تعاليقرأي

القوة في الإختلاف!!

د. صادق السامرائي
الإختلاف قوة حضارية وطاقة إنسانية تساهم في تحقيق التقدم والإرتقاء، وقدرة حية على إستنهاض الكوامن الإيجابية في الأعماق البشرية، إذا تم توجيهها وفقا لمناهج الصيرورات الأفضل.

ومشكلة المجتمعات التي تجهل الإستثمار في ثروة الإختلاف، تتلخص في عدم معرفتها بمهارات التفاعل وآليات بناء الوعاء الجامع، اللازم لتفاعلات عناصر الإختلاف وتمازجها لصناعة الحالة الأقوى والأجمل.

وكأنها لا ترى أن الدول المتقدمة تسعى بجدٍ وتواصل إلى إدامة الإختلاف المتفاعل، لأنها تدرك أن قوتها الحقيقية تكمن فيه، وبدون ديمومة الإختلاف المتفاعل تضعف المجتمعات وتذبل الأمم.

وفي مجتمعاتنا نغفل هذه الحقائق، بل وننكرها ونعاديها ونحسبها قوة سلبية ومعادية تستهلك طاقاتنا وندمر معالم وجودنا الأصيل.

إن وعي أهمية الإختلاف وإضافاته وعطاءاته وضروراته الحضارية، من أهم التحديات التي تواجه المجتمع العربي، خصوصا بعد النهضة الثورية الفوارة التي تسوده اليوم.

وبدون الجد والإجتهاد وإبتكار وسائل التفاعل البناء ما بين عناصر الإختلاف، لا يمكن للمجتمع أن يقدم إنجازا وطنيا حضاريا، وربما يتهاوى ويتبدد ويعيش حالة بدائية من التفاعلات الغابية السيئة، التي تقضي عليه وتدفع بخيرة أبنائه للرحيل إلى مجتمعات أخرى تستثمرها وتوظف طاقاتها لصالحها.

ولهذا فالمطلوب من القيادات السياسية، أن تتكلم بلغة جامعة ذات مفردات إيجابية، وأن تعمل على إنجاز الحالات الصالحة التي يقتدى بها، وتقديم الأمثلة الصحيحة الضرورية للتعبير عن أهمية الإختلاف، وصب طاقاته في بودقة وطنية ذات معاني إيجابية ومؤثرة في سلامة وفائدة المصلحة العامة والإنسانية.

ومن هنا فأن على أصحاب الكلمة والكتاب والصحفيين والإعلاميين وجميع المسؤولين الدقة والحذر فيما يطرحونه، وأن لا يساهموا في تأطير الإختلاف بملامح ومواصفات سيئة وضارة بالحياة.

إن المطلوب منا جميعا أن نكون إيجابيين وواعين ومتبصرين، ومؤهلين لوضع الآليات وإبتكار المهارات اللازمة لصناعة سبيكة الوطن والحضارة اللائقة بنا.

وتبا للمعمعية ومرحبا بالإختلاف المتبصر الإيجابي الواعي المنير.

وتمتلك المجتمعات الغنية بثروة الإختلاف حقائق حضارية وتاريخية وإنسانية ساطعة، أثرت في المسيرة البشرية عبر العصور ولازالت تقودها، وفقا لآليات التفاعل الحاصل ما بين عناصر الإختلاف.

فهل سندرك ضرورة وقيمة الإختلاف في صناعة الحضارة المعاصرة؟!!

د-صادق السامرائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى