أحوال عربيةإقتصادفي الواجهة

المخاطر الحفاظ على الأمن الغذائي إبان الصراعات العالمية.

تمارا حداد.
يدور الحديث كثيراً عن الأمن القومي والسياسي والأحداث السياسية حول العالم ولكن تجد القلة عمن يتحدث عن الأمن القومي الغذائي بالتحديد أن ما يحدث من أزمات واضطرابات سياسية في العالم ستنعكس على الأمن الغذائي، ولم يتطرق المحللين والكتاب إلى هذا الموضوع رغم أهميته القصوى وبالتحديد أن المستقبل القريب سيُعاني من أمن غذائي سيء وستشهد أغلب دول العالم ثورات ضد غلاء الأسعار وارتفاع السلع الأساسية إبان الحرب الروسية_ الاوكرانية وتلك الدولتين من أكثر الدول المُصدرة للقمح والطاقة والغاز والحبوب وغيرها من المواد الغذائية.
قد يكون حالياً ارتفاعاً بسيطاً على أسعار المواد الغذائية نتيجة قلة الامدادات نحو الدول وبالتحديد في منطقة الشرق الأوسط ولكن القادم سترتفع بشكل ملحوظ وقد تختفي بعض السلع من الأسواق بسبب استمرار الأزمة الروسية- الاوكرانية لأن روسيا لن تُوقف الحرب إلا بخروجها منتصرة وهذه إحدى مبادئها في النظرية الاوراسية “الروسية” ومن هنا ستظهر تداعيات الأزمة على الأسواق الزراعية والأمن الغذائي في العالم، وهذه الإشكالية التي ستزداد مستقبلاً تحتاج من صانعيي القرار النظر إلى الملف الغذائي “الزراعي” ودعم الاقتصاد الزراعي خوفاً من القريب المنظور والذي سيُعاني بعض البلاد من ثورة الجياع والفقراء لقلة وجود القمح والطحين وهذا ما لاحظناه من بداية الأزمة من خلال ارتفاع أسعار الخبز نتيجة ارتفاع أسعار القمح عالمياً.
مستقبل ملغوم:
إذا لم تتوقف الحرب الروسية_ الأوكرانية فإن أزمة الأمن الغذائي ستتطور وستنعكس على الدول النامية والفقيرة التي تعتمد بشكل قاطع على استيراد القمح والحبوب والزيوت وهناك مؤشرات لارتفاع الاسعار العالمية كما أشارت اليه منظمة الفاو المختصة بالغذاء والزراعة أن العام القادم سيشهد ارتفاعاً في الأسعار في جميع أنحاء العالم إلا في حال توقفت الحرب وإن توقفت فإن ارتفاع الأسعار التي طرأت على الأغذية لن تعود الى الاسعار القديمة نظرا لتداعيات الحرب.
إن أبرز التداعيات المحتملة على الأسواق الزراعية الدولية بالتحديد أن روسيا الدولة الأولى على مستوى العالم التي تصدر القمح بنسبة 30% من اجمالي صادرات الدول التي تصدر القمح وكما أن أوكرانيا المصدر الأول لزيوت الحبوب والذرة وعباد الشمس والتي تصدرها إلى الشرق الأوسط وافريقيا واوروبا والذي ينعكس استمرار هذه الأزمة واستمرار الحصار على المنافذ التجارية من قبل الدولتين سيؤدي لارتفاع الأسعار وتوسع فوة الطبقات الفقيرة واستمرار أزمات سلاسل الإمداد وتراجع مخزون الدول من السلع الاساسية وارتفاعها وتعطل القطاع الزراعي في الدول العربية وفلسطين من بينها نتيجة الاحتلال وازدياد فجوة الانقسام الداخلي الفلسطيني، فإن هذه الأمور ستؤدي إلى ظهور تحدياً خطيراً للأمن الغذائي مما يؤدي لظهور انتفاضات وثورات الجياع لتنعكس إلى اضطرابات سياسية.
المحللون الاقتصاديون والخبراء تنبهوا إلى أزمة الأمن الغذائي في العالم وحاولوا وضع بعض السياسات الاقتصادية لإعادة انتعاش الانتاج العالمي لعدد من المحاصيل الزراعية في مقدمتها البذور الزيتية والقمح وغيرها وتحسين في بيئة الانتاج واعادة دعم القطاع الزراعي والمزارعين وتشجيع العمالة نحو القطاع الزراعي بعد تحول العديد من الايدي العاملة نحو الوظائف العامة والصناعة والقطاع التكنولوجي.
وتلجأ بعض الدول الى زيادة حجم الاكتفاء الذاتي من الانتاج المحلي للمنتجات الغذائية الرئيسية ولكن هذا الامر بحاجة لمساحات واسعة من الاراضي لزراعتها وهو بحاجة لتفاعل الدول مع بعضها بالذات الدول العربية والتي تتواجد فيها مساحات شاسعة من الأراضي ولكنها بحاجة لسياسات لاستغلال تلك الاراضي وتوفير حد أدنى للحد من مخاطر الأمن الغذائي المستقبلي.
مبادرات احتياطات غذائية :
بعض الدول حققت الاكتفاء الذاتي من الغذاء ويتوفر لديها احتياطي غذائي كافي ولديها استراتيجيات لحفظ المخزون، وبعض الدول لا تستطيع بسبب ارتفاع التكاليف العالية للتخزين وعدم توفر مواد غذائية لتخزينها وسوء الادارة القائمة على القطاع الزراعي بحيث تتعدد مظاهر الروتين الحكومي والادارة غير الرشيدة بالتحديد في القطاع الزراعي وعدم اعطاء اولوية في الموازنة من قبل الحكومة لصالح القطاع الزراعي وشيوع مظاهر الفساد المؤسسي والتي تُعتبر تحديات في دعم القطاع الزراعي ناهيك عن قلة الكفاءات المكلفين بادارة والتعامل السليم مع السلع الغذائية وكيفية تخزينها للمستقبل ناهيك عن تراجع البحث واستخدام التقنيات لتعزيز احتياطي غذائي.
ان تعزيز القطاع الزراعي مهم لابراز الفائض الغذائي امام الاضطرابات التي ستحدث مستقبلاً من هنا فان تقديم الحكومات دعماً للقطاع الزراعي من خلال اعانات او اصلاحات في السياسات من شأنها تمكين المنتجين للعمل في هذا القطاع لتوفير القمح والبذور أثناء الأزمات.
خلاصة، يمكن القول أن الازمات السياسية في العالم لن تتوقف بما ينعكس على الازمات الانسانية واهمها الغذائية ولا سيما في الشرق الاوسط الأمر الذي سيحدث ثورة ضد الحكومات نتيجة ارتفاع الاسعار الغذائية وقلة الدعم المالي والمنح الخارجية والمساعدات، بالمقابل ستسعى الحكومات الى فرض الضرائب والتي سيتم جنيها من قبل المواطن ذاته والتي ستؤدي الى افقاره اكثر واكثر لعدم قدرة الحكومات على إرساء التوافق بين الراتب والاسعار التي ترتفع بشكل دوري ومستمر نتيجة ارتفاع السلع عالمياً والتي تنعكس على أسعار البضائع المستوردة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى