الخليفة المستعين بالله!!
د. صادق السامرائي
أبو العباس أحمد بن المعتصم بن الرشيد ، وهو أخو المتوكل (221 – 252) هجرية، ومدة حكمه (248 – 252) هجرية، تولى الخلافة في عمر (28) وقتل في عمر (31)، أمه أم ولد إسمها مخارق.
كان مليحا، أبيضا، بوجهه أثر جدري، وهو ألثغ.
جاء الأتراك به وبايعوه بعد المنتصر بالله، فهو إبن أستاذهم المعتصم، وصار كالدمية في أيديهم حتى قيل:
” خليفة في قفص.. بين وصيف وبغا، يقول ما قالا له.. كما تقول الببغا”
ولما تنكر له الأتراك خاف، فهرب من سامراء إلى بغداد، وحاولوا إستدراجه بالرجوع فأبى، فقصدوا حبسه، وأخرجوا المعتز بالله من الحبس وبايعوه، وجرت حرب بين سامراء وبغداد إنتهت بخلع المستعين بالله، وبقي محبوسا لتسعة أشهر، ثم جيئ به إلى سامراء ليذبح فيها بأمر من إبن أخيه المعتز بالله.
الملاحظ أنه ضعيف وبلا خبرة في القيادة والحكم، وإرتضى لنفسه دور الدمية، وأن يكون لعبة بأيدي القواد الأتراك المتنفذين، وما أوجد له سندا من أبناء إخوته وعمومته، بل إستشرى وأبقى أولاد أخيه في السجن، وعندما وجد نفسه وحيدا ومهددا هرب إلى بغداد من سطوة الأتراك، وما نجا بل ذبحوه شر ذبحة بعد أن عذبوه بشراسة.
وفي وقته كان القائدان التركيان وصيف وبغا يصولان ويجولان ولا يملك أمرا أمامهما، وإرتضى أن يكون خليفة على هذه الحال حتى إقترب أوان الخلاص منه.
فلماذا قبل بالخلافة؟
والأصح لماذا إرتضى أن يكون أسيرا بصفة خليفة؟
من الصعب الإجابة على هذا السؤال، فقد يكون مجبرا أو مهددا بالقتل إن لم يقبل، أو أنها النوازع الكامنة فيه التي تدفعه إلى القبول بهذا المنصب الرفيع، وبأساليب مسرحية تسمى المبايعة.
فهو خانع مستعبَّد وقَبِل بدوْر المطية للقواد الأتراك، ولهذا لم يتمكن من إنجاز شيئ ما، بل أمضى الوقت خائفا لائذا من سطوتهم، وقلقا على مصيره من نواياهم، ويبدو أن القلق والهلع قد تمكنا منه، حتى هرب منهما، ولكنه وقع بالفخ الذي أرادوه له.
وكأنه في إقامة جبرية وإملاءات تتلى عليه، وقرارات تصدر بإسمه دون علمه، ولا يستطيع أن يتصرف ويدافع عن نفسه، ويصون الخلافة من تطاولاتهم وتجاوزاتهم، وما أن حاول فعل شيئ حتى هبوا بوجهه وقرروا خلعه وإنزال العقاب فيه.
د. صادق السامرائي