مجتمع

النسخة الأثقل منك ألقِها عنك!

إيرينى سمير حكيم النسخة الأثقل منك ألقِها عنك!

في رحلة الوجود لكل إنسانٍ على الأرض .. منذ الولادة حتى الموت .. تتوفر نُسَخ مختلفة منه .. تحمل في كل منها مكونات مختلفة .. لكل مرحلة من تطورات شَخصُه .. منها الإيجابيّ ومنها السلبيّ .. ومنها ما يحمل خليطاً من مكونات الإثنين معاً ..
والحقيقة أن هذا الخليط من الإيجابي والسلبي ..

هو المكوِّن الأساسي لشخصية الإنسان .. وهو أهم ما تتميز به النفس البشرية ..

ويبقى صراع الإنسان السوي مع ذاته .. كامناً في محاولاته لدفع السمات السلبية وسلوكياتها .. عن شخصيته وأفكاره وأفعاله .. بقدر ما استطاع ..

وفي دروب تلك الرحلة الإنسانية الفردية .. وفي ظل هذا الصراع بغموضه ووضوحه .. يجد الإنسان المُجدَد بالإيجابية دائماً .. صور نُسخهُ القديمة والمُستقبلية .. تتزاحم بحضورٍ دائم معاً في ذهنه .. بالنقاش الجدليّ بين أفكارها المتناقضة والمتطورة .. ومشاعرها المتضاربة وغير المتسِقة .. بين ما كان قيد الطفولة والرعونة والنضج والتطوير ..

وهذا النقاش الحيّ بين تلك الصور المختلفة .. لتطور الشخصيات المختلفة لنفس الشخص .. يخلِق غربَلَة عظيمة التنقية والتأثير .. حيث يُحقِق فرز عاليَّ الدقة للشوائب الشخصية .. وعزل النُسَخ الشخصية التي تستحق تهميشها .. واعتبارها إحدى حفريات النفس التي تُدرَس ولا تُستعمَل .. فتتحول من نطاق الفعل والممارسة إلى مساحة الخبرات .. باستخدامها في التعليم والإصلاح والتنظير ..

وهذا لا يحدُث إلا في نفس إنسان صادق مع نفسه .. وتوَّاق إلى التطور والتحرير من أغلال كل شوائب ذاتية تستحق السَحق .. ويسعى دوماً إلى التمسُك بالصور الصحيحة للأمور .. للمعاني .. للأفكار .. للمشاعر .. للمعتقدات .. للمعايير والمقاييس ..
الإنسان الذي لا يخشى الحقيقة .. ويسعى إليها بقلب طفل وعقل شخصٍ ناضج ..

الذي لا يأبَه للأثمان المُكلِفة لتلك الرحلة الصادقة ..

الذي يتصادَق مع صوره المتزنة .. من يتخلَص من صوره السقيمة ..

من يَعدِل في محبته لصوره الإيجابية والسلبية معاً .. ويدحَض سلبيات كليهما .. ويحتضن إيجابيات كليهما .. ويذهب نحو صوره المتطوِرة .. الجديدة بوعي ..

ولكي تكون خطواتك جدية في التقدم للأمام .. والسعي نحو التطور السليم .. لا تخلِق لنفسكَ عراقيل من سراب .. ولا تُقيد نفسِكَ الجديدة بنفسِكَ الأقدم .. ولا تحمل أوزار نفسِكَ الثقيلة القديمة .. على أكتاف نفسِكَ الجديدة .. ألأكثر وعياً ونضجاً وشباباً .. وتجعلها تخطو ببطء بروح كُهولية سقيمة ..

لذا!
نُسختك الأثقل منك ألقِها عنك! .. لا تحملها وتمشي ..

لست مُضطراً على الاحتفاظ بها .. لست مُجبراً على تحَمُل متطلبات بقائِها ..

ألقِها .. وتخلَص منها على الفور ..

وأترك مساحة لنسختك الأفضل منك أن تنمو بداخلِك .. أترك لها مساحة في طاقتك .. وقدرة أكتافِكَ على حملَهَا! ..
أعبُر وأنت متسق مع احتياجاتِكَ .. وأنت راضٍ عن قراراتكَ ..

تخلَّى عن نسختك القديمة .. تخلى عنها وأنت الفائز بنتائج ما يحمله الجديد من نسختكَ الجديدة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى