المحتل ، وكذلك تم فرض نمط الرؤوس المتصارعة فصارت الثروة العربية مثار استلاب لبنوك أوروبا ووقود لهدم نماذج الدول الوطنية في مناطق الولاء المفقود لفكر الدولة المحورية الجديدة .
٢ انتقال أمراض الواقع العربي المحيط لنمط المقاومة للعدو الصهيوني مما أدي الي تبادل الاتهامات والسعي الي احتكار شرعية الحديث عن المقاومة ،فصار اتهام حماس والجهاد للسلطة بالتبعية والعمالة وهو بذلك لم يتعلموا درس التاريخ المصري إذ ظننا ان لدينا حرية ماقبل ١٩٥٢ من خلال شكلية التجربة الديمقراطية مع العلم ان كل ذلك هراء بحكم سيطرة الاحتلال الإنجليزي علي مفاصل الحياة السياسية فكانت الكوارث التي ورثناها في علاقتنا المبسترة مع السودان وهو امر له عودة ، ومع العودة لفلسطين إذ ساد الخطاب السياسي من خلال التنظيم المحدد ، وهو امر يؤدي في النهاية للتكريس السياسي علما بأن قذائف الاحتلال تطال حتي من اتهمناهمم بالعمالة.
٣ ادراك فصائل المقاومة مؤخرا لفكرة العمل الموحد وذلك من خلال غرفة العمليات المشتركة مع الحرص علي عدم استعراض القوة من خلال المؤتمرات الصحفية التي تكرس لأشياء غير القضية ، ولعل فكرة الجبهة هي الأقوى كي تتم الاستفادة من جميع الخبرات وتداول مجالات التأثير علي الارض مما يؤدي لفاعلية المقاومة وتأثير ضربتها العسكرية ،خاصة مع انكشاف عمل كل جهة علي حده معروفة للمحلل العسكري الصهيوني ، ولكن يبقي السؤال الصعب : هل يسهل توظيف وجود السلطة الفلسطينية كمنجز تاريخي كان من الواجب العمل علي تطويره ولكن غياب عرفات أضر بالقضية علي مستواها السياسي ، ولكن تخوينها واستبعادها امر لايتوافق مع مقتضيات الصراع الوجودي أمام الاحتلال ، ولعل التجربة الايرلاندية خير دليل علي ذلك اذا كان الشكل العلني يغطي علي المقاومة السرية .
٤ قوة الرهان علي الشاب الفلسطيني المتعلم حيث العلم القادر علي مقاومة التفوق العلمي اليهودي والمتمثل في استغلال الامكانيات الغربية من معامل وجامعات ولكننا عندما قرأنا تاريخ الاحتلال اهملنا فكرة العلم لصالح الأيديولوجي بشقيه الديني الشعبي والاشتراكي بمدارسه، هنا من يقاوم الاحتلال؟
هو ذلك الشاب الفلسطيني الذي قدم نموذجا مغايرا للسياسي المغامر علي طاولات المفاوضات، أو خاطف الطائرات للفت نظر العالم للقضية ،ولكن نوعية المقاتل الجديد القادر علي تقديم تأثير ينعكس علي البعد الجسدي المقدس لدي اليهود وهو ما يشي ببداية النهاية
للصهاينة حيث يعيد ذلك خطوات بداية التاريخ الصهيوني الحديث ،ولم لا وقد قدم بلفور وعده ردا لجميل الكيميائي حاييم وايزمان حيث وفر كمية المتفجرات التي ساهمت في انتصار إنجلترا في الحرب العالمية الاولي .
دروس المقاومة لن تنتهي لان شرعية حب الوطن لا تنزعها كل أنواع القوي .
وستبقي فلسطين عربية للأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى