أحوال عربيةأخبارأخبار العالم

الثلاثة الكبار

الثلاثة الكبار

سعدي الابراهيم

تتعافى الدول عندما يظهر القادة ، حتى لو كان ادائهم ليس بالمستوى المطلوب ، لكن بمجرد ان يكون لها ركائز تقف عليها فهذا امر جيد .
العراق عانى من ظاهرة الافتقار الى وجود القادة الكبار الذين يديرون دفة سفينته ، ودفع ثمن ذلك غاليا طوال الفترة التي اعقبت عام 2003، اذ تشتت الجهود ودب التمزق في جسد المؤسسات ونزل الى الشعب ، حيث ان الجماهير اضطرت ان تلتف حول القيادات المحلية في المجتمع ، وهي نتيجة طبيعية كما اسلفنا لغياب الرمز السياسي .
الا ان المرحلة الاخيرة ، قد شهدت تبلور القيادة السياسية واتضاح معالمها ، فأية نظرة فاحصة للخريطة السياسية الحالية والمفاوضات الجارية بين القوى السياسية ، تشير الى ان المشهد السياسي العراقي تتحكم به ثلاثة قيادات رئيسية، تتمثل بالسيد مقتدى الصدر والسيد محمد الحلبوسي والسيد مسعود البرزاني .
هذه الشخصيات تمتلك ريمون كنترول العمل السياسي القادم، شرط ان تبقي الخيوط بايديها وان لا تتفلت منها .
ربما ان الصدر والبرزاني يلعبون هذا الدور منذ فترة طويلة، لكن قيادة الحلبوسي للسنة يعتبر امرا مستحدثا، يستحق الاعجاب والثناء، فهذا الشباب استطاع ان يلم حوله المكون الاكثر تشظيا في الماضي، وان يكسب ثقة الجماهير وكذلك ثقة النخب السياسية .
هؤلاء الثلاثة، ينبغي على الجميع دعمهم وتشجيعهم ، والوقوف الى جنبهم في سبيل وضع مشروع مستقبلي للعراق، بعيدا عن العمل العشوائي او العمل بالمصادفة وردة الفعل .
قد يقول قائل، ان الساحة مليئة بالقادة والشخصيات السياسية المخضرمة فلماذا نحصر الامور بالثلاثة فقط ؟
والجواب ان الامر لا يتعلق بالعدد ، بل هو مرهون بالقواعد الجماهيرية وبالحاجة الوطنية .
فهناك قاعدة جماهيرية كبيرة لكل شخصية من الثلاثة، وفي الوقت عينه العراق بحاجة الى السير خلف شخصيات محددة وقليلة العدد ، سيما وان الثلاثة لم يأتون عن فراغ بل ان لكل منهم تاريخه وانجازاته فضلا عن سماته الشخصية .
لكن مع كل ذلك ليس من الضروري ان ينجح الثلاثة في رسم مشروع لمستقبل العراق ، فهناك قوى داخلية قد لا يروق لها الامر وقد تضع العراقيل والتحديات في وجوههم ، وفي الوقت نفسه قد تسعى الدول المجاورة الى فعل الشيء نفسه ، سيما تلك التي لها اذرع قوية في داخل البلاد. لان تحطيم القيادات سيجعل الشعب هائما على وجهه من دون دليل يأخذ بيده الى الامام.
على كل حال ان التطورات الاخيرة التي اشرنا الى جزء منها، تمثل نقلة نوعية في طريقة العمل السياسي في العراق، لكنها لازالت في طور التكوين، وتحتاج الى المواصلة والتأطير القانوني والمؤسسات، حتى لا تكون مجرد نزوة او رأي شخصي قد يتغير في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى