في الواجهة

مقتل رئيس الوزراء الياباني السابق “شينزو آبي”.. -كوكب- اليابان يعود مجددا الى الأرض

خالد بطراوي

رحبت إبنة القدس الصديقة العزيزة مرال قطينة بعودة اليابان الى الأرض بالقول على صفحتها الفيس بوكية ” كوكب اليابان عاد سالما الى الأرض”، وأعطتني تلك المقولة فكرة لعنوان مقالتي هذه.
فالحديث يدور حول مقتل رئيس الوزراء الياباني السابق “شينزو آبي” يوم الجمعة الثامن من تموز لعام 2022، بعد أن أطلق أحد المحترفين رصاصتين تجاهه أثناء إلقائه كلمة في مهرجان إنتخابي في مدينة نارا اليابانية، حيث تبين من التحقيقات الأولية أن المشتبه به بالقتل (لاحظوا هنا ما زال مشتبها به وليس مدانا حيث لم يقدم للمحاكمة بعد) قد أفاد بأنه أقدم على فعلته لاستيائه من رئيس الوزراء السابق وأنه كان “يأمل في قتله”.
وينتمي رئيس الوزراء الياباني السابق الى الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، وتعتبر الحادثة أمرا مستهجنا في المجتمع الياباني المعروف بصرامة قوانينه في حيازة الأسلحة.
لكن لماذا نرحب بعودة اليابان مجددا الى “الكرة الأرضية”؟
بصراحة لأن أنظمتنا العربية وأيضا الشعوب العربية كانت – وما زالت – تتغنى باليابان والتقدم العلمي والتقني والنبوغ ودقة الإلتزام بالقوانين والمواعيد بل وإنتشر كثيرا المصطلح القائل بأن ” اليابان هي كوكب” يجاور الكرة الأرضية.
فنجد الان، أن كل المنظومة اليابانية لم تستطع أن تمنع حدوث هذا الحادث ولم تتأصل بالمطلق في حياة الشعب الياباني ثقافة التسامح. وعلى الرغم أنه من المبكر، بل من المبكر جدا القول أن حادثة إغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق تدخل في إطار حوادث الإغتيال السياسي، وقد يصل التحقيق الى أن الفاعل من ” المرضى النفسيين”، إلا أن الثابت على الأقل أن الحادثة تشكل عملية قتل على الهواء مباشرة، تماما كما حدث في عالمنا العربي ( على هذه الأرض) عندما تم إغتيال الرئيس المصري “محمد أنور” السادات عام 1981 خلال عرض عسكري للجيش المصري، وإغتيال الرئيس الجزائري محمد بو ضياف على يد أحد حراسه عام 1992 أثناء القائه خطابا، وإغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري أثناء مرور موكبه عام 2005 والقائمة هنا تطول، ليس فقط في عالمنا العربي بل أيضا وفي دول العالم قاطبة وعلى إمتداد تاريخ البشرية جمعاء.
اللهم لا شماته، وضمائرنا الحية تستنكر دوما عمليات التصفية الجسدية سواء أنفذت بتصرف فردي أو بمخطط رسمي للتخلص من الخصوم السياسيين، لكن ما حدث، يقول أن اليابان ليست كوكبا منفردا منفصلا عن الكرة الأرضية، بل هو جزء أصيل منه، بداخله ذات التفاعلات المجتمعية، إذ لا يوجد في العالم ما هو مطلق وأنه من الضروري النظر الى الأمور وفقا لنظرية أينشتاين …. أي النظرية النسبية.
ستكشف التحقيقات مع المشتبة به إن كان تصرفه فرديا أم أن هناك من يقف خلفه، فإن كان فرديا فسوف يحال الى الفحص الطبي الذي يقرر إن كان فعله الإجرامي هو حصيلة أمراض نفسية تراكمية واعية أم غير واعية، وسيحال وفقا لذلك الى القضاء. أما إذا كانت عملية القتل هي عملية إغتيال سياسي، فلن تتوانى الدولة اليابانية في إتخاذ إجراءات صارمة كي لا تشكل الحادثة بداية عهد ومقدمة لسلسة من الحوادث المشابهة التي تهدد الإستقرار في بلد التكنولوجيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى