أمن وإستراتيجيةفي الواجهة

السلم الأوربي … هل بات في خطر داهم

 
ضرغام الدباغ
تقارير سياسية / دبلوماسية، وأخرى أستخبارية تشير إلى تدهور الموقف في شرقي أوربا بدرجة، تستدعي وضع الموقف بدرجة ” الاستعداد ” وهي مرحلة تستدعي من الأطراف الحذر وضبط النفس.والروس أعلنوا بوضوح أن روسيا سوف لن تقبل أن يصل الناتو إلى قلب روسيا، وأنها سوف لن تقبل بأقل من ضمانات مكتوبة وموثقة، ببقاء أوكرانيا خارج الناتو.
قالت المتحدثة بلسان البيت الأبيض للصحافيين إن روسيا قد تبدأ العملية قبل “عدة أسابيع من غزو عسكري قد ينطلق بين منتصف كانون الثاني/يناير ومنتصف شباط/فبراير”. واتهمت الحكومة الأمريكية روسيا بخلق ذريعة للقيام باجتياح محتمل لأوكرانيا، في أحدث تصعيد للتوترات بين القوتين العظميين، مشيرة إلى ورود معلومات تشير إلى تحركات روسية، وتطالب دول أوروبية بتشديد العقوبات على روسيا.
وجاءت التصريحات كشفا لخلاصات استخباراتية أميركية غداة اتهام مستشار الأمن القومي جيك سوليفان روسيا بـ “الإعداد لخيار اختلاق ذريعة لغزو” أوكرانيا وقالت ساكي للصحافيين إن روسيا قد تبدأ العملية قبل “عدة أسابيع من غزو عسكري قد ينطلق بين منتصف كانون الثاني/يناير ومنتصف شباط/فبراير”. وأضافت المسؤولة “لدينا معلومات تشير إلى أن روسيا قامت بالفعل بتجهيز مجموعة من العناصر للقيام بعملية مموهة في شرق أوكرانيا”. وأردفت أن “العناصر مدربون على حرب المدن وعلى استخدام المتفجرات لتنفيذ أعمال تخريبية ضد القوات الموالية لروسيا” في أوكرانيا. وشددت على أن روسيا كثّفت في الوقت نفسه اطلاق حملة تضليل على وسائل التواصل الاجتماعي تشمل منشورات تتهم أوكرانيا بانتهاك حقوق الإنسان والغرب بإثارة التوترات. وتابعت المسؤولة الأميركية “تشير معلوماتنا أيضا إلى أن جهات تأثير روسية بدأت بالفعل باختلاق استفزازات أوكرانية في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الحكومي لتبرير التدخل الروسي واثارة انقسامات في أوكرانيا”. وسبق أن اتهمت الولايات المتحدة روسيا مرارا باختلاق نظريات مؤامرة ونشر معلومات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت جين ساكي إن المنشورات باللغة الروسية الداعمة لوجهة نظر موسكو عن أوكرانيا على وسائل التواصل الاجتماعي زادت بنسبة 200 % في كانون الأول/ديسمبر لتصل إلى نحو 3500 منشور يوميا.
وأردفت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة “قلقة بشأن الهجوم المعلوماتي الكبير” الذي استهدف أوكرانيا الجمعة، وأضافت “لم نحدد من المسؤول عنه في هذه المرحلة”. وكان جيك سوليفان مستشار الامن القومي قد أكد في تصريحاته للصحافيين أن روسيا استخدمت تكتيكات مماثلة عام 2014 عندما ضمّت شبه جزيرة القرم الأوكرانية ودعمت تمردا مستمرا في شرق البلاد. وقال “لقد رأينا هذا الأسلوب عام 2014. إنهم يعدون لاستعماله مرة أخرى”.
ولا يزال الأوروبيون يأملون في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالعودة عن خططه المتعلقة بأوكرانيا، لكنهم بدأوا الجمعة التحضير لعقوبات “شديدة” لتأكيد مصداقيتهم أمام حليفهم الأميركي ولزيادة الضغط على موسكو.
وحذرت وزيرة الدفاع الألمانية كريستينه لامبرشت روسيا من العواقب في حال شنت هجوما على أوكرانيا. وقالت الوزيرة اليوم الجمعة في البرلمان الألماني (بوندستاغ): “ليس لروسيا حق النقض عندما يتعلق الأمر بقضايا التحالف، ولا يمكنها ابتزازنا هنا أيضا”، موضحة في المقابل أنه بين الخطوط الحمراء والمناوشات العسكرية، هناك هامش كبير يجب استغلاله، وقالت: “يجب أن نستنفد كل الوسائل لتهدئة هذا الصراع”.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي ترأس بلاده حاليا الاتحاد الأوروبي، للصحافيين خلال اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الخميس والجمعة في بريست في غرب فرنسا “لدينا رغبة في ردع روسيا وفي التوصل إلى تقارب في التحليل وتصميم جماعي على العمل والإرادة لجعل صوت الاتحاد الأوروبي مسموعا”.
وصرح وزير آخر لوكالة فرانس برس “العقوبات مطروحة على الطاولة. نعتقد أن خطر التدخل الروسي في أوكرانيا حقيقي ويجب أن نكون مستعدين للرد”. وأشار إلى أنه “يجب ألا تستغرقنا أسابيع للتوصل إلى اتفاق، كما كانت الحال عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014”. وأضاف أنه من المقرر إجراء مناقشة أخرى في إطار الاجتماع الرسمي للوزراء في 24 كانون الثاني/يناير في بروكسل.
وحشدت روسيا حوالي 100 ألف جندي ودبابات ومدفعية على حدود أوكرانيا. وتنفي موسكو اعتزامها تنفيذ غزو لكييف إلا أنها لم تستطع حتى الآن إقناع الولايات المتحدة والغرب بذلك.
وقال مسؤول أوروبي إن “بوتين لاعب شطرنج”. وأضاف شارحا مخاوفه التي تعززها الحوادث المتكررة “لا يمكن توقع تحركاته، لكن الآن هو وقت مناسب للتحرك لأنه إذا انتظر أكثر، ستكون أوكرانيا أقوى”. وأكد الهجوم الإلكتروني على العديد من المواقع الحكومية الأوكرانية الجمعة مخاوف الأوروبيين.
وعلق الوزير النمساوي ألكسندر شالنبرغ “إنه أمر مقلق جدا. ان هجوما الكترونيا قد تعقبه تحركات عسكرية”.
وأضافت نظيرته السويدية آن ليندي “إنه واحد من الأمور التي نخشاها”.
وقالت “يجب أن نكون حازمين جدا في ردنا على روسيا وأن نقول إنه إذا كانت هناك هجمات ضد أوكرانيا، فسنكون قاسين جدا في ردنا. وتريد وزيرة الألمانية أنالينا بيربوك زيارة موسكو الأسبوع المقبل لإجراء محادثات “على جميع المستويات”. لكن موسكو قللت من شأن النيات الحسنة للأوروبيين. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف بعد الاجتماعات “لا أرى أي سبب للجلوس إلى طاولة (المفاوضات) في الأيام القليلة المقبلة من أجل الاجتماع مجددا وبدء المناقشات ذاتها مرة أخرى قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “الناتو” يجب أن يدونوا ضماناتهم الأمنية أمام روسيا “لأن روسيا لن تنتظر إلى ما لا نهاية”، وذلك بعد جولات متعددة من المباحثات بدت أنها لم تنجح في تقريب الطرفين أكثر.
وتنفي روسيا أن يكون لديها مثل هذه النوايا، وتدلل في المقابل أن أمنها غير مضمون طالما لم يلتزم حلف الناتو بعدم التوسع شرقا أكثر، خصوصا في أوكرانيا.
التحالف الأوربي الأمريكي يمر في أسوء مراحله، والروس خير من يفهم هذه الظواهر ويفسرها التفسير الدقيق، وعلى الأرجح لا يخطئ بتقدير النقادير، ولا يجازف ويغامر، ولكن القبول بوصول الناتو إلى قلب روسيا، أمر لا يمكن القبول به البته، ومن يجازف هنا هو الغرب بمعرفته أنه يوصل السجال الاستراتيجي إلى منطقة حساسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى