رأيرياضة

الرياضة أفضل من الدّروس

رشيد مصباح (فوزي)

…..

في نهاية سنة (1979) نظّمت ثانوية (محمود بن محمود) بقالمة أنشطة ثقافية ورياضية، وكنا نحن نزاول تعليمنا الثّانوي بمتوسّطة: (محمّد السّعيد الورتلاني)بسدراتة، باعتبارها ملحقة للثّانويّة -محمود بن محمود- المذكورة، نظرا لتعذّر استقبالنا من طرف ثانوية(ربّاحي نوّار) بسوق أهراس كما جرت العادة، وتبعد بمرّنين عن المسافة التي بيننا وبين بلديّة سدراتة. ربّما بسبب الاكتظاظ، أو لأسباب أخرى لم يكن بمقدورنا الاطّلاع عليها ومعرفتها في تلك الأيّام.

ولأنّني كنت من بين التلاميذ الذين لم تكن لديهم رغبة في مزاولة التّعليم و الحضور المتواصل، الذين يفضّلون حصّة الرّياضة عن بقية الحصص، فلم أفوّت الفرصة للمشاركة وترشيح نفسي، وحصلتُ على مكان بين المشاركين في تلك الدّورة التي أشرفت عليها مديرية التربية لولاية قالمة، وشاركنا فيها برغبة الفوز. نسيتُ الكثير من الأشياء، ومنهم النّتيجة، ولم أنسَ شعوري بالفرحة وأنا أرتدي الزّي النّيلي للبدلة، المتمثّلة في قميص وشورت قصير. التي شاركتُ بها في مباراة كرة اليد التي جمعتنا بفريق إحدى الثّانويات.

كانت حصّة الريّاضة بمثابة جرعة أكسجين بالنسبة لي، و لبعض التلاميذ الذين يجدون فيها فرصة للتخلّص من “معاناة” الجلوس والانتباه للدّروس أكثر من ساعتين ونصف السّاعة، وثلاث ساعات وأحيانا أربع… التي لا تعرف نهايتها إلاّ بسماع الأجراس أو بقدوم العطل. وترانا حين سماع صوت الجرس، كيف نفرّ من القاعّة ّ؛ فرار الخروف بجلده من المسلخ. ذلك لأنّنا لانجد حريّتنا ومتعتنا إلاّ في مثل هذه السّاعة مع أستاذ المادّة الريّاضيّة، الظّريف الذي نتجاوز معه كل القواعد و”البروتوكولات” المفروضة علينا داخل الثانويّة. ثمّ هي فرصة لمن يريد الفقز فوق صور الثّانويّة والفرار إلى الخارج للتزوّد بالسّجائر، أو إلى المقاهي المجاورة، أو إلى أيّ مكان آخر يرغبُ فيه، ثمّ يعود وكأنّ شيئا لم يحدث؛ أليس في هذا متعة؟

كل شيء قد تغيّر في أيّامنا هذه، حتى السّجون؛ السّجن لم يعد سجنا في البلاد الاسكندنافية!؟

إلاّ في بلدان مثل بلداننا؛ كل شيء فيها صار عبارة عن سجن؟!

ولو أنّ المسؤولين على رأس القطاع العمومي، كالتّعليم والإدارة العمومية.. تخلّوا عن “البروتوكولات” القديمة؛ فلو أنّهم غيّروا قليلا من قواعد التركة القديمة؛ تركة “متشنّجة” عفا عنها الزّمن ولم يعد بمقدورها منافسة ولا حتّى مسايرة النّظم الانجلوسكسونية. تركة يعاني أصحابها من”الإمساك المزمن الحاد”☆، لكنّهم على الرّغم من ذلك يتشبّثون بها، خوفا ربما على مصيرهم و أنفسهم من التّهميش و التقاعد المبكّر. فقد أثبت هذا النّظام مع الأيّام عدم كفاءته، بينما تتلخّص المعضلة كلّها في “رسكلة” جادّة ترفع المستوى.

ضائعٌ بين أقرانه

الجزء الثّاني

(19)

………………………………

☆~ مع احترامي وتقديري للأساتذة الكرام والمربّين الأجلاّء وكل المنتمين لقطاعات النّظام البالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى