الحركى من منظور فكري
معمر حبار
الحركى الجدد من أتباع شيوخ، وسلاطين المملكة السّعودية لايؤمنون بالجزائر، ولا المجتمع الجزائري، ولا العرب، ولا الأمّة الإسلامية.
ولا يؤمنون بخلاف في الفهم بين أسيادنا الصحابة، والأئمّة الأربعة، وغيرهم من أسيادنا الأئمّة في مسائل كثيرة متعدّدة كانت، وما زالت، وستظلّ قائمة.
جعلوا من شيوخهم آلهة تعبد، وألغوا جميع الأراء النيّرة، وحاربوا كلّ رأي وجيه، وأبقوا على الرأي الواحد ليزيلوا به الأمّة الواحدة.
حرّضوا الأبناء الصغار في المدارس على عدم حضور الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وعاشوراء، والإسراء والمعراج، وغزوة بدر، وفتح مكة، ومنعوهم من أكل الطعام والشراب الذي يقدّم في أيّام الله تعالى، ومنعوهم من القيام لأساتذتهم وأسيادهم من الكبار. وحرّضوا الكبار والصغار على إهانة النشيد النشيد الوطني، فأمسى الصغير والكبير لايعرف قدر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولا مكانة الجزائر، ولا العرب، ولا المسلمين.
أخرجوا أسيادنا الأشاعرة من الجنة واحتكروها لأنفسهم، وحاربوا أسيادنا الصوفية الذين حاربوا الاستدمار الفرنسي، لأنّ كلّ القادة يومها أصحاب زوايا من أمثال سيّدنا الأمير عبد القادر رحمة الله ورضوان الله عليه.
لايعترفون بأمر مختلف فيه يتطلّب تعدّد الاجتهادات، ولذلك أخرجوا الأمّة من الملّة، وبما ليس فيها كلأجل: السدل، والقنوت، والمسح على الجوربين، والدعاء عقب الصلاة، والسبحة، وصدق الله العظيم، وقراءة القرآن الكريم جماعة وبصوت واحد، وعصا الخطيب، وجلسة الاستراحة، والصلاة في المقبرة، المحراب، والمنبر، والبردة، وغيرها كثير لايراد له عنوة أن ينقطع.
استعملوا التقية للسّيطرة على المناصب، والاستحواذ على المجتمع. فهذا يأمر أتباعه بالصمت أثناء أداء القنوت في صلاة الصبح حفاظا على وظيفته، ولكي يظهر أمام الشؤون الدينية أنّه ملتزم بما تقرّه الجزائر.
يمضون على تعهد حين يتخرّجون من المعاهد، بالالتزام بما تقرّره الدولة، وعلماء الأمّة أثناء تأدية مهامهم، وبمجرّد مايتم تنصيبهم، يتنكّرون لكلّ ماأمضوا عليه، ويخونون الأمانة، ويتحوّلون إلى مبغض وحاقد على كلّ أصيل عريق، ويمسون سفراء دون تعيين للملكة السّعودية بالجزائر، ويرمون ماتعلّموه في المعاهد ظهريا.
مناقشة الآخر، والأخذ عنه، والتغافل عن بعض أخطائه، وستر بعض هفواته، وتجاوز عن بعض شتائمه، والتقرّب إليه يكون مع شخص يعترف بالدولة والمجتمع، ويقرّ بالآخر، ويعترف بجذور أمّته، ويذكر محاسن الكبار، ويشيد بعظمة أسيادنا الأئمة، ويوصي بقراءة والأخذ عنهم.
مايجب معرفته، أنّ هناك فقه الدولة والمجتمع الذي يفرض على الدولة والمجتمع، وبما يحفظ أمن وسلامة واستقرار الدولة والمجتمع. وتبقى مساحة الاختلاف، والاجتهادات قائمة، وتبادل الآراء داخل المجالس العلمية، وما بين المتخصّصين، وفيما يضمن سلامة واستقرار وأمن الدولة والمجتمع.
تمنع المملكة السّعودية على الأئمة بالقراءة في الصلوات بقراءة سيّدنا ورش، وتجبرهم على القراءة بقراءة سيّدنا حفص، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا.وهذا هو فقه الدولة والمجتمع لأنّه يوحد، ويجمع ويضمن أمن، وسلامة، واستقرار أمن وسلامة الدولة والمجتمع. وفي الوقت نفسه، يبقى الاعتراف بعظمة وفضائل أسيادنا القرّاء الآخرين، ودراستهم، والأخذ عنهم، واحترامهم، وتوقيرهم.
فقه الدولة والمجتمع، يتطلب فرض رأي واحد، والالتفاف حوله، والانقياد له لأنّه أضمن لوحدة الدولة والمجتمع، وسلامته، وأمنه، واستقراره.
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار