الفساد كمعرقل رئيسي للتنمية وبوابة الخراب

 
 
 
د. ضرغام الدباغ
يشخص الفساد (corruption) اليوم في العديد من البلدان النامية على أنه الآفة الداخلية الأولى، إلى جانب العوامل والظروف الخارجية الموضوعية الأخرى. ودون ريب أن حالات الفساد بدرجتها الكبرى، هي حالات فساد هيكلية (strukturelle Corruption) ناجمة عن محصلة عوامل (سياسية بالدرجة الأولى) أفضت إلى هذه النتيجة التي يبدو أنها مستعصية الحل بالوسائل التقليدية، ذلك لأنها عشعشت واستوطنت وصار لها جذور، ثم امتدت عمودياً وأفقياً، وتكونت فئات وشرائح تعد في لغة الاقتصاد طفيلية (Parasitie) لأنها تعتاش من خيرات المجتمع، لذلك يعتبر علماء الاقتصاد الفساد من معوقات التنمية، بل تعتبر اليوم في مقدمة تلك المعوقات.
ويتصاعد هذا الاعتبار منذ عام 1990 منذ اشتداد الدولنة (صيرورته دولياً) في الاقتصاد، كما يعتبر صندوق النقد الدولي (IMF) الفساد بوصفه عقبة رئيسية للتنمية، في حين انه حتى لما قبل العام 1990 لم يكن التقييم بهذه الدرجة من الخطورة، وذلك لتصاعد دور الاقتصاد الدولي في الحياة الاقتصادية في العالم. ولعبت المنظمة( (IMF أيضاً دوراً أساسياً في تقديم ميثاق الأمم المتحدة ضد الفساد، وتحولت إلى شأن دولي مهم، ولذلك فهي تستدعي من كافة الدول حلولاً جذرية : سياسية واقتصادية وثقافية. وهو أمر نرجح يكون خارج قدرة بعض الأنظمة التي هي نفسها بالذات وليدة تلك العناصر السلبية التي بلغت في تدهورها درجة كارثية، أفضت بالتالي كنتيجة حتمية هذا الوضع.
لذلك فالدول التي تتربع في هذه المكانة هي نفسها منذ سنوات طويلة دون تغيير كبير (تقريباً) : الصومال، العراق، بورما، هايتي، أفغانستان، السودان، غينيا، تشاد، كمبوديا، زيمبابوي، وتقسم منظمة الشفافية العالمية (Transparency International) دول العالم في ستة فئات (category) من الدول، عشرة دول تقع في الفئة الخضراء، وعشرة مثلها في الفئة أخضر فاتح(فستقي)، وعشرين دولة بلون أزرق في حالة ليست ممتازة، وبعدها تأتي فئة تقع في اللون الأصفر، وهي فئة لا تزال مقبولة، وبعدها فئة اللون البني(وهي خمسة وأربعون دولة) وهي دول يعد الفساد فيها كارثة أمن قومي، وفي أسفل هذه القائمة العراق، ولا يترك وراءه سوى الصومال ….!. ويحق للمراقب والباحث أن يستنتج استنتاجات سياسية عديدة في تحليل معطيات هذا الدول.
إن خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها والذي يقوض مؤسسات الديمقراطية وقيمها والقيم الأخلاقية والعدالة، ويعرض التنمية المستدامة وسيادة القانون للخطر وما يترتب على ذلك من الفساد المالي والإداري، ومن آثار اقتصادية وسياسية واجتماعية تؤثر بشكل سلبي على المجتمع، وآثار مدمرة تطال كل مقومات الحياة في الدولة، فتضيع الأموال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل سير الأداء الحكومي وانجاز الوظائف والخدمات، وتقود إلى تخريب وإفساد ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فحسب، بل في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، ناهيك عن التدهور الخطير في مؤسسات ودوائر الخدمات العامة المتصلة بحياة المواطنين. لتصل النتائج إلى أن الفساد معرقل أساسي للتنمية.
الفساد بحسب تعريف منظمة الشفافية العالمية (Transparency International) تشكل الأنشطة غير المشروعة التي يتم التستر عليها عن قصد ولا يتم الكشف عنها إلا من خلال الفضائح والتحقيقات أو الملاحقات القضائية. أما إذا شئنا التوغل في معنى الكلمة لغوياً، ففساد الشيئ يعني أن العطب قد نال منه، أو اللهو واللعب أو اخذ المال ظلماً أو إلحاق الضرر، أو الجدب، وكلها معان وصفات سلبية إذا لحقت بفرد أو جماعة. والفاسد في مجال بحثنا هو معتد على حقوق الملايين، بينما النشال واللص العادي قد اعتدى على جزء بسيط جداً من ممتلكات شخص واحد، فالمعتدي على المال العام بهذا المعنى الإنساني والقانوني مجرم خطر يتجاوز في حدود فعله جرائم الجنح إلى الجنايات، لذلك هناك من الدول تحكم على جرائم المال العام بالإعدام، فجريمة القتل الخطأ تعتبر جنحاً(كالدهس المفض إلى الموت) وقد لا يحكم على مرتكبها أكثر من خمسة سنوات، بينما يعتبر الفساد جريمة من الدرجة الأولى ضد المجموع.

ويعد الفساد المالي والإداري المعرقل الرئيسي لخطط وبرامج التنمية إذ تتحول معظم الأموال المخصصة لتلك البرامج لمصلحة أشخاص معينين من خلال استغلال مراكزهم أو الصلاحيات المخولة لهم. وبذلك تتعرقل عملية التنمية ويتفشى التخلف والفساد وينعكس بدوره على مجالات الحياة كافة وفي ذلك خسارة كبيرة للمال والجهد والوقت وضياع فرص التقدم والنمو والازدهار.
أن ظاهرة الفساد المالي والإداري ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ذات جذور عميقة تأخذ أبعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها، وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى آخر، كما أن الآثار المدمرة والنتائج السلبية لتفشي هذه الظاهرة المقيتة تطال كل مقومات الحياة لعموم أبناء الشعب، فتهدر الأموال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات، وبالتالي تشكل منظومة تخريب وإفساد تسبب مزيداً من التأخير في عملية البناء والتقدم ليس على المستوى الإداري والمالي فقط، بل في الحقل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، أي فيما يتعلق بالتنمية الشاملة، ناهيك عن مؤسسات ودوائر الخدمات العامة ذات العلاقة المباشرة واليومية مع حياة الناس، مما يحتم ضرورة إنشاء نظام رقابي فعّال مستقل مهمته الإشراف ومتابعة الممارسات التي تتم من قبل الوزراء والموظفين العاملين في كل وزارة ومؤسسة. يُعتبر الفساد مكلفا. فهو يعمل على إعاقة النمو الاقتصادي، حيث في البلد الفاسد أو الصناعة الفاسدة ” يختفي الحافز لدى الشركات لتحسين نوعية السلعة، وستتوقف مكاسب الإنتاجية والابتكار اللذان يأتيان من شركات جديدة “. بكلمة أخرى، الفساد يُضعف تنافسية الاقتصاد ويكبح الاستثمار ويحول دون خلق الوظائف.
في احدي الدراسات وُجد أن المستوى المنخفض من العائد الضريبي في العالم العربي هو جزئيا يعود إلى الفساد. هذا الأمر خصيصا مثير للقلق في ضوء عدم مقدرة الدول العربية النفطية الاعتماد على الموارد النفطية، وحيث الاحتياطات تنضب بسرعة وعوائدها بدأت تتناقص بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية. أو أن تذبذب أسعار المواد الخام ومنها النفط الخام والغاز المسال، يضع الخطط الحكومية في مأزق، بسبب تضارب الأسعار والواردات الحكومية.

وفي الاقتصاد والسياسة وفي القانون، فالأمر ينطوي أيضا على إشارة تعني أن عطباً شديداً (Defect) قد لحق بعملية سياسية أو اقتصادية أو كلاهما معاً وهو الأرجح، وأن الفساد يتحول إلى قضية سياسية / اقتصادية عامة، تخرج عن إطارها كحادث فردي تعالج قضية فرد ما موقعياً بشكل إداري. وقد يكتسب الفساد العام على الفور صفة جنائية، فمعظم القوانين الجزائية في أغلب دول العالم تعالج قضايا الفساد في حدوده الدنيا، كحادثة ارتشاء موظف، ويفهم تحت عبارة تختص بمثل هذه الحالات (situativer corruption) أي حالة بنت ظرفها الآني. أو وليدة ظرفها، وهي قد تنجم عن تصرف عفوي، بمعنى أنه حدث كرد فعل مباشر في موقع عمومي رسمي ولم يتضمن الحال تخطيطاً أو تحضيرات مسبقة.
أما في حالات الفساد الكبيرة التي يطلق عليها في الاقتصاد (strukturelle corruption) أي الفساد الهيكلي، ففي الفساد الهيكلي يدور الأمر حول حالات الفساد المؤسسة على أساس علاقات المدى البعيد وحالات تم التخطيط فيها لفعل الفساد على أساس العلاقات على المدى الطويل من الفاسدين قبل ارتكاب الجرم عمدا، فهناك الفعل المادي أو التحضير الذهني للعمل، الذي يستبعد العفوية مبدأ العمل. الطاقة الجنائية للمشتبه بهم هي في الفساد الهيكلي عادة ما يكون أعلى مما كانت عليه في قضايا الفساد الظرفية، والفساد الهيكلي يعني بذات الوقت، أنه قد أنتشر في العديد من قطاعات الدولة، ومن هنا فالفساد هو مسألة عامة يستدعي حلولاً عامة.
الفساد السياسي (police corruption): وهو التحدي الرئيسي، حيث تركز النخب الحاكمة السلطة في أيدي مجموعات صغيرة، (عائلية، عرقية، دينية) مما يؤثر سلباً على الفصل بين السلطات، ويمتد الأمر ليبلغ عمليات صنع القرار التي تؤثر على البلاد والشعب بأسره. وإذا أنتشر الفساد السياسي فسيعقبه فساد إلى سائر مفاصل الدولة حتماً، ولا يعني عدم وجود معطيات وأدلة في هذا الجزء أو ذاك سلامته من الفساد المستشري.
ولنبسط الأمر ليغدو مفهوماً أكثر، فقد يحدث أن تسول له نفسه، موظف ما في موقع تماس مع الأخذ والعطاء، أن يرتشي لأي سبب من الأسباب، وقد لا يقدم على هذه الفعلة مرة أخرى، أو يكررها بين الحين والآخر، وهو ما يسمى (situativer Korruption)، أي فساد ظرفي، وهو أمر قد يحدث في أكثر بلدان العالم شفافية ورقياً، ففي العام المنصرم قبض على شرطي دانمركي بتهمة الارتشاء، وهي حادثة بسيطة ولكنها تسببت بهبوط الدانمرك بضعة درجات في سلم الدول الفاسدة. فيما نعني بالفساد الهيكلي أن يكون نظاماً معيناً فاسد برمته، أو بالجزء الأعظم منه، ويتخلل ذلك أتفاق على الفساد وسرقة المال العام واستغلال الوظيفة، وكمثال على نقول : أن هناك وظائف تباع في المزاد ومن يريد أن يتولاها عليه أن يدفع مبالغ طائلة وحسب واردات وظيفته، وفي هذه الحالة فإن من يتولى الوظيفة سيلتهم أكبر قد ممكن وبأسرع وقت ممكن تحسباً للظروف الطارئة، وبهذه الحالة فإن سلسلة المراجع كلها مشتركة في عملية التهام جماعي بالاتفاق علناً أو ضمناً، وقد أطلعت شخصياً على موقع نقطة حدودية هامة في بلد ما تباع لمن يدفع أكثر في شبه مزايدة سرية، وبمبلغ بملايين الدولارات، والعائد يتقاسمه وزير الداخلية ووكيل الوزارة والمدراء العامون، كل حسب أهميته، وضابط نقطة الحدود هذه، سيسترجع ما دفعه من مال بأتاوات يفرضها على القادمون والمسافرون، وهو في ذلك يدفع أيضاً للعاملين معه، فهذه من أصناف السرقات الهيكلية المنظمة إلى تشير إلى فساد شامل.

أما الفساد الذي تئن منه البلدان النامية بصفة خاصة، هو فساد الدولة، وفساد الوضع الاجتماعي على الأغلب، لذلك نلاحظ أن الدول المتقدمة في نظامها السياسي نادراً ما تعاني من ظاهرة الفساد العام الذي ينخر هيكل الدولة بأسرها وهو ما يطلق عليه (strukturelle korruption) . وكمثال على نقول: أن هناك وظائف في البلدان النامية، تباع في المزاد ومن يريد أن يتولاها عليه أن يدفع مبالغ طائلة وحسب واردات وظيفته، وفي هذه الحالة فإن من يتولى الوظيفة سيلتهم أكبر قدر ممكن وبأسرع وقت ممكن تحسباً للظروف الطارئة، وبهذه الحالة فإن سلسلة المراجع كلها مشتركة في جريمة التهام جماعي بالاتفاق علناً أو ضمناً، وفي هذه الظروف العاقل تكفيه الإشارة.
ولدى مؤسسة الشفافية العالمية (للنزاهة ومكافحة الفساد الدولية (Transparency International) ومقرها في برلين عاصمة ألمانيا الاتحادية، معطياتها وبموجبها تؤشر درجة الفساد في شتى دول العالم، ويعتبر الخبراء أن الدرجات بعد الخمسين في أي دولة تقع في حقل الدول المنكوبة. وبهذه المناسبة فإن العراق يحتل ذيل القائمة التي تتألف من 180 دولة ( يحتل العراق المرتبة 178 ) ولا يترك وراءه سوى الصومال.
لذلك فإن استئصال الفساد، واجتثاث رموزه ومرتكبيه والضالعين به، يقع اليوم على رأس جدول أعمال الحركات السياسية الوطنية. ومن المهم أن تحديد الجماهير الفاسدين وانحدارهم السياسي، وتعقب جذور الفساد، وفي هذا السياق يعد من السذاجة اعتبار مرتش يرتكب هذه الجريمة لسد رمق عائلته، أين منه ذاك الذي يضيف ملياراً جديداً من الدولارات إلى ترسانته المالية في الخارج على شكل استثمارات أو أموال سائلة، ويحرس نفوذه السياسي ميليشيات مسلحة خارج إطار الدولة، بل وحمايات تأخذ رواتبها من الدولة نفسها ..! أو مسؤول يعبر عن فساده بالاستيلاء على عقارات الدولة والشعب وقيمتها بالملايين، أو ذاك اللص الذي يستغل وظيفته فيجلس على تل من الأموال يتطلع إلى المحرومين بقلة غيرة وانعدام ضمير.
وللأسباب السياسية والاقتصادية فإن الفساد متفش في سبعين دولة وهو عائق مهدد للتنمية ولابتعاد والاستثمارات الأجنبية ومسبب أساسي للفقر ويحول دون تجازوه. وتشير كافة مناهج التنمية في البلدان النامية (Economy of development) أن الفساد يمثل عائقاً حقيقياً أمام التنمية، ويؤدي إلى المزيد من التدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وبحسب تأكيد رئيس منظمة الشفافية الدولية الذي يرى في شن الحرب على الفساد هي أنجع وسيلة لتحرير الإنسان من الفقر، وهناك مؤشرات ونسب ورُتب تصعد وأخرى تنزل من سنة إلى أخرى ومع وجود رغبة نبيلة في محاصرة الفساد ونشر ثقافة الشفافية، لكن هناك مَن يطرح دائما أسئلة عن موضوعية السلم التقييمي ذو العشر درجات وشفافية المعايير التي تعتمدها المنظمة في قياس الفساد وفي تعريفه وتصنيفه بين سياسي ومالي واقتصادي وأخلاقي وأي تلك العناصر أكثرها ضرراً.
من المؤكد أن الفساد ليس جزءا من ثقافة الدول النامية وخاصة الدول الإسلامية لان ثقافتها الدينية والتاريخية تحرم الفساد بكافة إشكاله وتحرم الرشوة سواء تتم داخل الدولة أو خارجها على العكس من ذلك نجد أن الدول الأوربية تعتبر الرشوة التي تدفع لمسؤولين خارج البلد بمثابة مصروفات وتقوم بخصمها من الضرائب التي تدفعها الشركات والأفراد للحكومة وهو ما يعني أن الحكومات الأوربية تدعم الرشوة وتغذي الفساد في الدول النامية، ويعني ذلك أيضا أن الرشوة والفساد جزء من ثقافة وقوانين الدول المتقدمة وليس الدول النامية ، ولذلك قامت بعض الدول المتقدمة بتصحيح هذا الوضع عندما قامت دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بتوقيع اتفاقية تحرم تقديم الرشوة للمسؤولين في الدول النامية لإبرام الصفقات.
هناك درجات في الفساد، فهناك فساد بدرجات واطئة يعتبر فساداً مسيطراً عليه، وللأسف فقط القليل من دول العالم هي في هذه المرحلة، والأكثرية تقع في قطاع الدول التي يبلغ الفساد فيها أقل من المرتبة الخامسة، وأكثر من ذلك يعد خارج السيطرة، الفساد المسيطر عليه هو في دول ضمن ثلاث درجات وما أقل من ذلك. وهناك العديد من الأسباب لانتشار الفساد يأتي في مقدمتها غياب الشفافية فيما يتعلق بالأعمال العامة للدولة بالذات في الدول غير الديمقراطية، النظم الديمقراطية في الحقيقة توفر آلية لمنع الفساد وإذا حدث هذا الفساد توفر آليات متنوعة ومتعددة لمكافحته، الديمقراطية نفسها فيها درجة عالية جدا من تمكين البشر من الرقابة على كل ما يتعلق بالأعمال العامة أو المالية العامة للدولة، أيضا إذا منح الموظفين العموميين سلطات منح التراخيص بدون رقابة فعالة وبدون مراجعة لذمتهم المالية بشكل صارم في الحقيقة يبقى هذا يتيح لانتشار الفساد، أيضا إذا كانت الرواتب الخاصة بالعاملين في أجهزة الدولة في الكثير من بلدان العالم وبالذات في الدول النامية غير منطقية وغير معقولة هي دعوة للفساد لهؤلاء الموظفين الذين تجرى أمامهم وتحت أيديهم الكثير من الأموال والكثير من الأصول العامة وبالتالي هم في الحقيقة من أجل منح التراخيص يحصلون على رشاوى وإلا عطلوا الأعمال، أيضا كلما زادت الإجراءات البيروقراطية المُعًقَدة للأعمال هذا يشكل باب ملكي للفساد لأن كل الموظفين البيروقراطيين القادرين على تعطيل الأعمال أو إنشاء أعمال جديدة يمكنهم الحصول على رشاوى أو ميزات مالية مقابل اختصار الوقت وإصدار التراخيص أو تسهيل الإجراءات بصورة أو بأخرى وبالتالي هو النظام. عدم وجود جهاز مستقل غير تابع للسلطة التنفيذية. وإن كان تحقيق هذا الاستقلال عن السلطة التنفيذية محفوف بالشكوك، ليصبح حالة كحال القضاء المسيس، ولا تعود هناك ثقة بكل ما تقوم به السلطة التنفيذية. ولذلك يطالب الاتحاد الأوربي الحكومة العراقية أن الإصلاح ومكافحة الفساد يجب أن يبدأ من القضاء.
ويشير تقرير لمنظمة الشفافية الدولية إلى عدة تحديات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، انعكست بدورها على تراجع تصنيف دول المنطقة على مؤشر الفساد، وتتمثل هذه التحديات في الآتي:
1- القلاقل الأمنية: سهلت الأوضاع الأمنية غير المستقرة والعنف والصراعات المسلحة، من انتشار التدفقات غير المشروعة والممارسات الفاسدة. وقد استثمرت العديد من دول المنطقة سياسياً ومالياً في التعامل مع التهديدات الأمنية الوشيكة بدلاً من تسخير المزيد من الموارد لمحاربة الفساد بشكل فعَّال.
2- الفساد السياسي: يعد “الفساد السياسي” هو التحدي الرئيسي في المنطقة، حيث ركزت النخب الحاكمة السلطة في أيدي مجموعات صغيرة، مما أثر سلباً على الفصل بين السلطات، وامتد الأمر إلى عمليات صنع القرار التي تؤثر على ملايين المواطنين.

ويرى التقرير أن النخب السياسية في المنطقة قد أساءت استخدام السلطة، وحافظت على مصالحها الشخصية من خلال النفوذ وشبكات المحسوبية. وفي هذا الإطار يشدد التقرير على ضرورة أن يكون الفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية أولوية قصوى بالنسبة لأولئك المنتخبين في السلطة، فضلاً عن أهمية استقلال القضاء بعيداً عن التدخل السياسي.
3- غياب القوانين الفعَّالة: أحرزت عدة دول بالمنطقة خطوات إيجابية نحو الإصلاح، كما تم إحراز بعض التقدم التشريعي في المنطقة من خلال التصديق أو الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. ومع ذلك فإن المنطقة تعاني من عدم وجود قوانين يُمكن أن يكون لها تأثير كبير على تحسين النزاهة والشفافية والمساءلة. ولذا طالب التقرير بتشريع الخطط والاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الفساد، وتدشين لجان مكافحة الفساد التي يمكن أن تعمل كهيئات رقابية مستقلة.
4- غياب الرقابة: أحد المشاكل الرئيسية للأداء الضعيف لمعظم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مؤشر الفساد، هو عدم وجود القوانين المهمة التي تعطي الجمهور فرصة لمراقبة كيفية إنفاق أموالهم.
ويؤكد التقرير حاجة الناس إلى الثقة في مؤسساتهم، خاصةً في أوقات عدم الاستقرار، كما يجب أن تكون الحكومات على استعداد للعمل مع مواطنيها، ومع المجتمع المدني كشريك مهم في مكافحة الفساد.
ختاماً، يُوصي واضعو المؤشر الدول التي حلَّت في قاع المؤشر بأن تتبنى إجراءات جذرية لمكافحة الفساد من أجل تحقيق مصلحة شعوبها، كما يتعين على الدول التي في قمة المؤشر أن تعمل على ضمان عدم تصدير الممارسات الفاسدة إلى الدول ذات معدلات التنمية المتدنية، ومنع غسل الأموال ومنع الشركات السريّة التي تُستغل لإخفاء الفساد.
أما في العراق، فقد وفر الاحتلال البيئة الخصبة للفساد بأعلى درجاته، لم يبق الفساد الغير مسبوق بدرجته الغير طبيعية للمواطن أي شيئ. وعندما نقول أي شيئ، نقصد ما يحتاجه المواطن من أساسيات الحياة من سكن وملبس وطعام وعلاج، إضافة إلى الافتقار الشبه تام للخدمات الأساسية : أمن، كهرباء، ماء، مواصلات، تعليم، في بلد أصبح يفتقر إلى كل شيئ، وبالإضافة إلى القمع الذي يمارسه مليون ونصف جندي وشرطي، ومئات الألوف من الميليشيات التي تمارس الفساد والاستيلاء على أموال وممتلكات المواطنين والتصفيات الدموية، فإن العراق يتعرض للتصحر والإبادة والتقويض كدولة ونظام. وأمامنا مجموعة من الهوامش النصية والمعطيات اقتطفتها من المواقع العراقية وبعضها حكومي:
ــ مكونات الناتج القومي الإجمالي ومؤشراته ..
ــ تحدث الدكتور أحمد الجلبي عن 44 مليار دولار أنفقت بين 2006 و2010 .
ــ توقف الدكتور أحمد الجلبي عن فتح ملفات الفساد ومن ذلك الذي مفاده، أن رئيس الوزراء السابق المالكي أنفق 44 مليار دولار أميركي خارج الموازنة وبشكل غير قانوني خلال السنوات الأربعة الأولى من حكمه.
ــ مناقشات في البرلمان مؤخرا تفيد بأن المالكي أنفق خلال 2011 نحو 7 مليارات دولار أميركي لم تسجل في الموازنة، أي إنه أنفقها بشكل غير قانوني.
ــ صرح السيد حسين الياسري رئيس هيئة النزاهة في حلقة حوارية، فنفى علمه بمليارات أحمد الجلبي. كما نفى علمه بالخلاف الذي لم ينته بين باقر جبر صولاغ وزير المالية السابق والدكتور حسين الشهرستاني، حيث يقول الوزير صولاغ: إن المالكي أنفق 310 مليارات دولار في سنوات حكمه الأولى، بينما يصر الوزير الشهرستاني: على أن المالكي لم ينفق سوى 170 مليارا. لكن الياسري عاد وصرح بأن المالكي أنفق في دورته الأولى 17 مليار دولار (لا 44 كما يقول الجلبي) خارج الموازنة، واعترف بأن ساسة العراق يتأخرون في (أو يؤخرون) اعتماد نظام محاسبي حديث يكشف عبر شبكة حواسيب متطورة كيفية إنفاق كل فلس من الواردات والصادرات .
ــ المصادر المتواضعة تقر أن السيد المالكي تصرف بمبالغ بمعدل 7 إلى 10 مليارات دولار في السنة ـ عندما تعلم أن ميزانية العراق لعام 2010 بلغت 72.4 مليار دولار، وهي تعادل ميزانية أربع دول مجتمعة هي سوريا: 16 مليار، والأردن: 7.6 مليار، ولبنان: 6.2 مليار، ومصر 36.5 مليار بدون العجز، مصر التي يبلغ عدد سكانها ما يقارب 80 مليون نسمة …!!
ــ أكد وزير النفط عادل عبد المهدي، أن موازنات العراق منذ العام 2003 وحتى العام الحالي بلغت 850 مليار دولار، وفي حين بيّن أن هناك ثلاثة مستويات للفساد، رأى أن تلك الأموال كان ينبغي أن تولد تريليونات الدولارات من القيمة المضافة لو ضخت للأسواق ومواقع العمل والإنتاج بنحو سليم، لتسهم بإصلاح أي مجتمع مهما كان متخلفاً أو متأخراً. أو لو أن هذه المبالغ كانت قد أودعت في البنوك للاستثمار لبلغت فوائدها ربما ال 50 مليار دولار ..! وتلك مأساة أخرى .
ــ أوضح رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي أن مشروع مارشال لإعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، قد بلغ 15 مليار دولار للأعوام 1947-1951، وإذا كانت خطة مارشال (15) مليار دولار فقط، كانت كافية لانتشال أوربا الغربية وأوقفتها على قدميها بعد خراب شامل، (و15 مليار دولار مبلغ يعادل بالقيمة الحالية 148 مليار دولار)، أي تقريباً موازنة العراق، غير المقرة، لسنة واحدة فقط …. للعام 2014 فقط. وإذا علمنا أن مبلغ 148 مليار أعادت إعمار أوربا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، وفي العراق كان مردودها دون الصفر، فتأمل عمق الحفرة والمأزق …!
ــ صرح السيد الياسري (20 / آب / 2015) أن أرقام ملفات الفساد في العراق مفزعة وكبيرة وبلغ عدد المتهمين المحالين إلى القضاء العراقي بتهم الفساد بلغ 2171 متهماً منهم 13 وزيراً ومن هم بدرجته و 80 من أصحاب الدرجات الخاصة و134 من المدراء العامين خلال الأشهر الماضية. وهذا غيض من فيض ..! فكيف حدث ويحدث متواصلاً هذا الفساد الكبير الغير مسبوق في التاريخ، مليارات الدولارات تتطاير وكأنها دراهم في هذا البلد المنهك …!
ــ الفساد ببساطة هو نقل ما هو ملكية عامة أو أصل عام إلى ملكية خاصة بدون وجه حق أو بشكل غير مشروع من خلال العبث في مالية الدولة في العلاقة بين الدولة ومؤسساتها ومنشئاتها والقطاع الخاص.
ــ الفساد ناجم عن خلل في النظم وقواعد الصرف والعمل والرقابة والتخطيط التي اعتادت عليها الدولة أو الاثنين معاً.
ــ الفساد هو حالة ناجمة عن إنعدام كلي ــ شبه كلي ــ جزئي للديمقراطية ولأبسط قواعد الإدارة والحكم.
ــ الفساد هو حالة ناجمة عن نظم ديكتاتورية لا تتيح أي جهة حكومية الاستفسار عن مصير الأموال.
ويشير تقرير للمنظمة الدولية لمكافحة الفساد أن هناك سبب وهناك تداخل بين عملية الفقر بين طبيعة عملية الإصلاح السياسي وعملية الاقتصاد السياسي باعتبار أن هناك شفافية مفترضة في المناقصات المفتوحة، والأنفاق الحكومي، وهناك شفافية في النظام الضريبي والاقتصادي برمته.
احتل العراق المرتبة 166 من بين 176 دولة في مؤشر الفساد لعام 2017 ووقع ضمن ال 12 دولة الأخيرة في القائمة التي تنتهي بالصومال، بينما احتفظت الإمارات بالمرتبة الأولى في العالم العربي بمؤشر مدركات الفساد للعام 2017 الصادر عن منظمة الشفافية العالمية، بينما جاءت في المرتبة الـ21 على مستوى العالم بين 180 دولة. وتقدمت الإمارات 3 مراتب مقارنة بالتقرير السابق، وسجلت 71 نقطة بارتفاع 5 نقاط عما سجلته في تقرير عام 2016، متفوقة على دول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا، ومتقدمة ثلاثة مراكز مقارنة بالتقرير السابق، الذي حلت فيه في المركز 24. في حين، احتلت قطر المرتبة الثانية عربيا والـ29 عالميا، حيث سجلت 63 نقطة، بينما، جاءت السعودية في المرتبة الثالثة عربيا والـ 57 عالميا، حيث حصدت 49 نقطة. وتقدم ترتيب المملكة في تقرير العام 2017 خمس مراتب، وكانت قد جاءت في المرتبة 62 في تقرير 2016. كما تقدمت المملكة مرتبة واحدة على صعيد الدول العربية مقارنة بالتقرير السابق.وجاءت نيوزيلندا في المركز الأول والدنمارك في المركز الثاني، بينما حلت فنلندا والنرويج وسويسرا مشاركة في المركز الثالث، وبالتالي أصبح ترتيب سنغافورة في المركز السادس مشاركة مع السويد، وجاءت كل من كندا ولوكسمبورغ في المركز الثامن.فيما، جاء في ذيل التقرير الصومال وجنوب السودان وسوريا وأفغانستان واليمن، في المراكز الخمسة الأخيرة، ما يعني أن هذه الدول تعد الأكثر فسادا في العالم.
ترى ما هي عناصر النزاهة في النظام الوطني …

هل هي الديمقراطية، أم هل هي الحرية في تبادل المعلومات في المجتمع؟ هل هناك تنافسية في الاقتصاد؟ ما مدى انتشار الديمقراطية في المجتمع؟ هل هناك تنافس يحميه القانون، وما هي أبعاد الحريات الديمقراطية، هل هناك قمع سياسي، وهل هناك تميز بين المواطنين على أسس عرقية أو دينية، أو سياسية / حزبية ؟ عزوف الدول عن الانضمام إلى الميثاق والعهد الدولي، لمكافحة الفساد وغسيل الأموال على الصعيد الدولي، في تنقلها بين المصارف، سيكون له أثره في مكافحة الفساد لا سيما عندما يكتسب صفة الإلزامية.
في مثل الوضع الذي يمر به العراق: البلاد تحت الاحتلال العلني الواضح، أو المستتر، الجهات الأجنبية لا يهمها أين تذهب أموال البلاد، بل هي تفضل أن تسرق على أن تنفق للصالح العام، وربما تشارك الفاسدين.
(الجدول : رواتب كبار المسؤولين العراقيين)
وفي رؤية بسيطة للإنفاق الحكومي الذي هو في واقع الحال إهدار وإتلاف للمال العام، فالأرقام الفلكية في الرواتب، والإنفاق على الشخصيات السياهوس الاستيلاءالنفوذ، يتردد اليوم أنباء عن هوس الاستيلاء على عقارات الدولة، بل وحتى مصادرة أملاك المواطنين بغير وجه قانوني.(أنظر الجدول أعلاه)
ـــ الحمايات : وهي اختراع لنهب المال العام، كشف القاضي وائل عبد اللطيف أن كلفة حمايات الرؤساء الثلاثة تكلف 6 مليار دولار علما أن ميزانية سوريا 6 مليار دولار وهل يعقل أن تكون رواتبهم أضعاف رواتب رؤساء أمريكا وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا ؟ هذا عدا عن حمايات الوزراء والنواب.
ــ بلغت واردات العراق لما بعد الاحتلال :، 1000 مليار دولار دخلت العراق منها :
800 مليار دولار كواردات للنفط و200 مليار دولار كهبات خارجية، صرف منها 40 مليار دولار للكهرباء، كل هذا خلال 12 عام ، وحتى الآن فان البلاد تشكو من الانقطاع اليومي للكهرباء وبمعدل 15 ـ 20 ساعة، وتشكو من شحة المياه الصالحة للشرب، ومن انحطاط غير مسبوق في حقول الخدمات العامة، ومن نسبة بطالة تجاوزت 30 % ، ناهيك عن تدهور كارثي في مجالات الصناعة والزراعة وكل مجالات الاستثمار المنتج، 148 مجموع مبالغ عقود التسليح والجيش لا يملك سلاحا، حتى أن الميليشيات الطائفية والاثنية تتفوق عليه بسلاحها، 25% من العراقيين تحت خط الفقر، 3 ملايين نازح ومهجر يعتاشون على مساعدات الإغاثة الأممية، وانفلات أمني شامل.
ــ تلكم هي بعض المؤشرات (والأرقام في تصاعد يومي وفصلي) التي تدل على انحطاط شامل وكامل في بلاد لا يوقف أهلها عن الثورة العارمة غير سياسة فرق تسد التي يتبعها أمراء السلطة الجديدة وغير سياسة التجهيل والترويض وابتزاز العواطف المذهبية والمناطقية والاثنية وغسل الأدمغة … جعل من الناس تكفر بعمامة الدجالين وملالي الدين وبكل الكلام المعسول لسادة الاحتلال الذين اعتبروا العراق كمغارة علي بابا، كنز لا يغرف منه إلا من يؤمن مثلهم بتشريح العراق وتقاسم أعضائه وبيعها لجني المزيد من النعم والأموال التي تهرب إلى خارج البلاد، هذا المشهد التراجيدي لشعب يتعرض لأبشع أنواع الابتزاز والتدجين والسطو والتغييب والمصادرة والتعذيب والتهشيم والتلويث والخداع، وليست هناك سوى قوى الحراك الشعبي الوحيدة القادرة على التغيير الجذري وعلى خلع قوى السلطة الباغية، وان اعتمدت أسلوب التدرج والاستدراج المرحلي، وهو ما يتطلب شروطا موضوعية وذاتية متطابقة لتحويل شحنة الإصلاح إلى تيار تحويل يكتسح هذه الكارثة التي تنذر بالمزيد ..!
يبدو مما تقدم (وهناك المزيد والكثير من التفاصيل) أن الأمر أكبر بكثير مما يتصور القارئ لما هو مألوف من التعريفات السياسية والاقتصادية الكلاسيكية للفساد. أن الوضع العراقي بحاجة إلى غرفة إنعاش، وغرفة الإنعاش هذه تعني قطع صلته لخارج الغرفة استبعاداً للفايروسات والجراثيم، وهذا يستدعي أولاً، استبعاد الأيادي والإرادة الأجنبية عن القرار السياسي، واستعادة البلاد لاستقلالها وسيادتها، ليكون بوسعها تأسيس أجهزة حكم وطنية مخلصة نزيهة من شخصيات عراقية معروفة بنزاهتها، وتوفير قاعدة عمل أساسها إلغاء كافة الألغام التي تفرق المواطنين، من قوانين طائفية وعرقية، وإقامة نظام حكم مدني، وبدء عملية الإقلاع بأعمار البلاد وهي لوحدها عملية شاقة تحتاج إلى زج كافة قدرات المواطنين العراقيين، عواطفهم وإراداتهم. فالنظام الحالي ليس أكثر من نظام يمثل المصالح الأجنبية، أسس نظام الأوليغارشيا (Oligarchy) يعتمد على النظام الغيبي، بدأ يتحول إلى نظام شاعت في اللصوصية حتى غدت قانوناً عرفياً سائداً وواقعياً، وإلا فأين تسمع مصطلحاًت جديدة في غير عهد الحكومة الدينية في عالم السرقة : جنود فضائيين …!. وفي حزيران / 2021، أعلن عن وجود قنصليات وهمية(فضائية) فيها مئات الموظفين يتقاضون رواتب عالية وسيارات فاخرة، وكل هذا وهمي لا وجود له إلا على الورق.
أكد محافظ البنك المركزي العراقي السابق” سنان الشبيبي” أن رئيس وزراء السابق وزعيم ائتلاف دولة القانون “نوري المالكي “تسلم أموالا أكثر من كل حكام جمهورية العراق “مجتمعين” من الزعيم عبدالكريم قاسم إلى صدام حسين، وأهدرها .
وبسبب الفساد الإداري والمالي تتفاوت الأرقام والإحصاءات، ولكن بالرغم من ذلك فالمؤشرات كارثية بكل معنى الكلمة. منها: 1000 مليار دولار دخلت العراق منها 800 مليار دولار كواردات للنفط و200 مليار دولار كهبات خارجية، صرف منها 40 مليار دولار للكهرباء، كل هذا خلال 12 عام ، وحتى الآن فان البلاد تشكو من الانقطاع اليومي للكهرباء وبمعدل 15 ـ 20 ساعة، وتشكو من شحة المياه الصالحة للشرب، ومن انحطاط قياسي لكل الخدمات العامة، ومن نسبة بطالة تجاوزت 30 % ، ناهيك عن تدهور كارثي في مجالات الصناعة والزراعة وكل مجالات الاستثمار المنتج، 148 مجموع مبالغ عقود التسليح والجيش لا يملك سلاحا، حتى أن الميليشيات الطائفية والاثنية تتفوق عليه بسلاحها، 25% من العراقيين تحت خط الفقر، 3 ملايين نازح ومهجر يعتاشون على مساعدات الإغاثة الأممية.

ومن أبرز المخلفات الكارثية للفساد العراقي هو تصاعد حجم المديونية العراقية
العراق يسدد ديونه عام 2053
على أن يدفع 8 مليارات دولار سنوياً كفائدة
دخل العراق ترليون دولار
خرج 50% منها بواسطة التحويلات الخارجية
هناك 24 ألف شركة في كردستان14 ألف منها تتهرب من الضرائب
ورغم أن هناك من يحتمل أن الأرقام غير دقيقة، بل ومتضاربة أحياناً، بسبب التكتم وعدم السماح بتسرب حقائق الوضع الاقتصادية الصادم، إلا أن جميع الخبراء والمتابعين يشخصون حالة التراجع، والسقوط في فخ المديونية القتل. حيث أكد الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي العراقي الدكتور عبد الرحمن نجم المشهداني تحذير نائب رئيس صندوق النقد الدولي للحكومة العراقية في “مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق” من أن سياسة الاقتراض أصبحت خطرة على العراق وستبلغ الفوائد التي يجب على العراق أن يسددها سنة 2022 نحو (60%) من عائداته، أي انه سيكون عاجزا عن تسديد ديونه وعن تسديد الفوائد المترتبة عليها أيضا، العراق يسير نحو كارثة حقيقية لا توليها الحكومة أي انتباه.
وأكد المشهداني أن العراق خلال عامي 2014 و 2016 أهدر (202) مليار دولار، جاءت من (36) مليار دولار قروض أجنبية، و (23) مليار دولار انخفاض احتياطي البنك المركزي، و (33) مليار دولار ارتفاع الدين الداخلي، و (120) مليار دولار عوائد نفطية. وأضاف المشهداني، أن العراق يحتاج إلى (30) عاما لتسديد ديونه الداخلية والخارجية، وهو ما سيخضع مقدرات العراق النفطية لسنوات طويلة تحت رهن البنوك والدول الدائنة.
وقال عضو اللجنة المالية العراقية في البرلمان العراقي رحيم الدراجي، إنه منذ عام 2003 وإلى اليوم، ترتبت على العراق ديون كثيرة بسبب السياسات الخاطئة للحكومات المتتالية، ‎وان الحكومات التي استلمت دفة الحكم ليس لديها حكمة بإدارة السياسة المالية والنقدية للبلد، وكانت الموازنات السابقة للعراق موازنات متضخمة، وتفتقر إلى التدبير، ولم تقم على أساس الدراسة والتخطيط ، إنما قامت على أساس ما يطلق عليه ملء الفراغات، أن الأجيال القادمة ستتحمل أعباء الديون الحالية .
وقالت عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي نوره البجاري، إن الديون التي أثقلت الاقتصاد العراقي أسبابها الفساد المستشري في البلاد، ودخول العراق الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، فإن الدين العام العراقي بلغ 122.9 مليار دولار منها 73.7 مليار دولار دين خارجي و 49.2 مليار دولار دين داخلي. وتشير الإسقاطات Projections إلى أن الدين العام مرشح للارتفاع ليصل إلى 133.4 مليار دولار في نهاية عام 2022 منها 71.4 مليار دولار دين خارجي و 62 مليار دولار دين داخلي.
الدين الخارجي
يتألف الدين الخارجي البالغ 73 مليار دولار في نهاية عام 2017 من أربع شرائح رئيسية هي :
• 41 مليار دولار ديون إلى مجموعة الدول غير الأعضاء في نادي باريس للدائنين وأغلبها ديون لدول مجلس التعاون الخليجي التي تراكمت قبل عام 2003 خلال الحرب العراقية الإيرانية. وهي ديون قائمة بيد أنها ديون مجمدة منذ عام 2003 دون أن تراكم أية فوائد ولا يطالب العراق ولا الدول الدائنة بتسديدها. وحسب صندوق النقد الدولي سيتم إعفاء 90% منها أسوة بديون نادي باريس.
• 6 مليار دولار من ديون نادي باريس التي تم إعادة جدولتها. وكانت هذه الديون تقدر ب40 مليار دولار عام 2003 قبل أن يتم إطفاء 90% من قيمتها وهي تحمل فائدة قدرها 3% تسدد خلال فترة زمنية قدرها 28 عاماً.
• 4.7 مليار دولار سندات اليورو.
• الديون التي تحققت بعد عام 2014 والبالغة 22 مليار دولار وتشمل ديون صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والديون الثنائية.
الدين الداخلي المحلي :
يتكون الدين الداخلي البالغ 49.2 مليار دولار في نهاية عام 2017 بالدرجة الأساس من سندات الخزينة TB بحوزة كل من مصرف الرافدين ومصرف الرشيد والبنك التجاري العراقي والتي يتم إعادة خصمها لدى البنك المركزي العراقي. إلى ذلك قيام المسؤولين والأحزاب التابعة لها بالاستيلاء على مشاريع ضمن صفقات فساد.
ويبلغ المجموع التقريبي لهذه الفوائد والتسديدات على العراق نحو 12423.5 مليار دينار عراقي، أي ما يساوي حوالي 12770 مليار دولار أميركي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر
• د. ضرغام الدباغ
• د. عادل عامر
• شذى خليل
• د. أكرم المشهداني
• لهب عطا عبد الوهاب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى