تعاليقرأي

المزِيَّة والمحيط ..درس في سببية الحياة .

مظهر محمد صالح

لا ادري من هي القوة الحاكمة في انتظام مسارات الحياة وتطورها وتبقى في الوقت نفسه اقوى من الجميع؟ فقبل ان اقلب بواطن الامور ودواخلها يبقى التحري عن القوة الخلاقة التي لاتقهر والتي تقتل الفقر في ربوعه وتبني المجد والخير في بروجه وقبل ان يموت البشر او يهلك الانسان بلدغة من عقرب ومن ثم تتحقق خسارة الوجود باعلى التكاليف وباقل الارباح .فلابد من ان نبحث في جدران المعرفة عن متلازمة عنوانها الميزة والمحيط . فقد هالني ما قراءت للمفكر العراقي حسين العادلي وهو يتناول مفردة حياتية عنوانها: المزِيَّة.
فالمزِيَّة التي تناولها العادلي وقلبها على محمل السياسة الانسانية جاءت تبحث عن معاني تجنح او تقترب في معطياتها عن العدل والاستقامة، فتسجد بين يدي كلماته في المزية احلامنا دون ان تغفل عذابات الناس و افراحهم . فالمزية لا تنفصل عن وجدان المعنى في وقت غدا الجميع فيه يبحث عن ملجأ عنوانه (المزِيَّة )قبل هلاكهم في التضحية من اجل اللاشيء .
يقول المفكر حسين العادلي في المزية :
• مزِيَّة العقل (الحكمة)، مزِيَّة العاطفة (الرحمة)، وبهما يُنال (التّميّز).

• للضمير (ثلاث) مزايا: التّنبيه، التّحذير، والحُكم. إن كان حيّاً.

• عندما تغدو مزاياك (عيوباً)، فاعلم أنك (مزروع) بغير أرضك.

• مزِيَّة الحقيقة أنها (عَارية)، والنّاس تسترها بوِشَاح (النفاق)!!

• مزِيَّة القائد (الرّيادة)، ومَن (تردّد) لا ينال (سَبق) القيادة.

• الشعب الذي لا يكتشف مزايا نُخبه (أعمى)، والنُخب التي لا تكتشف مزايا شعوبها (نرجسية).

• أعظم مزايا القيادة (الحكمة). والحكمة؛ وضع شَيء في موضعه.

• مزِيَّة الشَّرف أنه لا يقبل (المساوَمة)، وكل شرف (مُساوَم) عَورَة.
هنا ذكرني حسين العادلي قلم الامة الناطق وهو يتحرى المزية من وجدانه الانساني ، بمسالتين احدهما في حقل الاقتصاد والاخرى في حقل الاجتماع، وانا ادفع عن نفسي مظنة قصر النظر في خضم التحري عن ان استلهام الحكمة في متلازمة شاقة هي (المحيط) و ( المزية ):
فالاولى : تحفز العوامل الخارجية exogenous للبيئة المحيطة (مثل اضطراب الاسواق والتكنولوجيا والشدة التنافسية )منظمات الانتاج على مصادر المعرفة والتحري عنها خارجياً بغية تحقيق الابتكار ، في حين أن العوامل الداخلية للمنظمات endogenous والتي يمثلها تجنب الغموض والقصور التنظيمي والقدرة الاستيعابية المنخفضة قد تمنع مصادر المعرفة الخارجية في تضاد عنوانه السكون والخمول .ذكرني هذا الامر وانا في ايام الصبا والتحري عن جذور الجدلية في عالم الفلسفة ان بيضة الدجاجة لاتاتي بذلك الكائن الحي الا بتوافر محيط خارجي exogenous منضبط في درجة حرارته لكي تكتمل العملية الداخلية endogenous وتنتظم تفاعلاتها لتحقيق تكامل المنتج وهو الكائن الحي من البيضة.
والثانية ، هي في (المزية ) نفسها كما خطها العادلي والتي استلهمت في جدليتها ضرورة توافر شرط أو ظرف قد يضع المرء في موقع مؤات أو متفوق. وعلى الرغم من ذلك تخفق المزايا وتتلاشى بفقدان المحيط .
ففي البيئات المحيطية الفاشلة تفقد المزايا بريقها وتختفي كما يفقد الذهب بريقه متعثراً بين مواطن غامضة من الرغام.
وهكذا تبقى متلازمة (المحيط والمزية ) كصراع وجودي في تجسيد لمعان تلك المزية باشراقاتها او قد تختفي في سكون داكن .فبدون المحيط البناء تبقى الشجاعة النبيلة تضحية لا امل لها في اي نوع من النجاة لتدفن في مجدٍ ضائع يظل يغطيه جبروت الظلم و الطغيان والتسيب والفوضى قبل ان تنهب المقابر بالبحث عن الحياة وتنقلب البروج على عقبيها في البحث عن المجد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى