الغرق فى الموبيل


خالد محمد جوشن
اليوم قررت كالمعتاد النزول لصلاة العشاء والتريض ومكثت بالخارج تقريبا الساعة والنصف ، حيث اننى مشيت تقريبا خمسة واربعون دقيقة والوقت الباقى قضيته فى الصلاة والحوار مع ابن صديق مريت عليه فى طريقى .
المهم لفت انتباهى انه اثناء سيرى ، وجدت مجموعة من الاطفال اكبرهم لايجاوز الخامسة عشر من العمر ، متمركزين امام بوابة احدى العمارات .
كان ثلاثة منهم بيد كلا منهم موبيل ومنهمك فيه والولدان الاخران يتابعه كلا منهما واحد ، ويكاد يكون راكب فوقه ليتمكن من المشاهدة او اللعب لا أدرى .
على وجه اليقين لا اعلم ماذا كان يفعل الاولاد الخمسة بموبيلاتهم هم ورفاقهم ، ولكنى لو عدت لعشرين عاما مضت وتصورت ان هؤلاء الاولا د فى ذلك الزمن الماضى لو اجتمعوا معا لكانوا لان يلعبون السيجة ( عبارة عن مربعات يتم فيها تبادل الحصى )
او يعلبون شطرنج او حتى يلعبون كرة او اى شيى اخر، له علاقة بالتفاعل الحيوى فيما بينهم .
ولكن الحادث الان انهم يتفاعلون فى الفضاء الافتراضى ولو انتهوا من لعبهم وسالتهم مع من كان يمارسون العابهم فلن يحروا جوابا . لانهم لن يتذكروا شيئا ذا بال .
السؤال الذى يشغلنى هل الغرب الذى اخترع هذه الموبيلات وتطبيقاتها من واتس اب وانستجرام و تيك توك وواتس اب وسناب شات الخ .
هل الغرب يستغرق شبابه ورجاله ونساء ه هكذا مثلنا طوال اليوم فى هذا العبث .
اننى أحيانا اتحشر فى مطالعة الفديوهات على اليوتيوب أو اواصل التصفح على الفيس بوك ، ولا ادرى الا وقد مضت ساعة او ساعتان على هذا المنوال ، ولا افيق الا وسلطان العقل يجذبنى من هذا المستنقع .
واعود لنفسى واحاول التذكر ماذا فعلت خلال هذه الساعة او الساعتان من لايكات، وتعليقات ومشاهدات ، وأكاد لا اتذكر شيئا مما جرى ، انه حوار وهمى فى الفضاء الافتراضى لا قيمة له على الاطلاق ولا محصول حقيقى له .
اننا نحتاج الى من ينتشل شبابنا واهالينا من وباء التكنولوجيا الرهيب هذا ، والتى تجرف فى طريقها المتعلم والجاهل .
ان ملايين الساعات تهدر دون عائد حقيقى ، مخلفة ورائها خسائر فادحة فى الصحة والمستقبل والعمل والانتاج .
اننى لا املك حلا سحريا لهذه الافة التى تكاد تتحول الى إدمان يطال الجميع ، ولكن بالاكيد ان هناك أمما وشعوب تحاول ان تجد حلا لما يحدث لها .
وربما توصلت الى مايمكن ان نسميه ، شفاء نسبى لمواطنيها من هذا الادمان على الموبيل .
اقول ربما .