ثقافة

تربِيَةُ الذائِقَةِ الجماليَّةِ

زعيم الخيرالله

فُطِرَ الانسانُ على عِشْقِ الجَمالِ وَكَراهيةِ القبحِ، ولكن للاسف رُبِّيَ انسانُنا على أَنْ يَرى القبحَ جمالاً والجمالَ قبحاً ، من خلالِ الافكارِ المُتَطَرِفَةِ التي يُغَذيها تَأريخٌ من الدَمِ والقتلِ والاحقادِ والصراعاتِ والحروبِ والفتن. كُلُّ هذا القبح يغذيهُ كتابُ الفتنة وخطباء السوء ، الذينَ يثيرونَ  الفتنة ويغذّون الاحقاد ، وينشرونَ القتلَ والرُّعبَ .

 مردُّ ذلكَ كلِّهِ-في نظري- ، الى فقدانِ الذائقةِ الجماليَّةِ . والاّ كيف يمارسُ التّكفيريُّ هذا الاجرامَ من قطعِ الرؤوس ، وتكميم الافواه ، وسبي النساء ، بدمٍ باردٍ . لو كان هذا التكفيريُّ يتذوق الجمال ، ولهُ ذائقةٌ تُمَيِّزُ الجميلَ من القبيح ، لما ارتكب كلَّ هذا القبح . الذائقةُ الجماليَّةُ عند هذه الاجيالِ التكفيرية ارتكست ومسخت بحيث صار يرى أن مايمارسهُ هو الجمال بعينهِ ، ومايراهُ الاخرون قبحاً هو الجمالُ بعينهِ .

 وعليه؛ اذا كنّا حريصين على انقاذ اجيالنا وشبابنا ومجتمعنا من هذا القبحِ الذي استطالَ شرُّهُ على ظهرِ هذا الكوكب؛ علينا أنْ نضعَ مناهجَ جديدة تشحذ الذائقةَ الجماليّةَ ، وتعيد لهذا الشاب فطرتَهُ العاشقة للجمال بعد أن مسَخَها الافاقون. وَأعتقدُ أَنَّ كتاب “المراجعات” الذي كان حواراً رائعاً مفعماً بكل ماهو جميل، هو أفضل مقرر دراسيٍّ يقدم لهذا الجيل . الكتاب كان حواراً رائعاً كتب باسلوبٍ أدبيٍّ أَخاذٍ ، وتضمن هذا الحوار أدبٌ جمٌّ ، في عباراتهِ وكلماته التي تفوحُ منها رائحةُ الحب والمودة ، بلا شتائم ولاسباب ، كما نراها اليوم على الفضائيات التي تفوح منها رائحة الحقد والكراهية . والحوار كان بين علمين كبيرين ، من علماء المسلمين ، السيد عبدالحسين شرف الدين ، احد كبار علماء الشيعة ، والشيخ سليم البشري شيخ الازهر ، العالم السني الكبير . هذا الكتاب يجب ان يدرس لاعادة الذائقة الجمالية لشبابنا الذي افترسته الحركات التكفيرية وملأت قلبه وعقله بكل ماهو قبيح . لو اصبح الجمالُ قيمةً ساميّةً تدرس في مراحل الدراسة لانشأنا جيلاً يمتلك ذوقاً جمالياً سليماً يصعب اختراقهُ ولحمينا هذا الجيل من كل ماهو قبيح ، ولحصّناه بالجمال من اختراق الافاكين والمتطرفين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى