العالم يدين ثقافة فوبيا الإسلام
العالم يدين ثقافة فوبيا الإسلام
ضرغام الدباغ
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة (15 / آذار ــ مارس / 2024) قرارا تاريخياً، بشجب والدعوة إلى ضد بث
مشاعر العداء للإسلام تحت عناوين (الإسلام فوبيا)، بنتيجة تصويت أدناه تبنى أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة
البالغ عددهم 193 عضوا بالإجماع قرارا اقترحته باكستان يجعل 15 مارس/آذار من كل عام يوما لمحاربة
الإسلاموفوبيا.
115 دولة 36 دولة سويسرا 40 إيطاليا 21 أندورا 01
اهمها أوكرانيا 41 لاتفيا 22 الارجنتين 02
أفغانستان بريطانيا 42 ليشتنشتاين 23 أرمينيا 03
انغولا استراليا 43 ليتوانيا 24 النمسا 04
اسراثيل مولدافيا 44 لكسمبورغ 25 بلجيكا 05
كينيا مالطا 26 البرازيل 06
فنزويلا موناكو 27 بلغاريا 07
زامبيا مونتنغرو 28 كرواتيا 08
هولندة 29 قبرص 09
بارغواي 30 جيكيا 10
بولندة 31 دانمرك 11
برتغال 32 استونيا 12
كوريا جنوبية 33 فنلندة 13
رومانيا 34 فرنسا 14
سان مارينو 35 جورجيا 15
سلوفاكيا 36 ألمانيا 16
سلوفينيا 37 اليونان 17
ج السودان 37 هنغاريا 18
اسبانيا 38 الهند 19
السويد 39 ايرلندة 20
الدول الممتنعة الدول المتغيبة الدول الموافقة
وبالطبع هذا القرار وسائر قرارات الأمم المتحدة خاضعة للمساومة، والضغوط بشتى أنواعها، السياسية والاقتصادية
في مقدمتها. ويتضح هذا من خلال الأسماء باللون الأصفر، وهي تعني أن هذا الدول أمتنعت عن التصويت بنعم أولا،
ومع ذلك طبيعة قائمة الأسماء تدل على حقائق ، في مقدمتها أن التصويت أتخذ طابع السكوت أو عدم الوقوف بوجه
الحملات التهويشية ضد الإسلام التي تشارك فيها بدرجة رئيسية الدول الغربية ومعسكرها. ولكن هناك أستثناءات،
كوقوف النرويج ضد الإسلام فوبيا وما يتبعها من ترويج ثقافي.
ولكن من الملاحظ أن اليونان قبرص واسبانيا ومالطا، كانت لهم كدول أوربية مواقف مميزة، في الوقوف لجانب
القضايا العربية، ولكنهما صوتتا لجانب الأتجاه الغربي.
وإذ يلاحظ أن التوجه أتخذ أتجاها مسيحياً في الغالب، شذت عنه الهند، ويمكن فهم ذلك بسهولة، فالهند تخلت عن
الشعارات الديمقراطية منذ أن أستلم السلطة حزب جاناتا الهندوسي اليمني وتنتهج سياسة طائفية علنية. وأيضاً كوريا
الجنوبية التي صوتت امتثالاً لتوجهها التحالفي مع الغرب وليس عن قناعة عميقة. ولكن اليابان اتخذت قرارها بشجب
الإسلام فوبيا، ومثلها سنغافورة وفيثنام وكوريا الشمالية
البرازيل التي لم يكن هذا الموقف متوقعاً منها مثير للغرابة، فللبرازيل علاقات وطيدة بالاقطار العربية والإسلامية،
وكذلك دولة جنوب السودان، اوهي الدولة الافريقية الوحيدة التي وقفت ضد
القرار، ولم تهتم لعلاقاتها الطويلة مع العرب والمسلمين.
ولكن النرويج وروسيا، وصربيا وروسيا البيضاء وآيسلندا، أتخذوا مواقف لا علاقة لها بالتوجه الديني الأوربي.
ونرجح أن دول أوربا الشرقية وخاصة : بلغاريا، رومانيا، هننغاريا أتخذت قرارها بعدم معارضة القرار ولا تأييده بناء
على طلب غربي.
دول القارة الأفريقية اتخذت معظمها مواقف إيجابية، ولم تساير الغرب، فلم يصوت بالامتناع سوى جنوب السودان،
فأفريقيا رغم الجهود الغربية والصهيونية فيها، إلا أنها ما تزال مخلصة للعرب والمسلمين. فصوت العديد منها لصالح
القرار بما في ذلك دول مهمة مثل كينيا وإثيوبيا، وجنوب أفريقيا، وبالطبع الدول الإسلامية، وهناك دول ليس للوجود
الإسلامي تواجد كثيف فيها، ولكنها صوتت لصالح العلاقة التاريخية مع المسلمين، أولاً، ولكونهم يعانون من التميز
العنصري ضد الأفارقة بصفة عامة.
والقارة الأمريكية الجنوبية، التي تقع تقليدياً تحت النفوذ الأمريكي، صوت بعضها لصالح القرار ومنها بالطبع كوبا،
وأورغواي، وبيرو، وتشيلي وكولومبيا، الاكوادور، وبوليفيا، وبنما، والمكسيك، ونيكاراغوا، وهندوراس، وغواتيمالا،
كوستراريكا، السلفادور
والمدهش أن أستراليا ونيوزيلندة صوتت لصالح القرار، ضد الإسلام فوبيا.
إذن لا أحد يجروء على أن يطرح نفسه متطرف دينياً، ولكن بوضوح تام، أن الساكت، هو موافق ضمناً على إثارة
التطرف والتعصب، رغم أنهم يزعمون بالحرية، وهذه نتيجة تبشر بالخير، أن ترفض شعوب العالم الثقافة الانعزالية
والتحريضية، وأن التثقيف الغربي ضد الإسلام مرفوض، ولأنه غير منطقي لا يحضى بالاحترام
ويدعو النص غير الملزم إلى “تكثيف الجهود الدولية لتقوية الحوار العالمي بشأن تعزيز ثقافة التسامح والسلام على
جميع المستويات، على أساس احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات”. كما يأسف القرار بشدة “لجميع
أعمال العنف ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقداتهم والأفعال الموجهة ضد أماكن عبادتهم، وكذلك جميع
الاعتداءات على الأماكن والمواقع والمزارات الدينية وفي داخلها، والتي تشكل انتهاكا للقانون الدولي”. ويدعو القرار
“جميع الدول الأعضاء، والمؤسسات ذات الصلة في منظومة الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى
والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدينية، إلى تنظيم ودعم مختلف الأحداث البارزة التي تهدف إلى زيادة
الوعي بشكل فعال على جميع المستويات في مكافحة الإسلاموفوبيا”.
و”الإسلاموفوبيا” (Islamophobia) مفهوم يعني حرفيا الخوف الجماعي المرضي من الإسلام والمسلمين، إلا أنه
في الواقع نوع من العنصرية قوامه جملة من الأفعال والمشاعر والأفكار النمطية المسبقة المعادية للإسلام والمسلمين.
ويُرجع مؤرخوا الحقبة الاستعمارية أول استعمال لمفهوم “الإسلاموفوبيا” -الذي يعني “رُهاب الإسلام” أو الخوف
المرضي من الإسلام- إلى بدايات القرن الـ20.
ترحيب بالقرار
من جانبه، رحب رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتخصيص منتصف
مارس/آذار ليكون اليوم الدولي لمكافحة الإسلاموفوبيا. القرار، الذي تم تبنيه من قبل الهيئة العالمية المكونة من 193
عضوا ورعاية مشتركة من 55 دولة معظمها بلاد مسلمة، يؤكد على الحق في حرية الدين والمعتقد ويشير إلى قرار
عام 1981 الذي دعا إلى “القضاء على جميع أشكال التعصب ومن التمييز على أساس الدين أو المعتقد”. وتم تقديم
القرار من قبل باكستان نيابة عن “منظمة التعاون الإسلامي” (OIC). ويصادف اليوم الذي اقتحم فيه مسلح مسجدين
في كرايست تشيرتش بنيوزيلندا، مما أسفر عن مقتل 51 شخصا وإصابة 40 آخرين.
وفي تصريحه هنأ خان المسلمين في جميع أنحاء العالم وقال “سمع صوتنا ضد المد المتصاعد للإسلاموفوبيا “. وكتب
خان “لقد أدركت الأمم المتحدة أخيرا اليوم التحدي الخطير الذي يواجه العالم، وهو الخوف من الإسلام، واحترام
الرموز والممارسات الدينية، والحد من خطاب الكراهية المنهجي والتمييز ضد المسلمين.. التحدي التالي هو ضمان
تنفيذ هذا القرار التاريخي”.
ويعرب القرار عن قلقه العميق إزاء “الارتفاع العام في حالات التمييز والتعصب والعنف، بغض النظر عن الجهات
الفاعلة، الموجهة ضد أتباع العديد من الأديان والمجتمعات الأخرى في أجزاء مختلفة من العالم، بما في ذلك الحالات
التي تحركها الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية، وكره المسيحية والأحكام المسبقة ضد الأشخاص من ديانات أو معتقدات
أخرى”. وقال مبعوث باكستان لدى الأمم المتحدة منير أكرم الذي قدم القرار رسميًا اليوم الثلاثاء إن الإسلاموفوبيا
أصبحت “حقيقة تنتشر في عدة أجزاء من العالم”. وأضاف أكرم في الجمعية العامة “إن مثل هذه الأعمال من التمييز
والعداء والعنف تجاه المسلمين -أفرادا ومجتمعات- تشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان الخاصة بهم، وتنتهك
حريتهم في الدين والمعتقد.. إنه أمر مقلق بشكل خاص هذه الأيام، لأنه ظهر كشكل جديد من أشكال العنصرية يتسم
برهاب الأجانب، والتنميط السلبي والقولبة النمطية للمسلمين”.
هجوم نيوزيلندا
وفتح الهجوم -الذي جرى في كرايست تشيرتش النيوزيلندية في مارس/آذار 2019- ملف الإسلاموفوبيا في الغرب،
خاصة بعد أن اتخذ طابعا تجاوز الكراهية لأفعال أكثر عنفا ومتجاوزة للحدود. وكان منفذ الهجوم برينتون تارانت قد
عبّر عن اعتزازه برفاقه الذين قاموا بهجمات مماثلة في إيطاليا وكندا والنرويج والولايات المتحدة، ووجّه دعوة
للمتطرفين اليمينيين على مستوى العالم للقيام بهجمات مماثلة في بلدان أخرى.
وشكلت قضايا التفوق العرقي للبيض والعداء للمسلمين والهجرة واللاجئين، أولوية الأجندة اليمينية المتطرفة، ويعد
المسلمون هدفا رئيسيا للمجموعات التي أصبحت مع تحوّلها للعنف مصدر تهديد محلي وعالمي حتى في بلدان معروفة
بمستويات عالية من الأمان والتنوع مثل نيوزيلندا. واكتسب هذا التيار زخما جديدا مع وصول اليمين السياسي للحكم
في بلدان غربية أبرزها الولايات المتحدة، وتوقع بعض الباحثين أن يقل نشاط المجموعات اليمينية العنيفة بعد أن وصل
شركاؤهم الأيديولوجيون بالفعل لسدة الحكم، لكن ما جرى كان العكس تماما إذ ترافق ذلك مع زيادة في النشاط اليميني
العنيف.
وبستحق خطاب الأمين العام أنطونيو غوتيريش، التنويه بموضوعيتهولأهليته لهذا المنصب الأممي الرفيع. وكان الأمين
العام وبعد أن أنهت الدول الأعضاء مداولاتها بشأن القرار، تحدث قائلا إن فعالية اليوم تسلط الضوء على الوباء
الخبيث- وهو الإسلاموفوبيا- الذي يمثل إنكارا وجهلا كاملين للإسلام والمسلمين ومساهماتهم التي لا يمكن إنكارها.
وأضاف” في جميع أنحاء العالم، نرى موجة متصاعدة من الكراهية والتعصب ضد المسلمين . يمكن أن يأتي ذلك
بأشكال عديدة. التمييز الهيكلي والنظامي. الاستبعاد الاجتماعي والاقتصادي ، سياسات الهجرة غير المتكافئة. المراقبة
والتنميط غير المبرر. القيود المفروضة على الحصول على المواطنة والتعليم والتوظيف والعدالة”.
ونبه الأمين العام إلى أن هذه العوائق المؤسسية وغيرها تنتهك التزامنا المشترك بحقوق الإنسان والكرامة. كما
أنها “تديم حلقة مفرغة من الاستبعاد والفقر والحرمان يتردد صداها عبر الأجيال. وفي الوقت نفسه، ينشر الخطاب
المثير للانقسام والتضليل الصور النمطية، ووصم المجتمعات المحلية، وخلق بيئة من سوء الفهم والشك”.
وأشار الأمين العام إلى أن كل هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في المضايقات وحتى العنف الصريح ضد المسلمين – وهو
ما يتم الإبلاغ عن روايات متزايدة عنه من قبل مجموعات المجتمع المدني في بلدان حول العالم.
وقال إن البعض يستغل، “بشكل مخجل”، الكراهية ضد المسلمين والسياسات الإقصائية لتحقيق مكاسب سياسية.
وأضاف: “يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها. ببساطة كل هذا هو كراهية”. وأشار الأمين العام إلى أن “كراهية
مجموعة ما تؤجج كراهية مجموعة أخرى. والكراهية تجعل الكراهية أمرا طبيعيا. وتدمر نسيج مجتمعاتنا. وتقوض
المساواة والتفاهم واحترام حقوق الإنسان التي يعتمد عليها مستقبل وعالم مسالمان”. وأكد الأمين العام أنه لا يمكننا أن
نقف موقف المتفرج بينما تتفشى الكراهية والتعصب، مشيرا إلى أن فعالية اليوم تذكرنا بأنه تقع على عاتقنا جميعا
مسؤولية مواجهة واستئصال آفة التعصب ضد المسلمين.
“المسلمون يمثلون التنوع الرائع للأسرة البشرية”
وقال الأمين العام إنه بالنسبة لحوالي ملياري مسلم في جميع أنحاء العالم، يعد الإسلام دعامة الإيمان والعبادة التي
توحد الناس في كل ركن من أركان المعمورة. “وعلينا أن نتذكر أنه أيضا أحد ركائز تاريخنا المشترك”. وسلط الأمين
العام الضوء على المساهمات الكبيرة التي قدمها العلماء المسلمون في الثقافة والفلسفة والعلوم، مشيرا إلى
أن المسلمين ينحدرون من جميع البلدان والثقافات ومناحي الحياة. “إنهم يمثلون التنوع الرائع للأسرة البشرية”.
وبروح شهر رمضان، جدد الأمين العام الدعوة إلى إسكات البنادق في غزة والسودان. ودعا جميع القادة السياسيين
والدينيين وقادة المجتمع إلى الانضمام إلى ندائه، مشيرا إلى أن وقت السلام قد حان.
“أسوأ مظهر لكراهية الإسلام”
خلال استعراضه مشروع قرار “تدابير مكافحة كراهية الإسلام”، في بداية الفعالية، قال السفير الباكستاني منير أكرم
إن “أسوأ مظهر حاليا لكراهية الإسلام والعنصرية الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة. قتل أكثر من 30 ألف
فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال. وقد أدت الحالة نفسها إلى سلسلة من التدخلات الأجنبية في البلدان المسلمة”.
وأكد على ضرورة اتخاذ إجراءات جريئة وحاسمة لمكافحة كراهية الإسلام. وقال إن هذا هو المقصد من تقديم مشروع
القرار. وقبل التصويت على مشروع القرار الباكستاني، صوتت الجمعية على مشروعي تعديلين على القرار قدمهما
ممثل بلجيكا نيابة عن الاتحاد الأوروبي. ولم يتم اعتماد التعديلين لعدم حصولهما على الأصوات الكافية.
وعارض السفير الباكستاني التعديل الأوروبي الذي يقترح تعيين جهة اتصال بدلا من مبعوث خاص للأمم المتحدة معني
بمكافحة كراهية الإسلام، مشيرا إلى أن الغرض من طلب تعيين مبعوث خاص هو بدء إجراءات محددة لمكافحة كراهية
الإسلام.
ووصف مشروع القرار الأصلي بأنه متوازن ويستحق أوسع دعم ممكن من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وحث كل
الوفود “معتدلة التفكير” إلى التصويت لصالح مشروع القرار ورفض مشروعي التعديلين المقدمين من ممثل بلجيكا
نيابة عن الاتحاد الأوروبي.
ومضى قائلا: ” يثق مقدمو القرار بأن في هذا اليوم الدولي ستتحد شعوب العالم لمكافحة كراهية الإسلام وغير ذلك من
أيديولوجيات الكراهية والتفرقة. لنواجه من ينشر كراهية الإسلام في هذا اليوم تحديدا من خلال تحقيق توافق حول
مشروع القرار هنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة”.