الحقيبة

في روايته “الحقيبة” يكتب الروائي السوري الدكتور عيسى درويش تاريخ سورية الحديث وفق رؤيته الفنية الخاصة. ويرصد التحوّلات الكبيرة التي حصلت في مكان معيّن وفي زمان محدّد، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتدور رؤيته حول تحوّلات الأشخاص في زمن التحوّلات السياسية للكشف عن هوياتهم الحقيقية، إذ تغطي الرواية بدايات فترة الانقلاب الذي أدى إلى سقوط نظام الانفصال ومجيء الوحدويين والقوميين إلى السلطة، وتمتد حتى فترة اندلاع الحرب على العراق في العام 2003، ومن هنا تأتي أهميتها وخاصة أنها تَصدر اليوم في ظلّ محاولة الدول الكبرى إخضاع القضية السورية لتجاذبات محليّة وإقليميّة ودوليّة، وسورية ما تزال حرة، صامدة، مستقلة، في وجه أعداء السلام، هذا الواقع جاء كأحد المبررات لخلق نص روائي سوري بامتياز.
تقوم الرواية على راوٍ يقص علينا الأحداث من جهة وعلى شخصيات تتحاور فيما بينها، لتعرفنا على طبائعها وعلاقات بعضها ببعض، فيرسل الروائي الكلام إرسالاً على لسان شخصياته مُحمَّلاً بمختلف المهام؛ ويُحدد فيها طبيعة العلاقة بين المتحاورين والتي غالباً ما تتسم بالكثير من التحوُّطِ والمحاذرة؛ لأنه حوار قائم على المخاطرة، والتوجس من الإيذاء أو سوء الفهم، كونه يجري في مرحلة كانت تشكّل منعطفاً حاسماً في تاريخ البلاد فيها الكثير من الغموض حول مستقبل الوطن. ويفعل الروائي ذلك من خلال تتبع حياة طبيب سوري، عاشق لمهنته، ومحبّ لعائلته، ومخلص لوطنه، رفض إغراءات الخارج بالعمل، وفضّل البقاء في وطنّه، ولكن وجود ثلة من الفاسدين في حياته، جعلت مساره منحرفاً عن هدفه الأصلي؛ ليذهب ضحية تشابك مصالح بعض رجال الدولة الفاسدين مع التجار الجشعين؛ الذين يتوجهون للإثراء غير المشروع على حساب الطبقات الفقيرة والكادحة.
“الحقيبة” رواية عن الوطن، ومحاولة لتفكيك علاقة الفرد بالنخبة، تطرح قضايا، وتبلسم الجراح؛ تُعلمنا أن القلم لا بدّ وأن يُحدث أثراً، وأن الشخصيات الورقية، بكل أبطالها، وأطيافها، وبمختلف أيديولوجياتها، تسجل موقفاً أكثر منطقية من الشخصيات الحقيقية. وهي أيضاً ليست ذكريات الروائي عن الماضي، بل استعادة إبداعية لحالة كانت قائمة ولا بدّ من تناول تأثيراتها لأهميتها.
المؤلف: الدكتور عيسى درويش
شاعر وكاتب وأديب، عمل في الحقل العام سفيراً للجمهورية العربية السورية في كل من الكويت ومصر والجزائر ومندوباً لدى جامعة الدول العربية ومعاوناً لوزير الخارجية. خلال عمله في السلك الدبلوماسي ما بين 1980 وعام 2006… وقبل ذلك تقلّب في مناصب اقتصادية وإدارية وسياسية حيث كان أول وزيراً للنفط والثروة المعدنية بين عام 1976 وعام 1980.. تقاعد في عام 2006 ليتفرغ للكتابة الأدبية والأبحاث السياسية… والمؤلف هو عضو في اتحاد الكتاب العرب وله العديد من الدراسات السياسية والأبحاث الفكرية المنشورة في المجلات السورية والعربية.. وله العديد من المؤلفات المطبوعة في الرواية والقصة القصيرة والشعر.. وكذلك في الاقتصاد.. وبلغت مؤلفاته المطبوعة أكثر من خمسة عشر كتاباً في شتى المجالات.. كتب حول أدبه وشعره العديد من الدراسات النقدية في القاهرة ودمشق وقدم لدواوينه الشعرية شعراء كبار منهم.. فاروق شوشة من مصر ومحمد الفيتوري من السودان وحسن عبد الله القرشي من السعودية، كما كتب عنه في الصحف المصرية الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد وحسن فتح الباب من مصر وإبراهيم الفقيه من ليبيا…
تأليف: د. عيسى درويش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى