أمن وإستراتيجيةفي الواجهة

المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة في الجزائر … ندوة حول دور الصين في النظام الدولي الراهن

 
أكد محللون و أساتذة جزائريون و أجانب،   أن الصين، “التي ينتظر أن تتبوأ موقع القطبية في النظام العالمي الجديد”، قدمت نموذجا بديلا للعولمة، بعيدا عن الاستعمار و الاستعباد او الامبريالية.
وخلال ندوة حول “دور الصين في النظام الدولي الراهن : التحديات والآفاق”، نظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة بالشراكة مع مركز الشعب للدراسات والبحوث، أكد ادريس عطية، أستاذ بجامعة الجزائر 3، أن الصين قدمت نموذجا بديلا للعولمة بعيدا عن الاستعمار و الاستعباد او الامبريالية و عرضت علاقات تبنى على اساس الشراكة و التعاون و تقاسم التكاليف و الأعباء.
وعليه -يقول السيد عطية- فإنه يرتقب في السنوات المقبلة أن يعلن من كان يسمى ب”العملاق النائم”، نفسه أول اقتصاد في العالم “حيث يحجز النظام العالمي الجديد مكانة خاصة للصين كقطب اقتصادي اول في العالم”.
وعن مستقبل العلاقات الجزائرية-الصينية، أبرز الأستاذ الجامعي أن العلاقات التاريخية بين البلدين والقائمة على التعاون و الشراكة و احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في شؤون الغير، مكنت من ارتقائها الى شراكة استراتيجية، وهو عكس النظرة الغربية التي تتعامل مع الدول بمنطق “كولونيالي او ابوي”.
وبدوره، قال اسماعيل دبش، رئيس جمعية الصداقة الجزائر-الصين، ان هناك تكاملا في المنطلق والمنظور الجزائري والصيني من خلال تمسكهما المطلق بالوحدة والسيادة الوطنية للدول، كونهما كانا ضحيتين للاحتلال والهيمنة الى جانب تركيزهما على تحقيق المنفعة المتبادلة بينهما من خلال تأكيد الجزائر وبكين على ان علاقتهما التجارية والاقتصادية قائمة على أساس مبدأ “رابح-رابح”.
كما استعرض السيد دبش في مداخلته، العلاقات الجزائرية-الصينية التي ذكر بأنها تعود الى سنة 1959، كما كانت الصين من بين اولى الدول التي اعترفت بالحكومة الجزائرية المؤقتة، وتواصلت بعد الاستقلال حيث اصبح الطرفان قوى مدعمة لحركات التحرر في آسيا و افريقيا، كما كانت الجزائر السند الاكبر لاسترجاع الصين مكانتها في الأمم المتحدة.
وحسب السيد دبش، “تتقاسم الجزائر والصين نفس المنظور فيما يتعلق بالعديد من القضايا والازمات الدولية انطلاقا من مبدأ عدم تدخلهما في الشؤون الداخلية للدول و احترام السيادة الوطنية، حيث يتفقان على محاربة ظاهرة الارهاب و حل الازمات الليبية والاوكرانية، كما يعتبران “الربيع العربي” الذي شهدته عدد من الدول العربية مجرد مؤامرة دولية.
أما البروفيسور وانغ ييوي، مدير مركز الدراسات الاوروبية بجامعة “رينمين” بالصين، فسلط من جهته الضوء على مبادرة “الحزام والطريق” الصينية التي تقدم في نظره “رؤية بديلة للتنمية الاقتصادية العالمية لمساعدة البلدان النامية على التخلص من ظاهرة الفقر، ومساعدة البلدان المتقدمة على تجنب عدم المساواة والتحديات الشعبوية”.
وشدد وانغ ييوي في مداخلته من الصين عبر تقنية الفيديو على ضرورة “الانفتاح الشامل لتحقيق النمو الاقتصادي وبالتالي الاستقلالية”، مبرزا ان الصين -من خلال هذا المشروع- “تنتقل من مجرد دولة مشاركة في العولمة، إلى تشكيل نظام اقتصادي جديد”.
وعن العلاقات الصينية-الافريقية، قال المتحدث أن القارة السمراء هي الشريك الاساسي لمبادرة “الحزام والطريق”، حيث تم الانطلاق في بناء أكبر مشروع مساعدات صينية لإفريقيا (“خط سكة حديد تنزانيا”) في منتصف الستينيات و اكتمل عام 1975، وهو ما اعتبره “رمزا للصداقة الصينية-الافريقية”.
كما تطرق نايسن محبوبي، استاذ بجامعة بنسيلفانيا من الولايات المتحدة الامريكية، الى مسألة تموضع الاتحاد الاوروبي في اطار الصراع التجاري القائم بين الولايات المتحدة والصين، الذي ادى الى ظهور المنافسة الاستراتيجية بين الطرفين الى العلن.
واستعرض السيد محبوبي، تأثير هذه الحرب التجارية وعواقبها المباشرة على الصين والولايات المتحدة وكذا الاتحاد الاوروبي، معربا عن اعتقاده بأنه على “الرغم من عدم التوافق الاوروبي الصيني، غير ان اوروبا ستضطر في الاخير للعب دور الوسيط بين الجانبين المتصارعين نظرا لدورهما في العديد من الميادين المهمة على غرار الصحة والتغير المناخي”.
وخلال تحدثه عن دور الصين في جنوب البحر المتوسط، ابرز يحيى زوبير، استاذ بكلية ادارة الاعمال بفرنسا، “تطور العلاقات السياسية والاقتصادية للصين مع دول المغرب العربي، التي هي جزء كبير من جنوب البحر الأبيض المتوسط، جذبت لها قوى أجنبية”.
وناقش في مداخلته كيف دمجت الصين تدريجيا دول جنوب البحر الأبيض المتوسط في “طريق الحرير الجديد” من خلال العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف، والشراكات الاستراتيجية، وتطوير الترابط، ليس فقط في جنوب البحر الأبيض المتوسط ولكن أيضا في منطقة الساحل المجاورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى