“العشائر”… مشروع الحلم الذي تحول إلى كابوس للأمريكيين

“العشائر”… مشروع الحلم الذي تحول إلى كابوس للأمريكيين

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

إن متابعة ما يتعلق بالوضع في سورية وتطورات الأحداث فيها، نكشف عن تنشيط وتحريك المشروع التأمري لأمريكا وحلفاؤها على سورية دعماً لأمن واستقرار الكيان الصهيوني وخدمة لمصالح الدول الحليفة لهذا المشروع في المنطقة، هذا التآمر رسم وفقاً للمخططات التي تم تحضيرها بشكل متقن في غرف التآمر الأسود لإسقاط الدولة السورية بما يتوافق مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي المعد للمنطقة.

قبل عدة أيام اندلعت اشتباكات في دير الزور بين العشائر العربية وقسد التي تتمتع بدعم الولايات المتحدة، وهذه العشائر كبدت “قسد” خسائر كبيرة ، إلا أن الأخيرة يمكن أن تستعيد سيطرتها على القرى التي قامت قوات العشائر العربية بتحريرها، لأنها تتمتع بدعم خارجي كبير، كما أنه ليست هناك قوة إقليمية أو دولية تدعم العشائر العربية الثائرة على “قسد”، غير أن أبناء تلك العشائر هم أصحاب الأرض والحق .

كما أن للأميركيين النفوذ الأكبر شرقي سورية في دعم يقدم للقوات الكردية هناك، وهذا ما دفع واشنطن للإسراع في لملمة تداعيات الصراع حيث تكثفت الاجتماعات والاتصالات ، و أصدرت الخارجية الأميركية بياناً عبّرت فيه عن “قلقها العميق إزاء أعمال العنف، وشددت على “ضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش من خلال الشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية”، وهنا يتضح جلياً أن ردّ الخارجية الأميركية اقتصر على البيانات الدبلوماسية التي أكدت بدورها على استمرار الشراكة مع حليفتها “قسد” بهدف إلحاق الهزيمة بداعش، مع العلم أن اتصالاً واحداً من قبل الولايات المتحدة ينهي كلياً ما تقوم به “قسد” من حروب في تلك المنطقة.

إن التفكير الأمريكي اليوم منصب نحو تمكين قسد، من خلال العمل على خلق تحالفات جديدة معها من الوسط المحلي، وكما هو معلوم بأن “قسد” التي تتلقى الأوامر من حزب “العمال الكردستاني” تريد واشنطن استخدامها، للإبقاء على هذه المنطقة كبؤرة للتوتر، مع السوريين في المناطق الأخرى، ومع تركيا المجاورة، وهنا يمكن القول إن استمرار التوتر في سورية يشكل خدمة للمصلحة الأمريكية، ولأطراف أخرى، منها الاحتلال الإسرائيلي.

فيما يتعلق بالأهداف التي يريد مقاتلو العشائر العربية تحقيقها من خلال المعركة مع قوات “قسد”، هي استرداد الكرامة والحقوق التي سلبتها الأحزاب الانفصالية الكردية من أبناء المنطقة الشرقية في محافظات دير الزور والرقة، فضلاً عن استحواذها على مفاصل (الإدارة الذاتية) والموارد كحقول النفط ومردودها لصالحها الخاص، بالإضافة الى تقليص مشروع (قسد) إلى مناطق معينة (ذات الغالبية الكردية في أجزاء من محافظة الحسكة والقامشلي ).

في هذا السياق إن التحركات الأخيرة لقوات القبائل العربية الساعية لتحجيم وطرد “قسد”، تتم خارج الإرادة الأمريكية، وهو ما أغضبها لدرجة كبيرة، دفعتها إلى العمل على إدارة الصراع وإشعاله في المنطقة مرة أخرى عبر أدواتها الإرهابية.

في السياق ذاته إن إستمرار الإقتتال في سورية هي نية أمريكا وحلفاؤها من الدول العربية، التي تبحث عن مكاسب ما بعد الصراع، بالرغم من نشر الفوضى وتحريك معامل الأسلحة الغربية، إلا أنه لم يحصل الهدف الأكبر لهم، وهو التقسيم الجغرافي لسورية، فهناك محور الضد، الذي يسعى على مواجهة العدوان وصده عن سورية.

ولعل من الضروري في هذا الصدد ، إنه مهما كان المخطط ومن يقف وراءه، تبقى أي اضطرابات في مناطق الاحتلال الأمريكي نقطة مضيئة باتجاه الخلاص من هذا الاحتلال، فالعشائر العربية الأصيلة معروفة بولائها ووطنيتها، وقد هب العديد منها في مختلف المناطق لإعلان تضامنها مع عشائر دير الزور وانتفاضتها الشعبية بوجه “قسد” مؤكدة أنها وطنية ولن تقبل ببقاء المحتل على أرض الجزيرة.

أن ما يحدث في الجزيرة السورية، تعبير صارخ لرفض المخطط الأمريكي العدائي الناهب لثروات الشعب السوري على مدار السنوات الماضية، بالتالي ما تشهده منطقة الجزيرة السورية هو استنهاض فكر المقاومة الشعبية لإسقاط المخطط الأمريكي في المنطقة، وهذا ما يأمله الشعب السوري في جميع أرجاء الوطن.

مجملاً….على بوابات سورية اكتشف الجميع أنه من غير المسموح أبدا أن ترتفع رايات طائفية، وأصبح واضحاً ان أمور سورية لا يمكن ان تستقر بدون السوريين جميعاً، لذلك فأن الشعب السوري الذي سحق كل المؤامرات ورفض تدخل الأنظمة في شأنه الداخلي لن يعدم الوسيلة للتغلب على المشاكل التي تعترضه وسحق كل المحاولات الدنيئة التي ترمي إلى تقسيم سورية وتفتيتها من خلال الألاعيب السياسية، لذلك نستطيع أن نضع أيدينا في “ماء بارد” لإدراكنا إدراكا يقينياً بأن أمريكا واستراتيجيتها ستلقى ذات المصير وذات الفشل الذي لقته أدواتها في سورية، وبهذا يتم إسقاط أول هدف من أهداف العدوان على سورية والمتجسد بمحاولة خلق حواجز تعزل الشعب السوري عن المقاومة ونهجها‏ المقاوم، ومن هنا ستظل دمشق دوماً رأس حربة في وجه أمريكا والحصن المنيع بوجه الكيان العبري وبوجه إجرامه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى