رأي

المحنة البشرية!!

د. صادق السامرائي
ما أن إنتهت الحرب الباردة بسقوط الإتحاد السوفيتي، وتوهمت الدنيا بأنها ذات قطب واحد لما يزيد على عقدين، حتى إنطلقت نظريات المتوهمين بأن المعركة القادمة ستكون مع الدين؟!

فنهضت الرؤى والتصورات والآليات والمشاريع والمخططات، وبعد حروب وحروب، وجدت البشرية نفسها في محنة مصيرية قاسية.

ذلك إن المنظرين الذين إندفعوا في مخططاتهم وتصوراتهم، حسبوا الدين حزبا أو عقيدة كأي عقيدة قابلة للسقوط.

وقد أصابهم الإتحاد السوفيتي بسقوطه السريع بمقتل، وبإضطرابات فكرية وتقديرية مدمرة.

ووفقا لما خبروه من آليات الصراع معه، إنطلقوا في مخططات صراعهم الجديد، فانتهت الأمور إلى ما هي عليه الآن، ووجد الساحر سحره قد إنقلب عليه.

وفي محنة التورط الديني، إنتقلت البشرية إلى مرحلة مصيرية خطيرة، ربما ستعيدها قرونا عديدة إلى الوراء.

وبما أنها قد إمتلكت أدوات الفناء الشامل، فأنها قد أصبحت على شفا حفرة المصير المبيد.

وفي خضم المؤثرات العقائدية الإنفعالية المؤزرة بالإعلام الموجه الفعال المتمكن من عقول الناس، فأن قدرات الحكمة والحلم والرشاد، باتت واهنة ضعيفة ومدانة.

لأن معزوفات الرقص على أكتاف الموت، تتعالى أنغامها وتتنوع ألحانها، وترافقها طبول الحرب الصاخبة الإيقاع والضرب الجنوني الفتاك.

فإلى أين سيأخذ البشرية جنونها الفظيع، وإنطلاقها الحامي الشديد في دروب الهلاك البديع.

البشرية التي أصبحت مدججة بالسلاح والمتفجرات، والمبيدات الفتاكة الخاطفة للأنفاس كلمح البصر، حتى أمست المجتمعات في مآزق الخوف والقلق، والتوجس والشك وفقدان الأمن والأمان والسلام.

فما عاد البشر هنيئا بما وصل إليه من أسباب السعادة والرفاهية والتقدم والعمران، لأن الموت صار قائما ومباغتا له أينما حلّ وكان.

وحفت المخاطر أرجاء الدنيا ووسائلها ومبتكراتها، ومنجزاتها، وأصبحنا على حافة إنهيار القوانين، واحتراق الدساتير، وإنتصار أمارة السوء التي فينا، وسيادتها على المكان والزمان.

وبهذا ستزأر وحوش الغاب في طرقاتها الظلماء، وسيحل الفظيع والشقاء.

فعندما يتحول البشر إلى قنبلة، فإن الحياة تكون مقبرة!!

فهل من صحوة ضمير، ونهضة أخلاق، وعودة قيم، وسيادة عدل، وشعور ببعض المعاني الإنسانية، بدلا من التمادي بالقوة العدوانية؟!!

د-صادق السامرائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى