مجتمع

العجز الجنسي عند الرجل … متى يبدأ و في اي سن ؟

 
سليم نصر الرقعي
مقالة تتحدث عن الفرق بين الذكورة والرجولة، وعن بلوغ الرجال سن (العطاء الكبير والأخير)..(موضوع في الثقافة الجنسية للرجال المتقدمين في السن فقط)
*************
مما لا شك فيه أن هناك سنن كونية وقوانين طبيعية أودعها الخالق في هذا الكون فهي تحكم حياتنا من الخارج ومن الداخل على السواء.. من الخارج أي من المحيط المادي والطبيعي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي نعيش وسطه.. ومن الداخل أي من الغرائز الفطرية التي تحكم مسار حياتنا البدنية والذهنية والنفسية وتوجهها نحو مسار معين!… وهكذا الحال بالنسبة لحياتنا الجنسية!.. وبالتالي ووفق تأملنا في حياة الرجال الجنسية يمكننا التأكيد على أنه سياتي زمن على كل رجل، حين يبدأ في التقدم في العمر، يجد فيه أن مظاهر ذكورته الطبيعية آخذةً في الجزر والتراجع والانحسار بعد كل ذلك المد الهائج الكبير خلال كل عقود الشباب!… تمامًا كحال القمر الذي يبدو بدرًا ثم يعود كالعرجون القديم!.. سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلًا وتحويلًا!، فهو مع التقدم في السن إما أنه سيفقد اهتمامه بالجنس بالكلية أي يفقد الرغبة وتنطفئ نار الشهوة، أو يفقد القدرة على ممارسة الجنس بالكلية حتى بالاستعانة بالعقاقير المنشطة بالرغم من وجود نار الشهوة واستمرار الرغبة المُلحة!.. ولا شك أن الوضع الأول أفضل وأرحم!.. أما الوضع الثاني فلا يخلو من معاناة مؤلمة!… ففي الوضع الأول هو أشبه بمن شرب وعبَّ من الماء حتى الارتواء والاكتفاء فلم يعد يعاني من العطش!.. وأما الوضع الثاني فهو كحال العطشان المقيد بالسلاسل حيث يري بحيرة الماء أمامه ولكنه عاجز عن التقدم نحوها وارواء غليله وعطشه منها!!.. بلا شك هو وضع مؤلم جدًا!.
***
في هذه الحالة بوجهيها (انطفاء نار الرغبة أو ذهاب القوة وغياب القدرة وفقدان الفاعلية الجنسية) سيكون على الرجل مواجهة حقيقة واقعية محسوسة ربما هي أشد من مواجهة المرأة لسن نضوب انتاج البويضات!.. أقصد تلك المرحلة من العمر التي ستحل بالمرأة مع التقدم في السن والتي يُطلق عليها الفقهاء استنادًا لنص قرآني (سن اليأس من المحيض!).. هذه الحقيقة التي على الرجل مواجهتها بكل شجاعة وموضوعية وفهم – بل وربما بروح رياضية – تتمثل في أنه – ومن منظور طبيعي (بيولوجي) – بات في حكم من فقد ذكورته!!(*) … نعم .. هذه هي الحقيقة!… لكن السؤال الكبير هنا : هل فقدان (الانسان/الرجل) لذكورته لسبب طبيعي بسبب التقدم في السن أو بسبب مرض وهو في ذروة الرجولة يعني أنه قد فقد رجولته وانسانيته!!؟؟… الجواب : لا قطعًا !.. فالذكورة وإن كانت هي الأساس الطبيعي للرجولة إلا أنها كحال البذرة التي تتحول مع مرور الأعوام إلى شجرة!.. فالشجرة لم تعد تلك البذرة الأولى!… ولهذا على هذا الرجل والانسان المُسن أن يواجه هذه الحقيقة الواقعية وهذه الحالة الطبيعية بشجاعة وعقلانية بل وبروح رياضية عالية!.. وقد يكون من المفيد للرجال أن يعلموا بهذه الحقيقة في سن مبكرة ولو بعد بلوغهم سن الأربعين مثلًا والتي في اعتقادي بالاستناد للقرآن الكريم من جهة ولتجربتي الشخصية تعتبر سن اكتمال النضوج العقلي التي إن لم يبلغ فيها الانسان حالة الرشد والاتزان العقلي فإن ذلك يدل على مشكلة في التطور الطبيعي العقلي والنفسي لهذا الانسان!… فإعلام وافهام وتعليم الرجال باحتمالية بلوغهم لهذه السن مع التقدم في العمر – سن الاكتفاء من الجنس أو العجز عن ممارسته – بلا شك سيساعد هؤلاء الرجال حين بلوغ هذه المرحلة على التعامل معها بشكل هادئ ومتوازن!.. أي كحال ضرورة إعلام وافهام الأطفال ذكورًا واناثًا قبيل بلوغهم سن البلوغ و(المراهقة) بما سيطرأ على أبدانهم من تطورات طبيعية تترتب عليها تبدلات مزاجية ونفسية كبيرة وقد تكون خطيرة!.. فالأولاد والبنات الذين تم اعلامهم وتعليمهم بهذه (التطورات الطبيعية) القادمة بشكل مسبق سيكون وضعهم النفسي والادراكي والسلوكي أفضل ممن يجهلون ماذا سيجري لهم من تغيرات وسيتفاجؤون – على حين غرة – بانفجار تلك الينابيع الساخنة الفوارة في ابدانهم ويجدون انفسهم يتخبطون في حيرة وذهول!!.. ولسان حاله يقول: (ماذا يحدث لي يا رب!؟) وهذا يتطلب منا ادراج مادة الثقافة الجنسية في مناهجنا التعليمية والتربوية بشكل يلائم تعاليم ديننا، كذلك الحال بالنسبة للمرأة حينما تبلغ الأربعين من عمرها لابد أن تكون على دراية مسبقة بقدوم هذا القدر (الطبيعي) المحتوم أي بلوغ سن توقف المبيضيْن عن انتاج البويضات نهائيًا وبالتالي اليأس من الانجاب بطريقة طبيعية(**).. الشاهد هنا أن العلم والفهم بحقائق وطبائع الاشياء وسنن الله في خلقه يساعدنا كثيرًا في التكيف مع متغيرات الحياة أما الجهل فإنه يرمينا في شباك القلق الذي قد يكون قوة مدمرة للنفس وللبدن معًا!.
***
إذن – والحال هذه – على الرجال حينما يتقدمون في السن ويجدون أنفسهم حيال هذا الأمر أي (انقطاع الدورة الجنسية الهرمونية الطبيعية) مواجهة هذا الأمر بفهم وشجاعة وحكمة بل وبروح رياضية وإيمانية عالية!… فتوقف وانحسار أهم مظاهرة الذكورة لا يعني بالضرورة توقف وانحسار مظاهر الرجولة والانسانية .. ولا انحدار القوى البدنية وربما الذهنية بسبب التقدم في السن يعني توقف رحلة العطاء والارتقاء الروحي للرجال!.. بل بالعكس فإننا – ومن خلال تتبعنا لسير بعض العلماء والادباء والمفكرين والنبلاء والمصلحين – وجدناهم يبلغون حدًا أكبر في العطاء الناضج بعد بلوغهم هذه السن الطبيعية التي تتوقف أو تضعف فيها قواهم الجنسية الذكورية!… لذا على الرجال حينما يبلغون هذه السن الطبيعية أن يستغلوها بشكل جيد للانطلاق من قيود الشهوة والغريزة نحو الارتقاء والتألق في مجالات اخرى مثل المجال الإيماني الروحي، والمجال الفكري والادبي، والمجال الخيري، بل وحتى المجال الاقتصادي والسياسي وخدمة المجتمع فإنهم بوسعهم في هذه السن وهم بهذه الخبرة الكبيرة في الحياة وفي مجال تخصصهم أن يقدموا لمن حولهم ولمن بعدهم الكثير من الأفكار السديدة والآراء الرشيدة والأعمال الطيبة والمفيدة!.. وهذا ما نراه في المجتمعات الغربية حيث تستفيد هذه المجتمعات من هؤلاء المسنين باعتبارهم كنزًا من الخبرة المفيدة للمجتمع الوطني التي لا يجوز التفريط فيها أو الاستهانة بها بل والواجب احترامها وتكريمها!.. فيا ليت قومي يعلمون، فيأخذون بالأسباب ويرتقون ويتقدمون!.
 
 
اتحدث انا هنا عن انحدار ذكورة الرجال وقواهم الجنسية كظاهرة طبيعية وربما حتمية تتوافق مع التقدم في العمر وهو ما يجري للنساء كذلك .. وسأتحدث في مقالة خاصة لاحقًا عن الفقدان (غير الطبيعي) للذكورة بسبب مرض بدني مزمن أو بسبب تعقيدات ذهنية وميول نفسية ملتبسة تدفع نحو تحول الرجل المكتمل الذكورة بدنيًا مع مشكلات وظروف خاصة واجهته في طفولته ومراهقته – مع التشجيع والتحفيز بل والاغراء الاعلامي والقانوني غير الرشيد في مجتمعات تنزلق نحو (التطرف الليبرالي) غير الحميد – فهذا موضوع آخر يدخل تحت ما يمكن تسميته التخلي الطوعي والنفسي عن الذكورة والابحار بالتالي نحو التخنث أو التأنث بشكل جسماني ونفساني وبالاستعانة بالتقدم العلمي والتقني في مجال الطب!!.
(**) سن اليأس من المحيض هي سن اليأس من الاخصاب والانجاب بطريقة طبيعية لأنه يمكن علميًا وعمليًا اليوم من الاخصاب والانجاب بطريقة صناعية!!.. وذلك عن طريق حفظ بويضات المرأة في بنك البويضات ثم استعادتها لاحقًا واستخدامها في عملية اخصاب اصطناعي بحيوان ذكري لتكوين الجنين!.. فهذا ممكن من الناحية العلمية والعملية على السواء اليوم، ولكن هذه الطريق الصناعية بلا شك ليست هي الشكل الطبيعي للإخصاب وتكوين الأجنة والتكاثر البشري!.. وهو من الأبواب التي فتحها على مصراعيها تقدم العلم والتقنية في مجال الطب، وبكل تأكيد ستترتب عنها أمور ومستجدات ونوازل تحتاج إلى فتاوى دينية وتشريعات تقنينية تنظيمية لضبطها بحيث لا تؤدي إلى الفوضى وافساد الحياة الاجتماعية الطبيعية للمجتمعات البشرية والتي أساسها (العائلة وصلة الرحم) بنظامها الفطري العريق والعتيق والعميق الذي يجب المحافظة عليه باعتباره الأساس الفطري للحياة الانسانية الطبيعية التي ما يقوم النظام الاقتصادي والسياسي والقانوني الا من اجل حفظها وخدمتها وتنميتها!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى