محمد عبد الكريم يوسف
الرزانة مظهر من مظاهر الوعي في الحياة والسلوك وهي عكس التسرع والتهور
ويمكن الوصول إليها بالتراكم المعرفي والتجارب والخبرات الحياتية . الرزانة في
مظهرها الأساسي هي أن نصبح أكثر وعيا في حياتنا اليومية وسلوكنا الاعتيادي
الذي نتعامل فيه مع الناس .
كيف نصبح أكثر وعيا في حياتنا اليومية :
إن توجيه القدرات الذهنية في الاهتمام والوعي والكينونة الحاضرة يمكن أن يجلب
للإنسان العديد من الفوائد للصحة النفسية والجسدية وينعكس على العلاقات الإنسانية
جملة وتفصيلا ومن بين الفوائد العديدة لممارسة التوقد الذهني يمكن أن يتوجه
الإنسان نحو :
الخروج من السلبية في الحياة التي تنجم عن الإجهاد اليومي أو الكثير من
الحالات المزاجية السيئة أو اجترار الهموم .
التعلم من الأخطاء التي نقترفها عند مقاربة تجاربنا اليومية .
تحديد الأعمال المجهدة التي قد تؤثر على حياتنا مستقبلا وتستنزف طاقاتنا
بحث تكون أقل طغيانا في المستقبل على حياتنا .
وعلى الرغم من وجود العديد من تمارين التوقد الذهني التي يمكننا ممارستها بشكل
منتظم ، فإن تعلم كيفية الحضور الحالي هو أيضًا طريقة للحياة. مع مرور الوقت
والممارسة ، يمكننا أن نتعلم أن نعيش حياة أكثر وعياً تسمح لنا بأن نصبح أكثر وعياً
بكل ما نفعله في الحياة .
يمكن أن يكون من الصعب في عالم اليوم المتسارع الخطى أن نتوقف وأن نكون
حاضرين ذهنيا طوال الوقت . رغم كل شيء ، هناك أشياء كثيرة تتنافس على
الاستحواذ على الاهتمام ، وهناك الكثير من الضغط الذي يأتينا من مهامنا
المتعددة.
ولكن ، إذا كان الإنسان عازمًا على أن يكون أكثر وعياً في حياته اليومية ، يمكنه أن
يعيش بتصميم أكبر وبسعادة أكبر.
تدرب على الطعام وذهنك متوقدا :
الطعام الطائش شائع في حياتنا اليومية فنحن نتناول الطعام أثناء الحديث على
الهاتف أو لغاية الاسترخاء العاطفي وهذا النوع من تناول الطعام يخلق لدينا مجموعة
لا متناهية من المشاكل مثل البدانة المفرطة واستهلاك الكثير من السكريات .
علينا أن نتدرب كيف نصبح أكثر وعيا في كيفية تغذية الجسم ومقاومة الرغبة في
عمل أشياء كثيرة ونحن نتناول الطعام . عندما نتناول الطعام علينا أن نفكر فقط في
تناول الطعام ليس إلا .
انتبه إلى كل قضمة تتناولها . امضغ طعامك جيدا ثم تذوقه بإحساس .
لاحظ إشارات جسدك عندما تكون ممتلئًا وانتبه أكثر لما هو موجود في داخل جوفك.
وعندما تصبح أكثر تعمدًا بشأن ما تأكله ، تكون مجهزًا بشكل أفضل للتركيز على
تغذية جسمك بالتغذية التي يحتاجها وتبتعد عن العشوائية .
كن متوقدا في ردود أفعالك :
عندما يتعامل المرء مع الشريك أو الأطفال أو الزملاء عليه أن يكون متوقدا وحذرا
عند إطلاق ردود أفعاله لأنها مهمة للغاية .
التوقد في ردود الأفعال يعني مراقبة السلوك الشخصي وما يفعله الآخر وإصدار رد
فعل رزين حكيم بحيث يصدر عن ذات واعية بعيدة عن التهور والغضب .
الانخراط في الأنشطة بوعي وتوقد :
هل واجهت مشكلة في تذكر ما إذا كنت قد غسلت شعرك بالفعل أثناء الاستحمام؟ أو
هل تنسى أحيانًا سبب دخولك إلى غرفة معينة؟ هل عدت في منتصف الطريق إلى
البيت معتقدا أنك نسيت أن تقفل الباب أو تطفئ الأنوار ؟ هذه علامات على أن لديك
الكثير من الأشياء التي تدور في ذهنك وأنت لا تدرك ذلك .
لحسن الحظ ، يمكن للإنسان تحسين هذا الوضع وهناك العديد من الفرص لممارسة
الانخراط في الأنشطة بوعي وتوقد طوال اليوم.
يمكن أن يكون المشي والبستنة وتناول الشوكولاتة أو المرطبات والقيام بالعديد من
الأنشطة الأخرى فرصة مناسبة لممارسة التوقد واليقظة الذهنية. عليك فقط أن
تؤدي هذه الأعمال بحس عال من اليقظة والوعي.
وهذا يتضمن التركيز على اللحظة الحالية ، والتكيف مع الأحاسيس الجسدية ،
والوعي الكامل بكل ما تفعله ، والتخلي عن أفكار المستقبل أو القلق بشأن الماضي.
خذ تنظيف المنزل كمثال . ابدأ بمشاهدة عملك في البيت كحدث إيجابي و تمرين على
فهم الذات وتخفيف التوتر أكثر من مجرد عمل روتيني . وأثناء التنظيف ، ركز على
ما تفعله وأنت تفعله ولا شيء آخر.
اشعر بالماء الدافئ والصابون على يديك أثناء غسل الأطباق ؛ جرب اهتزازات
المكنسة الكهربائية عند دفعها فوق الأرض ؛ استمتع بدفء الغسيل المنعش من
الغسالة، استمتع بالغسيل أثناء طيه ؛عندئذ تشعر بحرية كاملة لترك الأشياء غير
الضرورية جانبا .
هناك فرصة أخرى لممارسة اليقظة الذهنية في حياتك اليومية فعندما تستمع إلى
الموسيقى ، ركز على الصوت والاهتزاز لكل نغمة ، والمشاعر التي تثيرها
الموسيقى بداخلك ، والأحاسيس الأخرى التي تغمرك في الوقت الحالي.
ابحث طوال اليوم عن فرص لتكون أكثر وعياً سواء كنت تركب في مترو الأنفاق أو
تستحم في المسبح ، حاول أن تكون على دراية كاملة بما تفعله وما يحدث حولك.
عندما يتجول عقلك ، قم بتهنئة نفسك على الملاحظة وجذب انتباهك بلطف إلى
اللحظة الحالية.
توقف عن العمل أثناء النهار :
عندما تنتقل من نشاط إلى آخر على مدار اليوم ، قد يكون من الصعب أن تبقى
متيقظًا طوال النهار . يمكنك العودة إلى المسار الصحيح من خلال التوقف خلال
اليوم لممارسة بعض تمارين الذهن الأساسية.
قد يكون من المعتاد قضاء بضع دقائق في الانتباه في أوقات معينة من اليوم أثناء
الوجبات أو عندما تدخل إلى السيارة. أو يمكنك تحديد موعد لممارسة التأمل أو
اليوجا.
يمكنك أيضًا أن تؤصل لديك ممارسة التركيز على التنفس عندما تكون منزعجًا أو
قلقًا . يمكن أن يكون لتقنيات التنفس تأثير مهدئ وتساعدك على البقاء متماسكًا في
الوقت الحاضر.
استرخاء العضلات التدريجي تمرين آخر قد ممارسته على مدار اليوم . ببساطة ،
اعمل على شد وإرخاء العضلات ومع الممارسة ، ستتعلم التعرف عندما تشد أجزاء
معينة من جسمك.
كلمة أخيرة :
اليقظة والتوقد تتطلب الممارسة والجهد . لايمكن لأحد أن يجيدها عندما يبدأ لأول
مرة. من المحتمل أن يتعب العقل بشكل متكرر في المراحل الأولى .
ولكن ، مع الممارسة والصبر ، تتحسن الأمور و تدرك أنك تعيش حياة أكثر وعياً
وستكون حراً في الاستمتاع بالمزايا الرائعة لليقظة والتوقد والرزانة وستجد هناك
فرقا واضحا و انخفاضا في الضغط ، وتحسن في الصحة النفسية ، وعلاقات أفضل،
وسعادة كلية.